"لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً" عبارة خالدة قالها الزعيم الراحل مصطفى كامل منذ عشرات السنين، وترددت على ألسنتنا طوال هذه السنوات، فهذه الكلمات البسيطة تعكس الشعور بالإنتماء القوي لهذا البلد، ولكن البعض يرى أنها عبارة غير دقيقة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحرجة التي تمر بها مصر، في سبيل الحصول على لقمة العيش التي لم يجدوها في مصر، بهدف الحصول على حياة أفضل والبحث عن مقومات كثيرة فقدوها داخل الوطن، يتنازل عدد ليس بالقليل عن الجنسية المصرية للحصول على جنسية دولة أخرى توفر لهم ما فقدوه في وطنهم،، على حد قولهم.
البعض له أسباب سياسية والبعض الآخر يرى أنه في سبيل الحصول على لقمة العيش عليه التنازل حتى ولو كان عن جنسية وطنه، والأرقام الخاصة بأعداد من يتنازل عن الجنسية المصرية ليست واضحة ولكن يشير الخبراء إلى أن العدد يتجاوز الآلاف سنوياً، خصوصاً بعد تعديل الدستور وبعد سماح الدولة بذلك، فأصبح الأمر مشروعاً.
حيث ينص القانون رقم 26 لسنة 1975 الصادر بشأن الجنسية المصرية على أنه لا يجوز لمصري أن يتجنس بجنسية أجنبية إلا بعد الحصول على إذن بذلك يصدر بقرار من وزير الداخلية و الأصل معتبراً مصرياً من جميع الوجوه وفي جميع الأحوال ما لم يقرر مجلس الوزراء إسقاط الجنسية، ويترتب على تجنس المصري بجنسية أجنبية، متى أذن له فى ذلك زوال الجنسية المصرية عنه.
ويعطي أيضاً قانون رقم 140 لسنة 2014 لرئيس الجمهورية الحق في تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة بحسب ما تقضي الحال ويكون ذلك متى اقتضت مصلحة الدولة العليا، على أن يتم ذلك دون الإخلال بأحكام القانون، والاتفاقية الدولية ذات الصلة بتسليم المجرمين.
وفى هذا السياق، أكد سيد أبو زيد، الخبير القانوني، أن التنازل عن الجنسية المصرية في الأيام الماضية، أصبحت حجة المتهمين للفرار من أحكام القضاء المصري، لافتاً إلى أن "90% من المتهمين مزدوجى الجنسية، والمتهمين في قضايا سياسية، يلجأون إلى التنازل عن الجنسية المصرية، للحصول على الترحيل، أما على الجانب الأخر، تسعى الحكومة إلى تخفيف الضغط في العلاقات الخارجية، فتقوم بترحيل المتهم، بموجب قرار الرئيس".
ووصلت هذه الموضة التي أُشيعت بين النشطاء السياسيين خصوصاً، و المحكوم عليهم في قضايا متعلقة بالأمن القومي وأخرى سياسية، إلى مدوني مواقع التواصل الإجتماعي، حيث دشن عدد من النشطاء الإلكترونيين حملة للتنازل عن الجنسية المصرية، وبرروا تدشين حملتهم قائلين: "لا يوجد عدل في بلادي لذلك قررت التنازل عن جنسيتي والهجرة لأي بلد تحترم الإنسان".
وعلى الرغم من أن غالبية تعليقات الشباب جاءت مؤيدة للدعوة، حيث قال "كريم علي": "يا مصر يا بهية.. أولادك هيتنازلوا عن الجنسية علشان لقمة العيش والحرية"، إلا أن بعضهم أبدى إندهاشه من طرح الفكر، فقالت سما حجازي: "يا خسارة أصحابي اللي ماتوا واللي جوه السجن واللي لسه عنده أمل وبيعافر"، ووصف بعضهم المتنازل عن جنسيته بالمتنازل عن أرضه وعرضه في سبيل حفنة مال أو حرية زائفة.
وهنا حذر اللواء عماد أبو الفتوح مساعد وزير الداخلية السابق، الشباب من التنازل عن جذوره فمهما كانت الإغراءات لا يمكن لفرع أي شجرة أن يثمر لو تم قطعه بعيداً عن بيئته، لاسيما أن هناك مناخاً عاماً ضد العرب والمسلمين فى الغرب.
مطالباً بضرورة اهتمام أجهزة الإعلام بمواجهة ما أسماه "الغزو الفكرى للشباب" الذي يستهدف تغير إدراك الناس للحقائق التاريخية ويعمل على نزع الفكر المصري والأصالة والعراقة من عقول الشباب ليزرع بدلاً منها الضياع وفي النهاية لن يحصد شبابنا سوى الدمار.