فى موسم تقديم «القرابين» للدولة والإفراج عن قيادات السجون ■ قيادات «الداخل» تتبنى تكتيك المهادنة للقفز من سفينة الإخوان..وقيادات «الخارج» تستفيد من التصعيد وتغازل القاعدة وداعش ■ تهديد الجماعة الإسلامية بالانسحاب من «دعم الشرعية» خطوة أولى فى المهلة التى طلبتها من الدولة ل«الطلاق البائن» من الإخوان لم يكن صفوت عبدالغنى وجماعته قد تنفسا الصعداء بعد بالانفراجة الجديدة مع الدولة، وبموجة الإفراجات الأخيرة عن قيادات الجماعة الإسلامية فى السجون، كمؤشر فعلى لنجاحهم فى الوصول إلى صيغة توافق جديدة مع النظام، تقوم على الطلاق البائن من الإخوان، وعلى مايمكن تسميته ب«مبادرة وقف عنف جديدة». حتى جاء الخبر الصادم من سوريا، بالإعلان عن مقتل رئيس الجناح العسكرى، ورئيس مجلس شورى الجماعة فى الخارج خلال فترة التسعينيات، رفاعى طه، بقصف صاروخى بطائرة أمريكية بدون طيار فى إدلب، أثناء مهمة سرية كان يقوم خلالها بالصلح بين اثنين من أبرز التنظيمات القتالية فى المنطقة، «أحرار الشام» و«جبهة النصرة». فى ضربة قد تقلب كل الموازين الآن، وتهدد طموحات الجماعة الإسلامية مجدداً بالإجهاض، وتضع الصفقة التى استغرقت الشهور الماضية لإبرامها داخل أروقة السجون، برمتها على المحك. وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت كما هو متداول فى كواليس الجماعة الإسلامية موجة من التفاهمات بينها وبين الأمن، أسفرت بالفعل عن الإفراج عن أهم قياداتها فى السجن، كان أبرزهم نصر عبد السلام رئيس حزب البناء والتنمية، وصفوت عبدالغنى رئيس المكتب السياسى للحزب، وعلاء أبوالنصر الأمين العام، إلى جانب قيادات أخرى بارزة مثل حسن الغرباوى أميرالجماعة الإسلامية بشرق القاهرة ومحمد الطاهر أميرالإسماعيلية، علما أيضا بأن المعلومات المتداولة تؤكد أن الجماعة قد تقدمت للأجهزة الأمنية بقائمة أخرى تضم قرابة المائة من القيادات والكوادر، للإفراج عنهم ب«الإفراج الصحى» أو غيره. وذلك فى ضوء محاولات مستميتة من تنظيم الجماعة الإسلامية فى الداخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتدارك ما تبقى لها من فرص لدى الدولة، والإسراع بالقفز من سفينة الإخوان فى آخر فرصة، خوفًا من أن تجد نفسها فى النهاية فى العراء، وتتحول وقياداتها كالعادة إلى كبش فداء، كان قد بدأ يلوح فى الأفق بالفعل. ويأتى ذلك بالتوازى مع المحاولات الحثيثة التى تبذلها جماعة الإخوان من جانبها لإبرام الصلح مع النظام بأى شكل، والإفراج عن قياداتها بالسجون، وتسعى فى سبيل ذلك للسيطرة على القوى الشبابية التنظيمية، وإسكات أصوات العنف التنظيمية بداخلها فى هذا التوقيت، بما أصبح ينذر بالنسبة للجماعة الإسلامية، بالسيناريو المفزع المتكرر من قبل الإخوان، الذين سيقدمون من وجهة نظر «أبناء عمر عبدالرحمن» على التنصل منهم، وإلصاق تهمة العنف بهم، والبحث عن طوق النجاة للقيادات الإخوانية فقط، بعد أن كانت قد استخدمت الجماعة الإسلامية وتنظيمها على الأرض، كفزاعة طوال الفترة الماضية بداية من مهام الشحن والتفزيع على منصات رابعة والنهضة، وصولاً إلى المنابر الإعلامية التابعة للتنظيم الإخوانى فى تركيا وقطر. سيناريو تحاول الجماعة الإسلامية وقياداتها بدورهم، تفادى وقوعه هذه المرة باستماتة، واستباقه بالوصول إلى صيغة تفاهم من طرفها هذه المرة مع النظام، بمعزل عن الإخوان، بل والبدء أيضا فى ممارسة دورها فى الضغط على حليفها الإخوانى، الذى أوشك على أن يبدو حليفاً سابقًا، بتنفيذ الوعد الذى تقدمت به، حيث طلبت من الدولة مهلة للانسحاب من تحالف «دعم الشرعية»، تستطيع خلالها تقديم المصوغات والمبررات المقنعة لأعضائها وقواعدها فى تفسير هذا الانسحاب، وهى الخطة التى بدأت فى تنفيذها بالفعل، حيث أصدرت الجماعة الإسلامية بيانا رسميا تهدد فيه الإخوان المسلمين « بالانسحاب من التحالف نهائيا، حال عدم إقدام الإخوان على حل أزمتها الداخلية، وإعادة قراءة الواقع بشكل مغاير». غير أن الرياح التى لا تأتى دائما بما تشتهى السفن، فاجأت قيادات الجماعة الإسلامية التى ترفع حالياً شعار المهادنة فى مصر، وتقدم نفسها الآن كفصيل يدعو للتهدئة، وكشفت «عورتها» كتنظيم لا يتورط أبرز وأهم القيادات المنسوبة له فى الخارج فى مشاهد العنف المسلح فقط، بل ويلعبون دورا إقليميا مؤثرا وبالغ الأهمية فى المشهد الإرهابى فى المنطقة بوصفهم «قيادات تاريخية» و«آباء روحيين»، للحركة الجهادية فى العالم يمتلكون علاقات وثيقة بتنظيمات وكيانات عنف مركزية ومحورية مثل داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرهم، ويتمتعون أيضا بعلاقات مباشرة مع أنظمة دول أخرى فاعلة فى المشهد الإرهابى العالمى تقدم التمويل والدعم اللوجستى والبشرى كتركيا، وعلى رأس هؤلاء رفاعى طه ومحمد شوقى الإسلامبولى اللذان خرجا من مصر بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة وسقوط نظام محمد مرسى، متوجهين إلى اسطنبول. صحيح أن الجماعة الإسلامية قد حاولت الالتفاف على المأزق الذى تعرضت له بالكشف عن مقتل رفاعى طه وتورطه فى الحرب فى سوريا، فى توقيت شديد الحرج بالنسبة لها مع أجهزة الأمن فى مصر، عن طريق تجاهل إصدار بيان رسمى يحمل اسمها ينعى رئيس جناحها العسكرى ورئيس مجلس شهورتها بالخارج، واكتفاء كل قيادى برثاء رفاعى بشكل شخصى على حسابه الشخصى على مواقع التواصل الاجتماعى، وإثبات تاريخه الجهادى، تجنباً لاستهجان قواعد الجماعة الذين يتمتع لديهم رفاعى بشعبية لا يضاهيه فيها أحد. غير أن الكشف عن الدور الخفى الذى كان يلعبه رفاعى طه «أبوياسر» فى سوريا، والذى ترجح بعض الروايات أيضا أنه هو نفسه كان القائد الفعلى لجبهة أحرار الشام خلفا لأبوخالد السورى الذى قتله داعش، فضح فى النهاية الانقسام البراجماتى الذى تشهده القيادة داخل الجماعة الإسلامية، بين «فريق الداخل» الذى يتبنى «منهجاً تكتيكياً» فى التعامل مع الدولة وأجهزتها الأمنية، بما يضمن السلامة للقيادات والقواعد الموجودة داخل مصر وتحت قبضة أجهزة الأمن ويصنع لها دوراً جديدا فى المشهد، وبين قيادات «فريق الخارج» المستفيد من زيادة حالة التأزم والتصعيد، ويغازل تيارات العنف المسلح القاعدى والداعشى فى العالم، كما يغازل الكيانات التى تموّل ذلك التيار التى لاتزال ترتبط الجماعة الإسلامية فى الخارج بصلات وثيقة معه. وذلك عن طريق محمد شوقى الإسلامبولى على سبيل المثال، والذى لا يزال يمتلك علاقات متميزة مع الأوساط التمويلية القاعدية فى العالم، لم تنقطع منذ سفره للقتال فى صفوف تنظيم القاعدة فى أفغانستان وحتى الآن، بفضل مكانته الخاصة كشقيق لخالد الإسلامبولى قاتل السادات ونشاطه كذلك فى جمع التبرعات لسنوات طويلة للحركة الجهادية فى العالم. لكن.. فى الوقت الذى أصبحت فيه الجماعة الإسلامية متهمة بتقسيم الأدوار بين قيادات الداخل والخارج، فإنها صارت الآن على محك صعب يتطلب منها تقديم إجابة واضحة أيضًا عن مدى قدرتها على السيطرة على قيادات الخارج التى لاتزال تنتهج الهجوم على الدولة المصرية، بل ويتبنى عدد منها تكوين كيانات بديلة تستمر فى مهمة التصعيد، بمعزل عن الإخوان فى حالة إبرامهم صلحاً مع الدولة، مثل «حلف الفضول» الذى أعلن عنه عاصم عبدالماجد قيادى الجماعة بالخارج. 1981- حكم عليه بالسجن 5 سنوات فى قضية الجهاد الكبرى 1995- من مخططى عملية اغتيال مبارك بأديس أبابا 1995 1998- أسس مع أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى«الجبهة الإسلامية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين».. النواة الأولى لتنظيم القاعدة 2000- نسب إليه بيان تنظيم القاعدة الذى تبنى الهجوم على المدمرة الأمريكية كول 2001- قبض عليه بمطار دمشق، وتسلمته مصر من السلطات السورية بعد أحداث 11 سبتمبر 2013- هرب إلى تركيا بعد فض اعتصام رابعة 2013 2016- لقى مصرعه فى قصف صاروخى لطائرة أمريكية بدون طيار فى إدلب بسوريا وأنباء أنه كان القائد الفعلى ل«أحرار الشام» قبل مقتله