يقفون تحت حرارة الشمس، ملامحهم تنطق بالألم الذي يعانوه من مرضهم، وبِنفس قبلت قضاء الله وقدره أن يكتب عليهم العلاج بمستشفى "ابوحماد العام"، هي رحلة عذاب قد تكلف المريض حياته، بسبب الإهمال. مستشفى أبوحماد العام، أحد المستشفيات الحكومية التي تعاني من تدني مستوى الخدمة الطبية في مشهد واضح بلا أجهزة و بلا أطباء أو حتى علاج. رصدت بوابة "الفجر"معاناة المرضى داخل المشفى، البداية كانت بالمدخل، حيث موقف "التوكتوك"، الذي بات المشفى مقرًا له، بالإضافة إلى انتشار الكلاب والقطط، بديلًا عن طاقم الأطباء والمسئولين. عند دخولنا إلى قسم الاستقبال والطوارئ- أحدث مباني المستشفي والذي وضع تحت التطوير منذ سنوات قليلة- شاهدناه خاليًا من الأطباء، وبين حين وآخر تأتي ممرضة، لمريض يقف عاجزًا يبحث عن طبيب. تشتكي"عفاف" 44 عامًا، مصابة بجلطة في القدم، من معاملة الممرضات السيئة، رغم هيئتها الدالة على احتياجها لرعاية صحية ونفسية جديدة، قائلة: " لايوجد بالمستشفي طبيب نخاطبه، ليس أمامنا سوى الممرضات اللاتي يعاملوننا معاملة غير آدمية، وكأننا نشحت منها الدواء ". وأضافت: "جائني الطبيب مره واحد طيلة أربعة ليالي، واتحمل تكلفة السرنجة التي اتلقى بها علاجي منهم، دون رحمة أو شفقة بمرضي وعجزي". وإذا كان هذا حال الاستقبال، فما خفي كان أعظم، قررنا أن نرى أقسام المستشفى بالداخل، وكانت هذه أبرز المشاهد التي رصدتها "الفجر": وجدنا أمًا محترق جسدها بصحبة طفلتها، في انتظار الممرضة التي جاء ردها معنفة إياها بأن عليها التحمل حتى تنتهي من مكالمتها الهاتفية. وجاءت إمراة "حامل" وفي حالة إعياء مع زوجها الذي حاول أن يسأل عن نقالة وطبيب ينقذ زوجته وابنه المنتظر، فلم يجد سوى فرد أمن نصحه بالتوجه إلى إحدى المستشفيات الخاصة؛ لأن المستشفي بلا طبيب الآن. أما بقسم العناية المركزة، جلس مريض وأسرته على "حصيرة"، يتناولون الطعام، وبجوارهم مروحة يد اتى بها الابن، بعد تعطل التكيف الخاص بالغرفة، وسط غياب كامل من الرقابة والمتابعة الدورية. وفي وحدة الغسيل الكلوي، تجد الأجهزة بدون عامل أو مراقب يتابع عمها وحولها بعض القطط، وهي صورة ننقلها إلى مسؤلي الصحة في مصر، بعد أن تكرر التقاطها في أغلب مستشفيات الشرقية. وعن دورات المياه، فحدث ولا حرج، فتجد الأدوات المستخدمة للجراحة ملقاه بجانب بقايا الطعام. والمضحك المبكي هو "اللصوص" الذين يتجولون باحثين عن كل ما خف حمله وثقل ثمنه، من الأجهزة أو بين ممتلكات المرضى وذويهم، فيروي "حامد"، مرافق لاخيه، جئت للمستشفى كرفيق لأخي في مرضه، وبعد معاملة سيئة من "ملائكة الرحمة"، وتكاليف باهظة، وبعد رحلة البحث عن الطبيب لمدة 12 ساعة، غفلت لدقائق لاستيقظ على "لص" يحاول سرقتي، أمسكت به وطالبت الأمن بتسليمه إلى الشرطة، إلا أنهم رفضوا قائلين: "ده بلطجي واحنا مش قده، ومفيش أمن هنا يحمينا".