فجأة وبدون مقدمات اختفي البلطجية نهائياً من مولد الانتخابات بعد أن كان سعر الواحد منهم يصل إلي 10 آلاف جنيه يوم الاقتراع، وقد يزيد علي ذلك، إلا أنهم اختفوا من أمام اللجان ومن حول المرشحين، الأمر الذي جعل البعض يتساءل: أين ذهب بلطجية الانتخابات وسماسرتها؟! هل تم حلهم مع حل الحزب الوطني أم تم القبض عليهم وإيداعهم السجون أم أنهم تابوا وأنابوا وأصبحوا مواطنين صالحين؟! فالمؤشرات تقول إن القاهرة وحدها بها 6 آلاف بلطجي تمت الاستعانة بهم في انتخابات ,2010 ذلك حسب إحصائيات بعض منظمات المجتمع المدني، وأن هؤلاء كانوا ينتظرون موسم الانتخابات حتي يحصلوا علي ما يريدون من أموال، والبعض منهم كان معروفاً بالاسم لرجال الأمن، إلا أنهم لا يستطيعون القبض عليه أو الزج به في السجون والمعتقلات لأنهم مسنودون من رجال الحزب الوطني وأعضاء مجلس الشعب.. وكان هؤلاء لهم أسعار خاصة ومصالح ضخمة مع نواب الحزب الوطني.. حيث كانوا يحتفظون حتي بالبطاقات الانتخابية لعدد كبير من المواطنين هم مسئولون عن تحريكهم يوم الاقتراع. الغريب أن عددا كبيرا من هؤلاء البلطجية اختفي يوم الاثنين والثلاثاء الماضيين من أمام لجان الاقتراع، لكنهم ظهروا بقوة في ميدان التحرير وقاموا بالاشتباك مع المتظاهرين وظهروا أيضاً في ميادين كثيرة في القاهرة بعيداً عن اللجان بعد أن وجدوا نوعا آخر من البلطجة يدر عليهم دخلاً أكبر، حيث قام يومي الاثنين والثلاثاء عدد من البلطجية بالاستيلاء علي عدد من سيارات النقل التي تحمل أسطوانات البوتاجاز عقب خروجها من محطة التعبئة بالقطامية، ومستودع حلوان بالقوة والتعدي علي مفتشي التموين، واشتبكوا مع المواطنين أمام مستودع عين الصيرة وباعوا الأسطوانة الواحدة ب 45 جنيهاً بدلاً من 5 جنيهات! وقام البعض منهم بالسطو علي عدد من المحلات والصيدليات وكأنهم يقولون للجميع أنهم غيروا نشاطهم في هذا اليوم من العمل في الانتخابات للعمل في السطو والاستغلال. يقول محمد العربي بدائرة قسم شرطة قصر النيل: أنا سمسار انتخابات، وفي الماضي عملت لدي عدد من المرشحين بالحزب الوطني، لكني لست بلطجياً كما يدعي البعض.. فقد قمت بتوزيع الهدايا وشنط المواد التموينية التي يخصصها المرشح لأبناء الدائرة وتعليق اللافتات والملصقات مع مجموعة من الأشخاص والصبية، ونقوم بتأمين الندوات والمؤتمرات التي كان يقوم بها المرشح ونجمع له البطاقات الانتخابية، ونقوم يوم الانتخابات بإحضار الناخبين حتي باب اللجان. وكنت أتقاضي مبالغ مالية تصل إلي ألف جنيه يوم الاقتراع، بالإضافة إلي أنني كنت أحاسب المرشح علي كل رأس أقوم بإحضارها حتي باب اللجنة.. أما الانتخابات الأخيرة فقد اختفي أغلب مرشحي الحزب الوطني المنحل، وأنا لا أستطيع أن أعمل مع أحد من المرشحين الحاليين لأسباب كثيرة، منها أنني لن أجد ظهرا يحميني في حالة وقوع اشتباكات مع مرشح آخر، بوكس الماضي كان مرشح الحزب الوطني المنحل يحميني، وإذا وقعت في قبضة أجهزة الأمن كان بتليفون صغير يخرجني من الحجز وحتي رجال الأمن كانوا يعرفوننا بالاسم ويعرفون مع من نعمل، بالإضافة إلي إلغاء البطاقات الانتخابية وأصبح الانتخاب بالرقم القومي الذي أتاح للجميع التصويت، وظهور أحزاب دينية مثل حزب النور السلفي الذي يستطيع أعضاؤه أو أتباعه أن يحاربونا ويتهمونا بالكفر ويومها يستطيعون أن يحلوا دماءنا، بالإضافة إلي القبضة الأمنية الشديدة التي وجدت أمام عدد كبير من اللجان بوجود قوات الجيش، لذلك هرب جميع سماسرة الانتخابات إلي أعمال أخري.. فالبعض منهم لجأ إلي العمل في أنابيب البوتاجاز والتي يستطيع أن يحصل عليها بعشرة جنيهات ويبيعها بثلاثين أو أربعين جنيها، وهذا العمل قد يدر دخلاً عليه يصل إلي خمسمائة جنيه في اليوم وهي عملية قد تستمر فترة الشتاء وهي أفضل بكثير من العمل في الانتخابات، بالإضافة إلي اختفاء من يدفع أكثر من المرشحين وأصبحت العملية مختلفة تماماً، وعدم تقبل رجل الشارع العادي أن يشهد سمسار انتخابات يساومه علي صوته كما كان في الماضي. يقول الحاج معتمد شحاتة مرشح مستقل بدائرة مصر القديمة: اختفاء البلطجية وسماسرة الانتخابات هذه الدورة يرجع لاختفاء الحزب الوطني المنحل، ففي الماضي كان مرشحو الحزب الوطني هم الذين يطلقون البلطجية في الدوائر حتي يستطيعوا السيطرة علي الأماكن وتخويف الأهالي من الناخبين، فكان مرشحو الوطني يستعينون بعدد من البلطجية وسماسرة الانتخابات والذين كانت تصل يومية الواحد منهم إلي ألف جنيه، وتصل إلي 10 آلاف جنيه يوم الاقتراع بعد أن كان البلطجي مسئولاً عن حي أو شارع بأكمله، ويقوم بإحضار الناس وبطاقاتهم الانتخابية، ففي الماضي كان حضور الانتخابات ببطاقة حمراء يطلق عليها البطاقة الانتخابية وسمسار الانتخابات أو البلطجي يتحكم الواحد منهم في عدد كبير من هذه البطاقات ويستطيع بيعها للمرشح، وأحياناً أخري يبيعها للمرشح المنافس وهؤلاء هم الذين كانوا يذهبون للتصويت مقابل مبلغ بسيط من المال ويحصل البلطجي علي باقي المبالغ، بالإضافة إلي قيام البلطجية بعمل ما يطلق عليه زفة انتخابية للمرشح في الأحياء والشوارع أثناء مروره منها أو أثناء قيامه بعقد ما يسمي المؤتمرات والندوات التي كان البعض منها يرعب الأهالي.. كل هذه الظواهر انتهت بعد أن عرفت الناس حقيقة الانتخابات وأن أصواتهم لن تزور وأن استخدام مثل هؤلاء قد يضيع صورة المرشح نهائياً وخاصة بعد اختفاء الحزب الوطني والذي اختفت معه معظم مظاهر الفساد الانتخابي، وحتي أغلب البلطجية خافوا من الخروج يوم الاقتراع لأنهم لن يجدوا من يحميهم كما كان يفعل نواب الحزب الوطني في الماضي والذين كانوا يدفعون بهم أمام اللجان وأحياناً يستخدمونهم في عمليات تقفيل الصناديق، الأمر الذي كان يجعل عددا كبيرا من المواطنين يرفضون الذهاب إلي اللجان. بالإضافة إلي وجود قوات الأمن بهذه الكثافة لتأمين اللجان خاصة من قوات الجيش التي ساعدت علي اختفاء البلطجية وطمأنت الناخبين وجعلتهم يذهبون إلي صناديق الاقتراع وهم مطمئنون. ويضيف الحاج معتمد قائلاً: مناطق بعينها كان استخدام البلطجية فيها علامة من علامات المظاهر الانتخابية، مثل دوائر (مصر القديمة وبولاق وإمبابة وحلوان و15 مايو والتبين) وغيرها من الدوائر وحتي بعض الدوائر التي كان يطلق عليها دوائر الكعب العالي، مثل دائرة (قصر النيل ومدينة نصر) كان نواب الحزب الوطني يستعينون فيها بعدد كبير من البلطجية.. أما دائرة السيدة زينب، فكان البلطجية فيها يفسدون في الأرض تحت سمع وبصر فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق ويحصلون منه علي الأموال ولا يستطيع أحد أن يوقفهم أو يقوم بالإبلاغ عنهم لأنهم مسنودون من رئيس مجلس الشعب.