تعرضت دار الأوبرا المصرية لحريق هائل نشب صباح اليوم الخميس، بجوار مسرح الهناجر داخل دار الأوبرا بالقاهرة، وتمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة عليه، دون وقوع أى اصابات، وأكدت مصادر أمنية أن الحريق سببه ماس كهربائى. ليست المرة الثانية
يعتقد البعض أن هذا الحريق هو الثانى، على إعتبار أن دار الأوبرا قد حرقت من قبل، والحقيقة أنها حرقت بالفعل، ولكن لم يكن مقرها فى المبنى الحالى، وإنما كانت الأوبرا الخديوية القديمة تقع فى ميدان الأوبرا، الذى ما زال يحمل إسمها حتى الأن، والذى يتوسطه تمثال إبراهيم باشا، والمعروف لدى العامة بتمثال" أبو أصبع".
الأوبرا الخديوية
بنيت فى 1 نوفمبر 1869 وظلت مفتوحة وتمارس نشاطها الفنى حتى شب حريق كبير التهمها فى 28 أكتوبر 1971.
وعرفت بالأوبرا الخديوية لأنها بنيت بأمر من الخديوي إسماعيل للاحتفال بافتتاح قناة السويس الحالية، وقام المعماريان: بيترو أفوسكانى وليفورنو روتسى، بتصميم مبنى الأوبرا، وقد صنعت من الخشب وكان بها 850 مقعدًا، واحترقت دار الأوبرا فى يوم 28 أكتوبر 1971، ودُمِّر المبنى المُصمَّم من الخشب تماما.
الأوبرا الحالية صناعة يابانية
وبعد أن دُمِّرت دار الأوبرا الأصلية ظلت القاهرة دون دار للأوبرا قرابة عقدين من الزمن، إلى أن تم افتتاح دار أوبرا القاهرة الجديدة فى 1988 فى مقرها على نيل الجزيرة، بمنحة وتنفيذ يابانيين.
السادات وجراج الأوبرا
وبعد مرور أربعين عاما على حريق الأوبرا القديمة، قدم المخرج كمال عبدالعزيز فيلما وثائقيا، أصر على عنونته ب «حرق الأوبرا» لا «حريق الأوبرا» وكأنه باختياره لهذا العنوان يشير إلى أن الحريق قد تم عمدا، وليس كحادث قدرى عارض. حيث عرض الفيلم لأراء مثقفين تحدثوا عن معنى أن يُبنى جراج للسيارات مكان الأوبرا بكلمات يعتصرها الغضب والإحساس بخيبة الأمل من نوعية:"مؤشر واضح للتغيير الذى حدث فى الثقافة المصرية".. "هذا احتقار للثقافة"، "إبراهيم باشا يقف من يومها حزينا بعد أن فقد خلفيته الجليلة".. "فرنسا كان لديها سجن هو الباستيل.. هدموه وبنوا بدلا عنه دارا للأوبرا.. ونحن فعلنا العكس هدمنا الأوبرا وبنينا بدلا منها جراج".
الإخوان متهمين بحرق الأوبراتين
كلمات المثقفين فى الفيلم تحمل إشارة ضمنية إلى أن إحتقار نظام السادات للثقافة والفن، وإطلاقه العنان للتيارات المتطرفة هو السبب الرئيسى فى حريق الأوبرا، وبناء جراج بدلا منها، ثم عدم بناء دار جديدة على مدار عهد السادات، الذى قدم نفسه كرئيس لدولة العلم والإيمان، ولا مجال فيها للفن أوالتنوير الذى كفره وإحتقره من أطلق السادات سراحهم وعقد معهم الصفقات هو ومن بعده مبارك.
ولعلها ليست مصادفة أن تفتتح الأوبرا القديمة فى حفل إفتتاح قناة السويس الحالية، وتحرق الأوبرا الحالية قبيل إفتتاح القناة الجديدة خلال أيام، ورغم التأكيد على أن وراء الحريق الجديد ماس كهربائى، ولكن ثمة تلميحات وتسريبات مازالت تؤكد أن وجود الإخوان فى العديد من دواليب الجهات الحكومية، وراء التحريض على معظم الجرائم والحرائق، إما عن عمد أو عن إهمال، ناهيك عن ثقافة إحتقار الثقافة التى غرسوها داخل النفوس، والتى هى المتهم الأول فى الحريق حتى لو كان السبب المباشر هو ماس كهربائى.