إذا أردت السؤال عن اسم عميد إحدى الكليات فاذهب إلى حرم كليته فربما لو سألت خارجها لن تجد من الطلاب من يعرفه. ولكن إن أردت معرفة عبد العزيز جمعة "عم زيزو" فاسأل عنه أي طالب أو موظف بجامعة القاهرة فمعظم من هم في الجامعة يعرفونه. عجوزٌ تخطى الستين من عمره ولكنه يعيش بروح شاب في العشيرنيات، يرتدي زي عمال النظافة، تجاعيد وجهه تحكي ابتسامة تخفي مشقةً وتعباً من عمله وحياته. تقابله وأنت في طريقك لدخول مجمع "قاعات الامتحانات" بجامعة القاهرة، يجر سلة قمامة ويحمل "جاروف" ومكنسة ينظف بهما منطقة القاعات وحول كلية الإعلام، يستقبلك بابتسامته المعهودة وعبارة فكاهية "يا صباح الجود مورنينج". "حب الناس ده من حب ربنا واللي بيحبه ربه بيحبب فيه خلقه" هذه هي الكلمات الأولى التي قالها لنا "عم زيزو" عن سر شهرته، ذلك خلال مرافقتنا له في آخر ساعة في عمله من أمام مبنى قاعات الامتحانات، هو يعمل بحماس وإتقان الساعات الأولى للعمل، يسلم على كل من يقابله سواء من المعيدين أو الموظفين أو الطلبة مع دعوة تخرج من القلب "ربنا ينجحك ويسعدك" . أنشأ له طلبة كلية التجارة الشعبة الإنجليزية صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عام 2009 تخطى عدد معجبيها الآن 12 ألف متابع. بدأ "عم زيزو" سرد قصته لنا مع نظرة فخر واعتزاز بحياته "أبويا صعيدي ووالدتي من الشرقية اتولدت في بولاق أبو العلا واتربيت وعيشت في الجيزة كان ليا 11 أخ وأخت 6 منهم ماتوا وفاضل 5، مدخلتش مدرسة، اشتغلت من وأنا عندي 10 سنين مساعد صنايعي بربع جنيه في اليوم وبعد فترة بقيت كهربائي سيلزيون لحد ما يوميتي وصلت 20 جنيه، اتجوزت وخلفت 3 بنات واحدة منهم ماتت واتنين عايشين" ثم بكى متذكراً ابنته "مروة" التي خطفها مرض خبيث أدى إلى وفاتها وهي في الثانية والعشرين من عمرها . التحق "عم زيزو" بجامعة القاهرة كعامل نظافة في أواخر عام 2001 عندما توفيت زوجته وساءت ظروفه وعمل لمدة 9 سنوات في تنظيف حول كلية التجارة الشعبة الإنجليزية، استطاع فيها تكوين علاقات قوية بينه وبين طلبة الكلية حتى أنشأوا له صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، علموه كتابة اسمه وبعض العبارات الإنجليزية التي يستخدمها بشكل ساخر ومضحك للتعرف على الطلاب، كما ساهموا في شراء كل ما يلزم ابنته للزواج. "اتهمت بواقعة سرقة من مديرة الإدارة في كلية تجارة انجليزي بسبب كرهها حب الطلبة ليا فاتهمتني إني سرقت شنطة ايديها والطلبة عملت مظاهرات وقتها ورددوا هتافات "عم زيزو فوق الروس واللي ظلمه عليه هندوس" "ياللي رفعت القضية عم زيزو مش هفية" وعملولي بوستر فيه صوري معاهم ومع كل موظفين الكلية وبعدين طلعت منها براءة بعد التحقيقات فمكافأة لأمانتي الطلبة طلعوني عمرة شهر رمضان كامل والعميد كرمني" وأحضر لنا "بوستر" الذي رفعه الطلاب له "شوفي لما يبقي مجرد عامل نظافة والطلبة تعمل عشان كل ده فده من تعبنا في شغلنا واننا مبنشحتش من الطلبة، ممكن حد يراضينا في المناسبات بس من غير ما نطلب." يعيش "عم زيزو" وحيداً منذ 6 سنوات بعد أن زوج بناته، يطبخ وينظف ويغسل ملابسه لنفسه، لا يتمنى سوى شئ واحد "نفسي لما أموت يعلقوا ورقة على حيطان كل الكليات "عم زيزو" توفاه الله والعزا يكون كبير لأن قرايبي قليلين فيحضر فيه كل اللي بيحبوني" ثم تركنا ومضى يكمل عمله بعد أن قال "يلا جود باي كفاية عليكوا كده عطلتوني".