فى جلسة درامية بكى فيها مئات الحاضرين المتابعين لجلسات المحكمة، حيث تجسد أمامهم نموذجًا إنسانيًا مؤثرًا لطفل اجتمع فيه الثالوث المدمر الجهل والفقر والمرض، وامتنع التأمين الصحي عن علاجه بحجة أن القانون نص على علاج طلاب المدارس فقط وهو ليس طالبًا بالمدرسة وامتنعت وزارة الصحة عن علاجه بحجة انه ليس من بين حالات العلاج على نفقة الدولة. ورغم كون المرض سبب تسربه من التعليم لأنه غير قادر على الحركة والكلام فقد جاء به والديه أمام المحكمة محمولاً على ايديهما لتشهد المحكمة كم وقع على الطفل من ظلم اجتماعي وحكومي وإنساني واقتصادي وحرمه المرض من التعليم وحرمته الحكومة من أن يأخذ حقه في الحياة بسبب امتناعها عن منحه العلاج المجاني حتى يتمكن من مواجهة تلك التحديات، وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بعد 3 ساعات. وأكدت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الاولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة أنه إزاء عدم تنظيم المشرع لحقوق الأطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض أو غيره أو أطفال الشوارع بالرعاية الصحية وعدم خضوعهم لخدمات التأمين الصحى مثل اقرانهم طلاب المدارس ولمواجهة الفراغ التشريعى الذى حرم هؤلاء الاطفال من حقهم الدستورى فى العلاج المجانى فان المحكمة من واجبها أن تتسلح فى ميدان الفكر والمنطق القانوني السليم بالأدوات الفنية الرصينة لمواجهة ما تبقى من كيان الطفل الذى يصارع الموت والحرمان من كل جانب بعد ان تخلت عنه الحكومة سواء التأمين الصحى أو وزارة الصحة بلا هوادة وقد اجتمع فى جسده النحيل الجهل والمرض والفقر، واكدت المحكمة ان من واجبها الدستورى أن تبتدع من الحلول القانونية السديدة وأن تنشئ من القواعد المشروعة لانقاذ حياة هذا الطفل التى تصون لها الدستور ليتمتع بابسط حقوق المواطنة كانسان تطبيقًا للقاعدة الفقهية لدى علماء الاصول التى تقضى "أن النعمة بقدر النقمة والنقمة بقدر النعمة ". وقد ألزمت المحكمة الحكومة بعلاجه فورًا على نفقة الدولة انقاذًا لحياته، واكدت ان الدستور لم يقيد حق الاطفال فى الرعاية الصحية بالانتماء للنظام المدرسى مما يفقد شريحة من اطفال المجتمع من حقهم الدستورى فى الرعاية الصحية واكدت ان ما بين العدل والعدالة تقع الرحمة التى يشتهيها المظلوم ودعت المحكمة مجلس النواب الجديد الى سد هذا النقص ليستفيد بالرعاية الصحية الاطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض او غيره او اطفال الشوارع كما دعته ايضا الى تنفيذ ارادة المشرع الدستورى بانشاء مفوضية مستقلة للقضاء على كافة اشكال التمييز. وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة السلبى المطعون فيه بالإمتناع عن صرف دواء MIGLUSTAT للطفل محمد سعيد محمد مسعود المريض بمرض نادر مدي الحياة او حتي تمام الشفاء على نفقة الدولة، وما يترتب على ذلك من اثار اخصها الزام وزارة الصحة بتقديم ذلك الدواء اليه بجرعة 200 مجم ثلاث مرات يوميا، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير اعلان والزمت الحكومة المصروفات. وقال والد الطفل انه فقير وباع كل ما يملك لعلاج ابنه الذى تسبب المرض فى عدم تعليمه ويعاني من مرض وراثي نادر من امراض التمثيل الغذائي وهو " NIEMANN - PICKC " وتم تشخيص المرض بالطفرة الوراثية ووجد انه لديه طفرة فى جين ( NPC1 ) وهذا المرض تم اكتشاف علاج له بانزيم MIGLUSTAT بجرعة 200 مجم ثلاث مرات يوميا مدى الحياة، وقد تم عرضه المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة التى اوصت بعلاجه، وذهب به الى التامين الصحى لكنه رفض علاجه بحجة انه غير مختص لعدم قيده باى مدرسة، وذهب به لوزارة الصحة فامتنعت عن تقديم العلاج له بحجة انه ليس من بين حالات العلاج على نفقة الدولة.!!!فلم يجد بابا مفتوحا له الا القضاء العادل قالت المحكمة انه الطفل ابن المدعى لا يسرى عليه القانون رقم 99 لسنة 1992 فى شأن التأمين الصحى على الطلاب، لانه غير مقيد بمدرسة بسبب المرض وعدم قدرته على الحركة او الكلام، كما انه لا يسرى عليه المرسوم بقانون رقم ( 86 ) لسنة 2012 بشأن التامين علي الاطفال دون السن الدراسى لكونه بلغ 14 عاما وقد اتيا به والديه للمحكمة محمولا على ايديهما، وان المرض كان سببا فى حرمانه من حقه الدستورى فى التعليم حال ان والده غير قادر على نفقات علاجه فاجتمع فى الطفل الثالوث المدمر الجهل والمرض والفقر، واصبح هذا الطفل بلا حماية قانونية فى مجال العلاج او التعليم او الحياة الكريمة، واضحى بسبب المرض محروما من جميع حقوقه الدستورية فى الرعاية التعليمية، والتنمية الوجدانية والمعرفية وحرم حتى من حقه الانسانى قبل الدستورى فى الرعاية الصحية، بسبب قصور هذين القانونيين اللذين لم يتعرضا لحقوق الاطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض اوغيره واطفال الشوراع على الرغم من ان الدستور وهو اسمى من القوانين الزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة، وهى التى لحقت بالطفل المذكور فى اقسى ما تعانيه النفس البشرية ظلما وعدوانا، فجاء النص الدستورى بلفظ الطفل عاما دون تخصيص وما بين العدل وهى فكرة عامة مجردة والعدالة وهى تطبيق معايير قانونية فى كل حالة على حدة تقع الرحمة التى يشتهيها المظلوم. وأكدت المحكمة أن المشرع منح طلاب المدارس التمتع بمظلة العلاج فى التأمين الصحى دون غيرهم، ومن ثم يكون المشرع قد مايز دون اسس موضوعية بين اطفال المدارس وبين الاطفال غير المنتمين للتعليم بسبب المرض او غيره او اطفال الشوارع على الرغم من ان المشرع الدستورى لم يقيد حق الاطفال فى الرعاية الصحية بالانتماء للنظام المدرسي مما يفقد شريحة من اطفال المجتمع من حقهم الدستورى فى الرعاية الصحية، وهو ما يخالف مبدأ المساواة، فطبقا للمادة 53 من الدستور المعدل " المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين او العقيدة اوالجنس أو الأصل أو العرق او اللون او الاعاقة او المستوى الاجتماعى او الانتماء السياسى او الجغرافى او لاى سبب اخر. وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلًا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ في جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر تطبيقها على الحريات والحقوق العامة المنصوص عليها في الدستور ويتعين على المشرع انشاء مفوضية مستقلة للقضاء على كافة أشكال التمييز. وأضافت المحكمة فى حيثياتها الرائعة ان الدستور حظر التمييز بين المواطنيين فى اى صور التمييز التي تنفصل عن أسسها الموضوعية ولا يتصور بالتالي ألا يكون الدستور قد قصد إلى حمايتها، ولا أن تقرها السلطة التشريعية في مجال تنظيمها للحقوق والحريات على اختلافها، ولا يجوز كذلك أن يكون اعمال السلطة التنفيذية او وحداتها الادارية المتفرعة عنها – في مجال مباشرتها لاختصاصاتها الدستورية – لمبدأ تساوى الاطفال أمام القانون كاشفًا عن نزواتها ولا منبئًا عن اعتناقها لأوضاع جائرة تثير ضغائن أو أحقاد تنقلب بها ضوابط سلوكها ولا هشيمًا معبرًا عن سطوتها بل يتعين أن يكون موقفها اعتدالًا في مجال تعاملها مع المواطنين فلا تمايز بينهم إملاء أو عسفًا. وذكرت المحكمة انه بحكم ما وسده اليها الدستور والقانون من مهمة ارساء قيم الحق والعدل تجد لزاما عليها ازاء عدم تنظيم المشرع لحقوق الاطفال غير المقيدين بالمدارس بالرعاية الصحية وعدم خضوعهم لخدمات التأمين الصحى مثل اقرانهم طلاب المدارس ولمواجهة الفراغ التشريعى للاطفال الذين حرموا من التعليم بسبب المرض ان تتسلح فى ميدان الفكر والمنطق القانونى السليم بالادوات الفنية الرصينة لمواجهة ما تبقى من كيان الطفل الذى يصارع الموج والموت والحرمان من كل جانب بعد ان تخلت عنه الادارة بلا هوادة وقد اجتمع فى جسده النحيل الجهل والمرض والفقر، بل ان من واجب المحكمة الدستورى ان تبتدع من الحلول القانونية السديدة وان تنشئ من القواعد المشروعة لانقاذ حياة هذا الطفل التى تصون لها الدستور ليتمتع بابسط حقوق المواطنة كانسان تطبيقا للقاعدة الفقهية لدى علماء الاصول التى تقضى " ان النعمة بقدر النقمة، والنقمة بقدر النعمة " مما يستلزم معه تطبيق قرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 في شأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة على هذا الطفل ،وتناشد المحكمة المشرع شمول الاطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض او غيره او اطفال الشوارع بشمولهم تحت مظلة التامين الصحى مثل قرنائهم الطلاب اعمالا لمبدأ المساواة وتيسيرا عليهم فى تلقى الرعاية العلاجية وحتى يحين تدخل المشرع فالدولة ملزمة بعلاجهم على نفقتها. واشارت المحكمة انه طبقا للقانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن الطفل فى المادة 7 منه لكل طفل الحق فى الحصول على خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية وعلاج الأمراض، وتتخذ الدولة كافة التدابير لضمان تمتع جميع الأطفال بأعلى مستوى ممكن من الصحة.كما تكفل الدولة للطفل، فى جميع المجالات، حقه فى بيئة صالحة وصحية ونظيفة، واتخاذ جميع التدابير الفعالة لإلغاء الممارسات الضارة بصحته.كما انه بموجب المادة 75 من ذات القانون فان الدولة تكفل وقاية الطفل من الإعاقة ومن كل عمل من شأنه الإضرار بصحته أو بنموه البدنى أو العقلى أو الروحى أو الاجتماعى، وتعمل على اتخاذ التدابير اللازمة للكشف المبكر على الإعاقة. واختتمت المحكمة حكمها الانسانى أن نجل المدعي الطفل محمد سعيد محمد مسعود يبلغ من العمر اربعة عشر عام، وهو من غير القادرين على تحمل العلاج، وقد تضمن التقرير الطبي المرفق الصادر من المركز القومي للبحوث ( مركز التميز للبحوث الطبية ) وكذا تقرير الادارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة يفيد ان نجل المدعي يعاني من مرض وراثي نادر من امراض التمثيل الغذائي وهو " NIEMANN - PICKC " وتم تشخيص المرض بالطفرة الوراثية ووجد انه لديه طفرة في جين ( NPC1 ) وهذا المرض تم اكتشاف علاج له بانزيم MIGLUSTAT بجرعة 200 مجم ثلاث مرات يوميا مدي الحياة كي لا تسوء حالته، وإذ امتنع وزير الصحة عن توفير الدواء المشار إليه لنجل المدعي ( محمد ) بالرغم من خطورة حالته الصحية على النحو السالف بيانه مع وجوب التزامه القانوني بتوفير كل ما يحتاج إليه نجل المدعى من ادوية ورعايا طبية ومن ثم فإن مسلكه فى هذا الشأن يعد قرارا سلبيا مخالفا لقانون وأن التأخير فى صرف الدواء المشار إليه او بديله يعرض حياة ابن المدعى للخطر على الوجه الوارد بالتقرير الطبي المشار إليه، وهو ما يستنهض همة المحكمة في اسباغ الحماية العاجلة للعلاج اللازم للطفل والواجب علي الادارة تقديمه.