رشا علام تكتب: هاتلي الوزير على التليفون

أصبحت هذه الجملة هي الأكثر رواجاً وتناولاً بين مقدمي البرامج الحوارية على شاشات التليفزيون. فبمجرد بدء البرنامج، يطلب مقدموه من فريق الإعداد بأن يأتي بالوزير فلان على التليفون حتي يتم سؤاله، أو بمعني أدق استجوابه، أو إلقاء اللوم عليه.

لم يعد يخلو أي برنامج تقريباً من وجود وزير ما في مداخلة تليفونية (إن لم يكن لقاء في الإستديو) لتوضيح الصورة للمواطن وكأنه بند من اختصاصات عمله الوظيفي. تتعامل تلك البرامج مع الوزير وكأنه مراسلها الخاص الذي يجب عليه التواجد يومياً للرد على أصغر التفاصيل. ويعتبر جرما إن لم يلب الوزير طلب المذيع ويُلقي باللوم عليه.

«موظف عند الشعب»: انتشر هذا المصطلح بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، أي أن الشخص الذي يتولي أي منصب قيادي، فهو موظف عند الشعب وعليه أن يبذل كل جهده لتوفير مختلف الخدمات للمواطنين وعدم إاتغلال وظيفته أو سلطاته لخدمة مصالحه الشخصية. جاء هذا المصطلح كناية لما كان يمارس من كثير من المسؤولين قبل الثورة من تجاهل لمطالب الشعب أو التعالي عليها.

لا يستطيع أحد أن ينكر حق المشاهد في المعرفة والحصول على المعلومة، ولكن كيف يمكن للوزير أن يكون «موظف عند الشعب» طوال النهار بينما تطارده وسائل الإعلام ليكون طرفا في حديث طوال الليل.

«السلطة الرابعة»: وهي السلطة التي نصف بها وسائل الإعلام بالرغم من عدم دستوريتها كالسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولكن كناية عن دورها الرقابي على أداء الحكومات ونقل الأحداث بشفافية إلى المواطن وقوة تأثيرها في الشعب وخلق رأي عام. ومع ذلك لا يعطي مصطلح «السلطة الرابعة» الحق لملاحقة الوزراء وشن حرب عليهم إذا لم يستجيبوا للتواجد الإعلامي.

للإعلام دور هام في تسليط الضوء على سلبيات المجتمع ولكن اختلط الأمر على كثير من الإعلاميين فلا يقف دورهم عند الاستفسار عما يشغل الرأي العام والتحقق من الأخبار ولكن أصبحوا منشغلين أكثر بأدائهم المتعجرف تجاه المسؤولين.

يجب أن يُعين متحدث رسمي مؤهل ومدرب لكل وزارة حتى يستطيع التعامل مع والرد على شتي التساؤلات والاستفسارات الإعلامية. ومن الممكن إنشاء مركز صحفي للوزارات ينتج ويُحضر مختصرات وبيانات وحقائب معلوماتية لوسائل الإعلام. هذا يتطلب تطوير وتنسيج العمل في أقسام العلاقات العامة والإعلام في الوزارات لتلبي الاحتياجات المعرفية للمواطن والإعلام الجديد. فوزارة التعليم على سبيل المثال لا بد أن يكون لها متحدث للتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي والفني، إلخ.

على وسائل الإعلام أن تتتبع الوزير الجاد وملاحقته في أماكن تنفيذ المشروعات بدلاً من ملاحقته تليفونياً، فالظهور اليومي للرد على تساؤلات الإعلام ليس من متطلبات وظيفته.

على وسائل الإعلام أن تبقي عين المواطن وناقل الحدث. كما يجب على المسؤول ألا يقع فريسة للإعلام. فالإفراط في ظهور المسؤولين ليس دليلاً على قوة ما تمارسه وسائل الإعلام من ضغوط عليهم، والإفراط في الهجوم ليس دليلاً على ارتفاع سقف الحرية. إن علاقة الوزير بأجهزة الإعلام يجب أن تراجع حتى يتفرغ لأعماله التي سيتم مساءلته عليها بالثواب والعقاب وليس على أقواله التي طارت وأخذت وقته ووقتنا في بلد لم يعد الوقت فيها رفاهية متاحة أو الوزير فرجة يومية.

المقال نقلا عن "المصرى اليوم"