دائمًا ما تكون حياة النجوم مليئة باللحظات المؤلمة والفارقة في تاريخهم على حد سواء، فلا يوجد نجم كبير أو ممثل مشهور إلا وتعرض لمثل هذه المواقف شديدة الصعوبة على النفس والذات، وضمن هذه المواقف نروي تفاصيل ليلة سالت فيها دماء أحمد زكي بسبب إهانة نجيب رمسيس له. يروي الكاتب محمود معروف في كتابه "روائع النجوم" أن المنتج رمسيس نجيب كان يستعد لإنتاج فيلم "الكرنك" بطولة سعاد حسني، ورشح له مدير الانتاج ممدوح الليثي، أحمد زكي ليلعب بطولة الفيلم أمام سعاد حسني، وهنا قفز رمسيس نجيب من مكانه وكاد يخنق ممدوح الليثي، وصرخ مستنكرًا: "أجيب الواد ده وأخلي سعاد حسني تحبه!.. طيب إزاي؟!".
ويضيف معروف، رد الليثي على نجيب قائلا: "أنا شخصيًا عاجبني أوي أوي الواد أحمد زكي، ده ممثل كويس وممكن يبقى نجم كبير لو مثل بطولة الفيلم، فسأل رمسيس مستنكرًا "مين أحمد زكي ده! أنا ماشفتوش في أي عمل قبل كده"، قال الليثي: "ده ولد ممتاز.. ممثل هايل، وعلى فكرة أنا اتصلت بيه وهو قاعد بره في السكرتارية".
ويتابع معروف: "رن رمسيس نجيب جرس المكتب وطلب من السكرتيرة أن تدخل الممثل أحمد زكي، ودخل أحمد في منتهى الخجل وهو ينظر لأسفل ويرفع عينيه تارة للأمام وتارة للأعلى، فنظر إليه رمسيس وقال في سخرية لممدوح الليثي: "هو ده الممثل اللي بتقول عليه؟!"، فرد الليثي: "أيوه يا رمسيس ده ولد هاي"، ليكمل رمسيس سخريته: "هايل إيه يا ممدوح، أنت اتجننت! أنت عايز ده يقف قدام سعاد حسني! وكمان سعاد تحبه! طيب إزاي؟.. إزاي سعاد حسني تحب واحد زي ده! أنت أكيد جرى لك حاجة".
ويقول معروف: "نظر رمسيس نجيب إلى أحمد زكي وقال له: "معلش يا ابني، روح دلوقتي وهنبقى نبعت لك لما يكون عندنا فيلم تاني"، ثم رفع سماعة التليفون وطلب من السكرتيرة أن تتصل بنور الشريف، ورد عليه: "أيوه يا نور، عايزك بكرة تيجي عندي المكتب علشان عندي فيلم كويس قصة نجيب محفوظ، يا نور اسمع كلامي، الغي الميعاد اللي عندك بكرة وتعالى المكتب الساعة واحدة الضهر" ثم عاد ينظر إلى أحمد زكي وقال له: "نت واقف ليه يا ابني، مش قلت لك هنبعت لك بعد كده في الفيلم الجاي!".
ويتابع: "وهنا ثار أحمد زكي، وظل يصرخ: "يا ناس حرام عليكم، ليه يا أستاذ ممدوح تبعت تجيبني وتبهدلني وتهيني قدام الناس؟.. أنا عملت فيك حاجة؟.. يا ناس يا ظلمة"، ثم أمسك بكوب ماء كان موضوعًا على المكتب وسكب ما فيه من ماء، ظن رمسيس نجيب أنه سيقذفه في وجهه، وإذا بزكي يضرب الكوب في رأسه ويحطمه وتسيل الدماء من جبهته، وجرى إليه ممدوح الليثي وأخذه في أحضانه.
يُذكر أن صلاح جاهين، كان حاضرًا هذا الموقف وأبدى تعاطفًا مع أحمد زكي، وطيب بخاطره وحاول أن يأخذه معه لكن ممدوح الليثي أخذه من ذراعه ونزل به من المكتب وصعد معه سيارته الصغيرة فيات 128، وظل يطوف به في شوارع القاهرة ليطيب خاطره، وفجأة نفذ البنزين تحت نفق العباسية وتعطل المرور، ونزل الليثي وزكي يدفعان السيارة عند المطلع، لكن الدماء عادت تسيل من جبهة زكي، فعاود البكاء من جديد، ولم يتركه الليثي إلا بعد أن أوصله إلى مسكنه بحي المهندسين، "ثم أخذه إلى منزل صلاح جاهين بشارع جامعة الدول العربية، وقال جاهين لليثي: لقد أخطأتم في حق هذا الشاب الطيب الغلبان، وعقابا لكم لابد أن تدفعوا له الأجر الذي كان سيحصل عليه من تمثيل الفيلم، وهو 500 جنيه"، وبالفعل دفع له الليثي المبلغ.