في الدول الديمقراطية يعد نقد الحكام وسياساتهم فرِيضة ديمقراطية قبل ان يكون حقا دستوريا للمواطن. والمجلس العسكري يقوم الان بوظيفة الحكم في مصر فهو يجمع سلطتي رئيس الجمهورِية والبرلمان معا، ومع ذلك لايزال بعض فلول الفكر يتحدثون عن خطوط حمراء في التعامل مع قرارات واحيانا صمت المجلس العسكري، ولا يقلل النقد من تقدِير الدور الوطني للمجلس والقوات المسلحة في الانحياز للثورة وحمايتها، وأول تغيير بعد الثورة هو الكف عن تأليه الحكام بحكايات من نوع الخط الاحمر. ومن المثير للغضب والريبة معا ان أصحاب الخط الاحمر لم ِيطبقوا نظرتهم الحمراوية علي قضايا اخري.ففي كل الدول هناك خطوط حمراء سواء في الثورات او الاوقات العادية.. الفتنة الطائفية خط أحمر في جميع الاحيان، والان قناة السوِيس خط احمر، ولا يجوز مجرد التهديد او حتي التلويح باغلاق القناة، لا اتحدث بلغة الاقتصاد، وان دخل القناة هو الدخل الوحيد الذي لم يتأثر بعد الثورة، وهو دخل بلغ نحو 455 مليون دولار في الشهر الماضي فقط، ولا اتحدث عن خطورة التهويش بإلغاء او تعطيل ممر ملاحي دولي، وأثره علي علاقتنا الخارجية.
ورغم اهمية هذا وذاك فإن التلويح بتعطيل القناة هو خطيئة لمن ينادي به تحت اي ظرف فعندما قامت ثورة يوليو بتأميم القناة انسحب كل المرشدين الاجانب (باستثناء اليونانيين) وقام المصريون بادارة القناة دون تعطيل، وكانت هذه الادارة معجزة من معجزات ثورة يوليو ولذلك ليس من المقبول أن تأتي ثورة 25 يناير لتهدد بتعطيل القناة.
الثورات الشعبية أحرص من النظم التي اسقطتها علي مصالح بلدها وشعبها، واتمني من اهالي شهداء السويس ان يِتذكروا جيدا أن أبناءهم وذويهم قدموا دماءهم الطاهرة فداء لمصر، فلا يجعلوا الغضب المشروع يأخذهم الي الاتجاه العكسي للثورة واهدافها فقناة السويس خط وطني احمر، نحميه بدمائنا أرواحنا مهما ضاقت أرواحنا بالتباطؤ في محاكمة قتلة الشهداء وتحقيق أهداف الثورة.