في أحد المساكن القديمة بمنطقة البساتين، وفى غرفتين لا تصلحان للاستخدام الآدمي، وعلى قطعة أثاث مهترئ، تجلس السيدة أنعام محمد. تجاوزت الستين من عمرها، عملت ما يقرب من ثلاثين عاماً بالقطاع العام وتحديداً كعاملة بوزارة الصحة، حملت الكثير من المرضى على يديها، وشاركت فى تطبيب الكثير الآخر، لم تتوان أو تتردد أو تهمل فى عملها طوال فترة خدمتها على حد وصفها. لسان حالها يقول وعينيها تبكي قهراً على ما آل إليه هذا الحال من ضنك وفقر بعدما وصلت إلى سن المعاش، وأصبحت لا تجد لها مأوى سوى غرفتين أقل ما وصف لهما أنهما لا تصلحان لعيشة آدمى، عدد من الجنيهات لا يكفيها أو يكفى علاجها شهرياً، أضف إلى هذا ابن قعيد وآخر مصاب بنوع من التأخر العقلى ملزمة هى بمصروفاتهما. لا تجد لها عمل الآن سوى البيع بالسوق، فهى تبع الخضروات البسيطة بسوق الخضر بالبساتين، لا تتكسب من هذا العمل سوى القليل، فإيراد هذا الفرش المتواضع لا يتجاوز الجنيهات العشرون يومياً على حد قولها. مصروفات إبنها القعيد والذى أصيب فى حادث أقعده عن السير، ومصروفات علاجه تأكل الأخضر واليابس من هذا الدخل المعدوم، رضا وهو إبنها الأكبر والذى أصيب فى سطو مسلح على سيارته لا يستطيع الحركة ومطلوب له عدة عمليات لا تمتلك ثمنها هذه الأسرة. لا تطالب السيدة أنعام بالكثير، هى فقط تريد مسكن ملائم ورعاية صحية لإبنها، مطالب لا تزيد عن حق أى مواطن طبيعيى، وخصيصاً إن كان قد عمل بالقطاع العام لدولته ما يزيد عن الربع قرن. طرقت أبواب الكثيرين، لجأت إلى العديد من القنوات الإعلامية، لم تجد لها مغيث ولا مجيب إلى الآن .