أثار التدخل العسكري التركي في سوريا، ومحاولات إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، غضب القاهرة، وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن البيان الصادر عن وزارة الخارجية أمس الثلاثاء، حول متابعة مصر بقلق شديد للأوضاع في سوريا، يلمح إلى رفض النظام المصرى وإنزعاجه من التصرف التركي الأخير. فى البداية قال الكاتب الصحفى والمؤرخ السياسى حلمى النمنم، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، إنه من المعروف إستراتيجيا وتاريخيا أن الأمن القومى المصرى يبدأ من سوريا، أو من الشام القديمة، مشددا على أن إنزعاج القاهرة أمر طبيعى، وبيان الخارجية صدر فى توقيت مناسب، ومعربا عن إندهاشه من عدم إعلان جامعة الدول العربية عن موقفها تجاه ما يحدث فى سوريا. وأوضح المؤرخ والمفكر السياسى أن أى تهديد أو مساس بسوريا ينعكس فورا على مصر، بدليل أن العثمانيين الأتراك حينما دخلوا الشام ودمشق سنة 1517، كان من السهل عليهم أن يدخلوا القاهرة، وهو نفس ما فعله التتار، بعد أن دخلوا الشام، ثم تصدى لهم الجيش المصرى فى "عين جالوت"؛ لأنه علميا مصر وسوريا وحدة واحدة. وأشار النمنم إلى أن الهجوم التركى على سوريا بدعوى محاربة معاقل – داعش – يمثل إعتداء على الأمن القومى العربى، مشددا على أن التحالف البغيض بين أوباما وأردوغان يساوى تقسيم سوريا رسميا، بدعوى إقامة منطقة آمنة، وهو ما يؤدى لشيوع فكرة التقسيم والتفتيت فى الدول العربية، بما يهدد الأمن القومى المصرى والعربى. وأكد الكاتب الصحفى السياسى على أن ما تقوم به تركيا سوف يعطى مبررا لإيران كى تتدخل بشكل أكثر سفورا فى سوريا، وهكذا تحاصر المنطقة العربية بين الثالوث البغيض تركياوإيران وإسرائيل. موضحا أن تركيا جزء من حلف الناتو، وتعد ذراعا لأمريكا فى المنطقة، وبالتالى هى وإسرائيل فى حلف واحد، وإيران بعد أن وقعت الإتفاق النووى مع أمريكا ومجموعة الدول الأوروبية، لم تعد بعيدة عن هذا الحلف، الذى يهدف لإشاعة جو الإرهاب والعنف والمواجهات المذهبية والطائفية فى المنطقة العربية، على جثة سوريا وباقى الدول المهددة بالتقسيم. ومن جانبه قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن بشار الأسد إعترف مؤخرا فى خطابه أمام برلمان بلاده، أن سوريا لمن يدافع عنها، وأن إيران تدعمه وحزب الله اللبنانى يسانده، وبالأمس إستقبل مبعوث رئيس الوزراء العراقى، وقيل أنه حمل له رسالة من واشنطن. وأكد رئيس وحدة الدرسات الإستراتيجية بالمجلس القومى لبحوث الشرق الأوسط، أن واشنطن تجرى الآن عمليات فك وتركيب لبعض الدول العربية داخل جهاز المخابرات الأمريكية" السى آى آيه"، وتعلم أنه فى نهاية الأمر سوف يذهب بشار إلى مناطق العلويين، ليقيم إمارة شيعية مدعوما بالنظام الإيرانى وبحزب الله اللبنانى الموالي لإيران. وأضاف فهمى أنه من هنا كان بشار الأسد يطالب الحكومة العراقية، بإرسال مزيد من عناصر كتائب أبو الفضل العباس للقتال فى بلاده؛ من أجل حماية المراقد الشيعية المقدسة، التى ينتوى ضمها لإمارته. لافتا إلى أن أمريكا لاتمانع أيضا فى أن يتحول تنظيم داعش إلى إمارة أو دويلة فى مناطق السنة التى يسيطر عليها، مشددا على أن ما يريده أردوغان هو منطقة آمنة يحتلها أو يستولى عليها، بحجة إبعاد داعش والأكراد عن حدود بلاده.