منها فاتورة الأجور وخريطة الدعم ونسبة العجز ■ نسبة العجز وصلت إلى 319 مليار جنيه.. وقرار الحسم فى يد لجنة «الخطة والموازنة» ■ خفض مخصصات المنح والمزايا الاجتماعية عن العام الماضى ب 30 مليار جنيه قبل انقضاء المهلة التى حددها الدستور للحكومة للانتهاء من الموازنة الجديدة، ثم إرسالها إلى البرلمان قبل 90 يوماً من بداية العام المالى الجديد الذى سيبدأ مطلع يوليو، أحال الرئيس السيسى موازنة 2016/2017 إلى مجلس النواب تمهيداً لإقرارها من قبله، لتكون هى أول موازنة يقرها البرلمان منذ سنوات. تتضمن الموازنة بعض الإحصائيات التى تعكس توجهات إنفاق الدولة على احتياجات المواطنين والالتزام بنصوص الدستور، وحسب القانون يرتبط عرض مشروع الموازنة بعدد من الإجراءات وفقا لنصوص اللائحة الداخلية للبرلمان، حيث يتم النظر فى مشروع الموازنة من خلال لجنة «الخطة والموازنة» بعد إحالتها من قبل رئيس المجلس. المادة «130» والمواد التالية لها فى لائحة مجلس النواب تنظم عملية مناقشة مشروعات قوانين الخطة والموازنة فى المجلس، وبعد أن ينتهى البرلمان من الاقتراع بالموافقة على مشروع الموازنة، يصدر مايسمى بقانون «ربط الموازنة» وفيه يتم تحديد الرقم الإجمالى للإيرادات والنفقات العامة. وتتوقف مناقشة البرلمان للموازنة الجديدة التى قدمتها الحكومة على إقرار الرئيس للائحة الداخلية لمجلس النواب، ومن ثم إجراء انتخابات اللجان النوعية الدائمة، حيث ستكون الموازنة فى مقدمة الموضوعات التى ينظرها المجلس عقب الانتهاء من مناقشة برنامج الحكومة. الموازنة الجديدة تحتوى على بعض البنود المثيرة للجدل، التى ستقحم الحكومة فى ورطة مع البرلمان، فى مقدمتها عملية اعتماد «موازنة البرامج»، فمن المقرر أن يطالب البرلمان الحكومة بضرورة اعتمادها حتى يمكن فرض رقابة قوية على تنفيذ المشروعات التى أعلن عنها فى برنامج الحكومة، بحيث تحدد التكاليف والعوائد المتوقعة لكل جهة ومشروع مع تحديد مصادر التمويل. ولم تطبق الحكومة «موازنة البرامج» التى أعلنت عنها وزارة المالية فى منشور إعداد الموازنة العامة على وزارات الصحة، التربية والتعليم، التعليم العالى، البحث العلمى، الإسكان، التضامن الاجتماعى، الاتصالات، النقل، ولكنها مازالت تعتمد موازنة البنود. ولا تستطيع الحكومة تطبيق موازنة البرامج بدون تغيير هيكل الموازنة، بحيث تتضمن الأهداف الاستراتيجية للدولة والأموال المخصصة لتحقيق هذه الأهداف سواء كانت طويلة أو قصيرة الأجل، وتتضمن معلومات الأداء التى يتم على أساسها تقييم الوزارات. وبالرغم من نجاح الحكومة فى زيادة حجم الإيرادات بنسبة 20.5% بحيث ارتفعت إلى 631 مليار جنيه من بينها 433 مليار إيرادات ضريبية، إلا أن هناك زيادة بنسبة 12.9% فى المصروفات العامة، حيث بلغت 936 مليار جنيه فى وقت لجأت فيه الحكومة لمحاولات جادة لترشيد الإنفاق. وتشكل «فاتورة الأجور» نقطة أخرى حيث بلغت نحو 228 مليار جنيه من إجمالى المصروفات وهى فاتورة ضخمة وارتفعت من 218 مليار جنيه بمعدل 4.6% وهى زيادة اسمية ولا ترتفع كقيمة وقوة شرائية بل تجسد أثر التضخم. بينما حاولت الحكومة عمل تغيير كبير فى «خريطة الدعم» هذا العام ضمن خططها للإصلاح، حيث بلغت فاتورته 201 مليار جنيه للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بعد خفضها من 231 مليارا بموازنة العام المالى الحالى بمقدار 30 مليار جنيه، حيث شهدت مخصصات دعم المواد البترولية أكبر تراجع فى تاريخها عن الموازنات السابقة، بحيث هبط حجم دعم البترول من 61.7 مليار إلى 35 مليار جنيه، وذلك فى إطار خطة الحكومة لتحرير أسعار المواد البترولية خلال خمسة أعوام. أما دعم السلع التموينية فارتفعت مخصصاته إلى 42 مليارا مقابل 38 مليار جنيه فى الموازنة الحالية، وذلك لاستكمال منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية التى تدخل حيز التطبيق الكامل على مستوى محافظات الجمهورية، ويبلغ دعم المحاصيل الاستراتيجية 4.7 مليار جنيه. نقطة أخرى ستثير الجدل بين الحكومة والبرلمان عند مناقشة مشروع «الموازنة»، تتعلق بعدم التزام الحكومة فى الموازنة بتخصيص 10% من الناتج القومى الإجمالى للإنفاق على وزارات الصحة، التربية والتعليم، التعليم العالى، البحث العلمى، وفقا للالتزام الدستورى فى مواد 18 و19 و21 و23 و238، وذلك لصعوبة تحقيق النص فى ظل الارتفاع الكبير فى عجز الموازنة. ووفقا لنصوص الدستور فإن الحكومة ملتزمة بتخصيص نسب من الناتج القومى الإجمالى بواقع 3% للصحة، و4% للتربية والتعليم، و2% للتعليم العالى، و1% للبحث العلمى، حيث ألزمت النصوص الدستورية الدولة بتخصيص الحد الأدنى لمعدلات الإنفاق الحكومى لتلك القطاعات تدريجياً اعتباراً من تاريخ العمل به، على أن يتم الالتزام به كاملاً فى موازنة الدولة للسنة المالية 2016/2017. وبالرغم من تأكيد الخبراء على صعوبة وفاء الحكومة بتلك النصوص الدستورية، فإن كثيرا من النواب يتمسكون بها على اعتبار أن تلك القطاعات تمثل أهم الأولويات للمواطنين، وأن الدولة ملزمة بها، بينما يرى آخرون أن الوضع الاقتصادى يحتاج إلى مرونة، وأن هذه النصوص الدستورية تمثل التزاما سياسيا وليس قانونيا ويمكن التغاضى عنها لحين تحسن الأوضاع. من ناحية أخرى، تستهدف الحكومة 433 ملياراً إيرادات ضريبية مقارنة ب 422 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الحالى، أى ترغب فى تحقيق زيادة 10 مليارات جنيه فقط تشملها ضريبة «القيمة المضافة» التى يرى الخبراء أن العائد منها هو نفس العائد من ضريبة «المبيعات» وإنها ستتسبب فى رفع الأسعار وزيادة معدل التضخم، بالإضافة إلى أن الحكومة لم تتخذ أى إجراءات إصلاحية هيكلية لزيادة الإيرادات الضريبية سواء فى المعدل أو طريقة التحصيل. معظم الإيرادات تعتمد بشكل أساسى على المواطنين متوسطى ومحدودى الدخل من خلال ضريبة المرتبات والدمغة، بينما تتدنى حصيلة الضريبة العقارية كما تم إعفاء رجال الأعمال من ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة بعد تأجيل الحكومة لها، بالإضافة إلى ارتفاع حجم التهرب الضريبى ووجود قطاع كبير من الاقتصاد غير الرسمى الذى لا يساهم فى موازنة الدولة. وتستهدف الموازنة الجديدة تنفيذ استثمارات تصل إلى 531 مليارا تشمل 292 مليار جنيه استثمارات للقطاع الخاص، وهو استثمار غير مضمون لأنه مرتبط بإرادة المستثمرين، و48.7 مليار جنيه للهيئات، و283 مليار جنيه للشركات العامة. وأعلنت الحكومة أنها رفعت نسبة الاستثمارات العامة 48% عن مستويات العام الحالى، والتى تتضمن زيادة الاستثمارات الممولة من الخزانة العامة بنسبة 25% لتصل إلى 64 مليار جنيه على أن توزع تلك الاستثمارات بشكل يتسم بالعدالة جغرافياً مع التركيز على الانتهاء من المشروعات المفتوحة لضمان سرعة شعور المواطن بتحسن ملحوظ فى جودة الخدمات العامة المقدمة والبنية التحتية، وبهذا يمثل الإنفاق الاستثمارى والانفاق على الخدمات المختلفة 22% من حجم الموازنة فقط، فى الوقت الذى تتحمل فيه الموازنة 24% من مصروفاتها للأجور و22% للدعم بما يمثل 77% من إجمالى الإنفاق. ووفقا لذلك تظل نسبة «العجز» مؤشراً خطيراً فى الموازنة حيث تبلغ نحو 319 مليار جنيه بنسبة 9.8% من الناتج المحلى الإجمالى، وهى نقطة مزمنة لم تنجح الحكومة فى خفضها عبر طرق غير تقليدية كمشاركة القطاع الخاص فى الاستثمارات والجهاز المصرفى أو عبر السندات الإيرادية لتمويل المشروعات.