قال مراقبون إن الحراك السياسي الذي تعيشه الجزائر يهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق شروط الخروج السلس للرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة من الحكم، على أن يكون ذلك جزءا من خطة أشمل للإصلاح. ووفقا للعرب اللندنية، أصبح هذا الخروج مطلبا ملحا داخل مراكز القوى المختلفة بالبلاد في ظل مخاوف من أن يؤدي استمراره بالسلطة إلى حدود 2019 إلى صراعات بين الأجنحة المختلفة داخل حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، أو في سياق النزاع التقليدي بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية. ولا تخفي قيادات بارزة تخوفها من أن يؤدي ضعف مؤسسة الرئاسة وتأخر اتخاذ القرارات المناسبة إلى إضعاف قدرة الدولة على مواجهة التنظيمات المتشددة وخاصة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي الذي تتجه قياداته إلى التحالف مع داعش. وقال الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي والرجل القوي في السلطة أحمد أويحي، إن بوتفليقة لا ينوي توريث السلطة لأخيه الأصغر ومستشاره الخاص، وأن الشعب الجزائري ليس ميالا للنظام الملكي. وتابع: "نتحدث عن سعيد بوتفليقة وهو ليس نكرة في الساحة الجزائرية ومن يعرفه من قريب أو بعيد لديه بلا أدنى شك أنه لا يلعب في هذا الاتجاه. الجزائر ليست مصر"، في إشارة إلى الحديث عن توريث الحكم بين الرئيس المصري السابق حسني مبارك وابنه جمال قبل احتجاجات 2011. واعتبر محللون أن تصريحات أويحي، أحد المرشحين لخلافة بوتفليقة، تهدف بالأساس إلى قطع الطريق أمام سعيد بوتفليقة الذي يعرف الجزائريون أنه من يدير قصر المرادية، وأن دور أخيه الرئيس بوتفليقة هو الإمضاء على المراسيم ليس أكثر. وقال المراقبون إن التغييرات على رأس الحزب الحاكم والتعديلات الوزارية الواسعة تشير إلى أن النظام الجزائري يتجه قريبا إلى الإعلان عن خطة متوقعة للإصلاح السياسي الشامل. وأضافوا أن هذه الخطة من الممكن أن تمهد إلى خروج الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة من السلطة لصالح شخصية من رجال النظام يمكن التوافق عليها من أجل ضمان تأييد واسع لبقية الخطوات الإصلاحية الواسعة. وبات كثير من الجزائريين على قناعة بأن الإصلاح السياسي والاقتصادي لن يتم إلا باستبعاد الرئيس بوتفليقة الذي لم يعد على ما يبدو قادرا على السيطرة على الصراعات التي تتم داخل الائتلاف الحاكم كما كان عليه الحال في السابق. وقالت الصحيفة، إذا كانت هذه هي الخطة بالفعل، فمن المتوقع الإعلان عن تنحي بوتفليقة خلال الأشهر القليلة القادمة، لكن خطة الإصلاح ستترك أسئلة كثيرة حول مستقبل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمن القومي دون إجابات. وإلى جانب خطة الإصلاح السياسي التي يتطلع النظام إلى الإعلان عنها قريبا، سيحتاج الاقتصاد المضطرب وعجز الطاقة والتحديات السياسية إلى إطلاق مبادرات إصلاح أخرى في المستقبل، وستترك هذه الأوضاع خليفة بوتفليقة في مأزق كبير. وأشارت أوساط مقربة من قصر المرادية إلى أن التغييرات الواسعة التي أحدثت في السنتين الأخيرتين على مختلف المؤسسات؛ السياسية والعسكرية والاقتصادية وفي محيط القصر لم تكن بقرار مباشر من بوتفليقة، وأنها جاءت باقتراح وضغوط من دوائر نافذة بالسلطة في محاولة لوقف فضائح الفساد التي أصبحت تهدد الجزائر.