كشف مركز شفافية للدراسات المجتمعية والتدريب الإنمائي عن تلقيه شكاوي من أهالي معتقلي أحداث وزارة الداخلية في 29 يونيو الماضي، والتي نتج عنها اعتقال نحو 33 شخصاً وترحيلهم إلى السجن الحربي بعد تلقيهم وصلة تعذيب على أيدي رجال الشرطة المصرية، كما أكد ذويهم أن بعضهم نالها داخل مقر وزارة الداخلية فور اعتقالهم مباشرة . ووفقاً لأسرة محمود عبد العزيز عامر - خريج كلية الإعلام - 28 سنة، فقد جرى اعتقاله ومعه 33 شخصاً صباح يوم 29 يونيو أمام وزارة الداخلية، أثناء تواجده لتصوير أحداث مظاهرات أهالي الشهداء، الذين تظاهروا أمام الوزارة وماسبيرو في أعقاب أحداث الهجوم على مسرح البالون، للمطالبة بمحاكمات عاجلة للضباط قتلة المتظاهرين أثناء الثورة . وكانت لمحمود ورفاقه المعتقلين مشاركات سلمية فاعلة في الثورة بميدان التحرير تمثلت في اعتصامات وإضرابات، فضلاً عن أنه "أي محمود" أحد مؤسسي حركة عرب التحرير التي ظهرت وسط ثورة 25 يناير ومدير الصفحة الرسمية للحركة على موقع فيس بوك، وكان مشهد اختطافه أمام الوزارة رداً على قيامه برصد انتهاكات حقوق أهالي الشهداء المتظاهرين أمامها.
حيث تم القبض عليه من شارع محمد محمود أثناء قيامه بالتصوير وإرسال الأخبار إلى الصفحة الخاصة به على فيس بوك، حيث تم اختطافه وتكسير تليفونه المحمول وترحيله في سيارة أمنية مع عدد من المعتقلين إلى السجن الحربي، ومنه إلى النيابة العسكرية التي أمرت في الحال بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيق . وأكد مركز شفافية أن شقيقته مريم " تم الاعتداء عليه في مقر وزارة الداخلية، وشاهدت والدته علامات تعذيب على جسده أثناء زيارتها له بعد 5 أيام من اعتقاله، أما في السجن الحربي بدت المعاملة عادية في البداية له ورفاقه، إلا أنه منذ أيام جرى نقلهم إلى زنزانة أخرى داخل نفس السجن وإتباع معاملة سيئة معهم، بعد أمر النيابة تجديد حبسهم أمس لمدة 15 يوما أخرى ". وتضيف مريم "سألت والدتي رئيس النيابة عن أسباب تجديد حبسهم وعدم إخلاء سبيلهم كما جرى مع أصحاب قضية مسرح البالون الذين خرج محمود ورفاقه مع متظاهري التحرير لمناصرتهم، فرد بقوله ( علشان مصلحتهم أفضل من البهدلة والمحاكمة العاجلة لهم )، متجاهلاً ومتهكماً على تعجبها من الإبقاء على شباب متعلم ومثقف بين مرتادي السجون والمسجلين خطر " .
وأضاف المركز أنه يجري تجديد حبس محمود ورفاقه دورياً في القضية رقم 699 لسنة 2011 جنايات شرق عسكرية، دون دواع قانونية أو أمنية سوي أنهم نشطاء في الدفاع عن مطالب الثورة وقضايا أهالي الثوار الذين يطالبون بالثأر لذويهم من ضباط قتلة مارسوا القنص في أحداث 28 يناير وما واكبها، في الوقت الذي تجددت فيه مظاهرات شعبية مطالبة المجلس العسكري بسرعة تحقيق مطالب الثورة في محاكمات عادلة وعاجلة لقتلة الثوار وإصلاح وزارة الداخلية وأجهزة الأمن وتقديم المتهمين في قضايا فساد إلى المحاكمات، وهي المطالب التي ردت عليها قوى غير أساسية في الدعوة للثورة أو المشاركة الفاعلة منذ البداية فيها، بتكفير المتعصمين في ميدان التحرير وصولاً إلى الدعوة لقتلهم ومواجهتهم بالعنف، لتظهر مجددا عصابات مسلحة واجهت المتظاهرين والثوار بالأسلحة أثناء اتجاههم إلي مقر المجلس العسكري في مظاهرة سلمية. وأشار المركز إلى المبدأ الأول من مجموعة مبادئ حماية الأشخاص المحتجزين أو المسجونين والذي ينص على " يعامل جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الشخص الإنساني الأصيلة"، وهي المبادئ التي أوضحها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/173 في 9 ديسمبر 1988 . أما القواعد النموذجية الدنيا التي أوصي بها مؤتمر الأممالمتحدة لمنع الجريمة في جينيف 1955 وأقرها المجلس الاقتصادي الاجتماعي في اجتماعيه يوليو 1957 ومايو 1977، فتشير فيما يتعلق بشأن الموقوفين والمحتجزين رهن المحاكمة إلى أنه " يفترض في المتهم أنه برئ ويعامل على هذا الأساس دون المساس بالقواعد القانونية المتعلقة بحماية الحرية الفردية أو التي تنص على الإجراءات الواجبة الإتباع إزاء المتهمين، يجب أن يتمتع هؤلاء بنظام معاملة خاص ... " . كما تشير المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي صدقت عليها مصر ونسخت تشريعاتها الداخلية منذ العام 1988 ، إلي " تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي "، كما أنه " لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت، سواء كانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب"، " وأنه لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب" . وطالب مركز شفافية النائب العام المصري عبدالمجيد محمود بصفته رأس النيابة العامة بتفعيل صلاحياته في الرقابة والتفتيش على السجون كافة ومقار الاحتجاز التي ينزلها مدنيون على الأخص في تلك الظروف الصعبة من تاريخ مصر، للوقوف على أسباب احتجاز شباب ثورة 25 يناير ومناصري ضحاياها وشهدائها وغيرهم من المحتجزين، وفتح تحقيق موسع حول وقائع الاعتداء عليهم أو تعريضهم للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية والتي تحط بالكرامة، وإحالة المصابين منهم جسدياً أو نفسياً إلى لجان مستقلة من خبراء الطب الشرعي للوقوف علي حالاتهم الصحية، وتقديم المسئولين المتورطين في تعذيبهم أو الأمر بانتهاك حقوقهم إلى التحقيق والمحاكمة . كما طالب المركز النائب العام إصدار قرار بإبعاد المدنيين عن السجون الحربية، وإخلاء سبيل مجموعات الشباب المحتجزين علي خلفية مطالب واعتصامات ومظاهرات ذات صلة بمطالب الثورة، إعمالا لحق التظاهر السلمي المقر في المواثيق الدولية وأبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والتي لا يجوز تجاهلهما في ظروف داخلية ملتبسة تصبح فيها القوانين الاستثنائية سيد الموقف . " وكالة انباء مصر"