مازالت وسائل الإعلام خاصة الأمريكية تتناول فكرة احتمال اللجوء إلى فكرة التقسيم من أجل حل النزاع المسلح الدائر بسوريا حاليًا، وفى سياق متصل بعض وكالات الأنباء مثل وكالة رويترز تستخدم مصطلح "الدولة الإسلامية" لوصف تنظيم داعش الارهابى في سورياوالعراق بعدما كانت تستخدم سابقًا مصطلح "داعش"، وهو ما يرجعه بعض الخبراء إلى احتمالية القبول بالأمر الواقع بالنسبة لما يحدث فى سوريا وكذلك العراق، وبالتالي فإن احتمالية التقسيم تتزايد سريعًا. ويرى المحللون أنه بشكل عام فإن التقسيم سيؤدي إلى خلق 5 دويلات جديدة فى سوريا، هى دولة الشيعة ودولة الأكراد، كما سيؤدي التقسيم إلى خلق دولة لنظام بشار الأسد يمكن أن يطلق عليها دولة العلويين.
أما الدولة السنية فالأرجح أنها ستنقسم إلى جزئين، الجزء الأكبر يمثل تنظيم داعش في المناطق الخاضعة له في كل من سورياوالعراق، بينما الجزء الثاني ستمثله جبهات المعارضة السورية المسلحة"جبهة النصرة الاخوانية".
فى البداية قال الكاتب الصحفى والمؤرخ السياسى حلمى النمنم، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، أن أى تهديد أو مساس بسوريا ينعكس فورا على مصر، بدليل أن العثمانيين الأتراك حينما دخلوا الشام ودمشق سنة 1517، كان من السهل عليهم أن يدخلوا القاهرة، وهو نفس ما فعله التتار، بعد أن دخلوا الشام، ثم تصدى لهم الجيش المصرى فى "عين جالوت"؛ لأنه علميا مصر وسوريا وحدة واحدة.
وأشار النمنم إلى أن الهجوم التركى على سوريا بدعوى محاربة معاقل داعش يمثل إعتداء على الأمن القومى العربى، مشددا على أن التحالف البغيض بين أوباما وأردوغان يساوى تقسيم سوريا رسميا، بدعوى إقامة منطقة آمنة، وهو ما يؤدى لشيوع فكرة التقسيم والتفتيت فى الدول العربية، بما يهدد الأمن القومى المصرى والعربى.
وأكد الكاتب الصحفى السياسى على أن ما تقوم به تركيا سوف يعطى مبررا لإيران كى تتدخل بشكل أكثر سفورا فى سوريا، وهكذا تحاصر المنطقة العربية بين الثالوث البغيض تركياوإيران وإسرائيل.
موضحا أن تركيا جزء من حلف الناتو، وتعد ذراعا لأمريكا فى المنطقة، وبالتالى هى وإسرائيل فى حلف واحد، وإيران بعد أن وقعت الإتفاق النووى مع أمريكا ومجموعة الدول الأوروبية، لم تعد بعيدة عن هذا الحلف، الذى يهدف لإشاعة جو الإرهاب والعنف والمواجهات المذهبية والطائفية فى المنطقة العربية، على جثة سوريا وباقى الدول المهددة بالتقسيم.
ومن جانبه قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن بشار الأسد إعترف مؤخرا فى خطابه أمام برلمان بلاده، أن سوريا لمن يدافع عنها، وأن إيران تدعمه وحزب الله اللبنانى يسانده، وبعدها إستقبل مبعوث رئيس الوزراء العراقى، وقيل أنه حمل له رسالة من واشنطن.
وأكد رئيس قسم الدرسات الإستراتيجية بالمجلس القومى لبحوث الشرق الأوسط، أن واشنطن تجرى الآن عمليات فك وتركيب لبعض الدول العربية داخل جهاز المخابرات الأمريكية" السى آى آيه"، وتعلم أنه فى نهاية الأمر سوف يذهب بشار إلى مناطق العلويين، ليقيم إمارة شيعية مدعوما بالنظام الإيرانى وبحزب الله اللبنانى الموالي لإيران.
لافتا إلى أن أمريكا لاتمانع أيضا فى أن يتحول تنظيم داعش إلى إمارة أو دويلة فى مناطق السنة التى يسيطر عليها، مشددا على أن ما يريده أردوغان هو منطقة آمنة يحتلها أو يستولى عليها، بحجة إبعاد داعش والأكراد عن حدود بلاده.
وأشار أستاذ السياسة الدولية بالجامعة الامريكية إلى أن ما يحدث الآن يتعلق مباشرة بعمل المؤسسات والأجهزة الأمريكية، موضحا إنه تجرى حاليا تقييمات عسكرية وإستراتيجية داخل "السى أى أيه"، وتحديدا داخل ال" السيكشن" المعنى بمنطقة الشرق الأوسط، لافتا إلى أن تلك التقييمات هدفها مراجعة جملة السياسات الأمريكية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط.
وأشار الخبير السياسى إلى أن العراق مقسم بالفعل، وهناك دولة كردستان التى لديها مظاهر السيادة الكاملة، ولا ينقصها سوى عضوية الأممالمتحدة، ومن المتوقع فى نهاية المطاف، حسب تقديرات المخابرات الأمريكية، أن ينتقل بشار الأسد إلى مناطق العلويين، ليعلن إمارة علوية، مستقلة عن سوريا.
لافتا إلى أنه من هنا يأتى الخلاف بين واشنطن وأنقرة، حول نصيب بشار من الكعكة، فى مقابل نصيب تركيا، والأكراد، وهل سيتم طرد بشار نهائيا، أم سيعلن إمارة مستقلة.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أنه لا توجد مشكلة داخل الإدارة الأمريكية فى التعامل مع الدول الغير راسخة، والتى ستقيمها جيوش القطاع الخاص، على غرار داعش والنصرة وغيرها.