5 آلاف جنيه للبلطجى الواحد مقابل إفساد صناديق أصوات المنافسين بلطجى أو سمسار انتخابات، مصطلح متداول فى المناطق الشعبية، وهو الشخص الذى يملك مهارة جذب المواطنين للتصويت لصالح مرشح بعينه، وبأى طريقة، ويحصل بالطبع على آلاف الجنيهات مقابل خدماته خلال فترة الداعية الانتخابية والتصويت والتى لا تتعدى شهراً. ويبدأ موسم التربيط مع سماسرة الانتخابات قبل بدء إجراءات الانتخابات بفترة كافية، خاصة فى مناطق الجمالية ومنشية ناصر والدرب الأحمر والسيدة زينب وباب الشعرية والموسكى وعابدين والعتبة والظاهر ودار السلام والزاوية الحمراء والوايلى، والتى تضم كتلاً تصويتية كبيرة قادرة على حسم المقاعد النيابية فى مواجهة المناطق الراقية التى تشهد عزوفاً من سكانها عن التصويت. وما يعزز وجود سماسرة الأصوات ترشح أعضاء بالحزب الوطنى المنحل فى هذه المناطق، رغم أنهم لم يكونوا أول من ساهموا فى اختراع شخصية سمسار الأصوات واستغلال أصحاب السوابق من المسجلين خطر. وبدأ أيمن نور، الذى كان نائباً عن دائرة باب الشعرية، فى برلمان 2000 و2005 فى الاستعانة ببلطجية المنطقة لشراء أصوات الدائرة، وتخويف الراغبين فى التصويت ضده أو المنافسين، واستعان أيضاً بمجموعة من البودى جاردات أثناء حملته الانتخابية عام 2000، كنوع من استعراض القوه أمام خصومه من ناحية ولإبهار أهالى المنطقة. ويختلف بلطجى الانتخابات عن سمسار الأصوات لأن لكل منهما دورا محددا رغم إمكانية جمع شخص واحد للوظيفتين، إذ إن مهمة البلطجى تتلخص فى منع الاعتداء على المرشح وتوسيع الطريق له خلال الجولات الانتخابية وإرهاب الخصوم، بينما يتفق السمسار مع مجموعات من الناخبين على التصويت لصالح مرشح بعينه مقابل أموال تصل أحياناً ل200 جنيه للصوت الواحد. وابتكر بلطجية باب الشعرية، طريقة جديدة يعتزمون تطبيقها فى انتخابات مجلس النواب الجارية، بتكوين مجموعات شغب فى كل شياخة، لمرافقة المرشح فى جولاته الانتخابية، ومنع المنافسين من القيام بجولات مماثلة، وافتعال المشاجرات مع أنصاره وتمزيق لافتات الدعاية الخاصة به خاصة أن هذه الأحداث تنتهى بتحرير محضر إدارى غير ضار. وفى يوم التصويت يستعد البلطجية والسماسرة لإثارة الشغب أمام اللجان الفرعية التى تمثل مناطق قوة المرشح المنافس حتى لو وصل الأمر لافتعال إصابات بأنفسهم لتصوير أن أنصار المرشح المنافس اعتدوا عليهم وقد يدبرون سكب «الحبر الفسفورى» داخل صندوق التصويت لإبطال اللجنة، بينما يقوم السماسرة بتنظيم تسليم ثمن الصوت الانتخابى بجوار اللجنة وضبط عملية التصويت لصالح مرشحهم. وحالياً اختلف دور السمسار وأصبح هناك ما يسمى ب«دولاب الانتخابات» وهو عبارة عن مجموعة من الرجال وظيفتهم حشد الناخبين أثناء التصويت ويصل ما يتقاضاه مسئول الدولاب الواحد 3 آلاف جنيه، فضلاً عما يتقاضاه بقية المشاركين. ويتقاضى البلطجى أو السمسار مقابلاً عن «المقاولة» التى تبدأ مع فتح باب الترشح حتى يوم التصويت، حيث يحصل كل شخص منهم على 5 آلاف جنيه، تتم مضاعفتها فى حال وصول المرشح لجولة الإعادة. يقول اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية السابق، ل «الفجر» إن الوزارة لديها خطة أمنية جاهزة لردع فئة سماسرة وبلطجية الانتخابات من المسجلين خطر، إذ إنها تعلم أن جميع المرشحين فى الدوائر الشعبية يستعينون بالبلطجية. وأضاف: إن الوزارة ستصدر تعليمات لكل رئيس مباحث فى دائرة القسم التابع للدوائر الانتخابية الشعبية المشتعلة، لاستدعاء هؤلاء المسجلين وتحذيرهم قبل بدء المعركة الانتخابية من افتعال الفوضى وإلا سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. وأوضح حول استعانة بعض المرشحين بشركات الأمن الخاصة لتأمين جولاتهم الانتخابية أنهم يتخوفون من تعرضهم لاعتداء من جانب منافسيهم، وأفراد الأمن هنا ليسوا بلطجية، ولا ضرر منهم لأنهم تابعون لشركات محترمة ويخضعون للكشف عليهم جنائيا وسياسياً قبل انتدابهم لتأمين الشخصيات. وقال الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال، إنه يمكن الاستعانة بشركات الحراسة الخاصة لتأمين المرشحين، مشيراً إلى أنه مع التطور المدنى فى مصر أصبحت وزارة الداخلية تعتمد على الشركات كمصادر للمعلومات وتستخدمها الأجهزة الأمنية. وأضاف: إن الاستعانة بالمسجلين خطر أثناء الانتخابات عادة ولكن أجهزة الأمن تعلم بتحركاتهم وتدرك حجم الدور الشذى يلعبونه، وحجم خطورتهم، وتتعامل معهم بحرفية دون الوقوع فى اشتباك معهم، والوزارة لديها كافة المعلومات المرتبطة بالبلطجية، ولديها خطط لاستيعاب هذه الظاهرة دون تعامل خشن. وتابع: إن المسجلين يعلمون أن الدولة باطشة والأمن قادر فى أى لحظة على ردعهم، لا لا يتجاوز دورهم حدوداً معينة، والمشكلات التى قد يتسببون فيها محدودة يمكن السيطرة عليها وتعاون الجيش والشرطة فى تأمين العملية الانتخابية لن يسمح بأى تجاوز لوجود قبضة حديدية لمواجهة أى خروج على القانون.