من المدن المقدّسة شديدة القدسيّة والأهميّة في الديانة الإسلامية، فهي المدينة التي عاش فيها الرسول الأعظم بعدما هاجر إليها من موطنه الأصلي مكةالمكرمة. من هنا فالمدينةالمنورة هي دار الهجرة، وهي المنطقة التي لا يملك أي أحد من المسلمين إلا أن يحبها، فبمجرد أن تهب نسائمها ويقترب الإنسان منها، ينشرح صدره ويرتاح، فكل ما فيها طيّب، فهي طيّبة الطيبة، أرضها طيّبة، سماؤها طيبة، مسجدها طيّب، مقبرتها طيّبة، جبالها طيّبة، حجارتها طيّبة، أهلها طيبون، فما اجتمع لهذه المدينة من الصفات الحسنة لم يجتمع لغيرها البتّة. تقع المدينةالمنورة في الدولة المعروفة حالياً باسم السعودية والتي تقع على شبه الجزيرة العربيّة التاريخيّة، وكما هو معلوم فقد كانت الجزيرة العربيّة مقسّمة من قِّبل المؤرخين المسلمين إلى العديد من الأقاليم من أبرزها إقليم الحجاز، وإقليم الحجاز هو الذي يحتضن هذه الأرض الطيّبة والمدينة الطيّبة. تحديداً تقع المدينةالمنورة على بعد 400 كيلو متراً تقريباً من مكةالمكرمة، وفي الجهة الشماليّة الشرقيّة منها، كما وتبعد حوالي 150 كيلو متراً عن البحر الأحمر الذي يفصل ما بين القارة الإفريقيّة وشبه الجزيرة العربيّة. وهي قريبة جداً من الميناء المسمّى بميناء ينبع. عرفت المدينةالمنورة في القدم باسم يثرب، وهذا الاسم ورد في القرآن الكريم، فقد قال تعالى: " وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا "، أمّا سبب تسميتها بالمدينةالمنورة، فكان بسبب هجرة الرسول الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم – إليها وتنويره لها، ومن هنا جاءت هذه التسمية. يعود تاريخ المدينةالمنورة إلى حوالي 1500 عاماً قبل هجرة المصطفى – صلى الله عليه وسلم -. تضم المدينةالمنورة على أرضها العديد من المساجد والتي تعد من أوائل المساجد بناءً منذ بعثة الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم -، وهذه المساجد هي المسجد النبوي الشريف، ومسجد قباء ومسجد القبلتين ومسجد العنبريّة، ومسجد الفتح، مسجد علي بن أبي طالب، ومسجد ذو حليفة. ولكل مسجد من هذه المساجد قصّته الخاصّة التي كانت سبباً في بنائه، إلا أنّ أكثرها فضلاً على الإطلاق هو المسجد النبوي فهو الذي يعد صاني أفضل المساجد في الإسلام بعد المسجد الحرام وهو الي يضم قبر الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وقبر الصديق وقبر الفاروق. كانت المدينةالمنورة عاصمة الدولة الإسلاميّة في عهد الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم - وفي فترة الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان إلا أنّ مقر الخلافة انتقل من المدينةالمنورة إلى الكوفة لأسباب سياسيّة وذلك في عصر الخليفة الإمام علي، وبعد استشهاده – عليه السلام -، نُقل مركز الخلافة إلى مدينة دمشق في عهد معاوية.