فى ظل تصاعد الأزمات السياسية والإقتصادية بين المعسكر الأمريكى، والتحالف الصينى الروسى، يتوقع الخبراء نشوب حرب عالمية جديدة، كانت فى البداية تتخذ الشكل الإقتصادى والتنافسى، ثم بدأت بعض التنبؤات تتجه لمواجه عسكرية وشيكة بين الصينوروسيا من جانب، والولاياتالمتحدة وحليفتها بريطانيا من جانب أخر.
وأرجع الخبراء هذه التوقعات، إلى إصرار الغرب على فرض عقوبات عسكرية على روسيا؛ بسبب ضم جزيرة القرم، بالإضافة لإصرار الصين على الإعتراف بعملتها، ضمن عملات صندوق النقد الدولى، وهو ما ترفضه الولاياتالمتحدة، التى لن تقبل منافسا للدولار.
فى البداية قال الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان، إن ديون أمريكا للصين تصل إلى 17 تريليون دولار، ولكن هذا لا ينفى أن الناتج القومى الأمريكى كبير، وبالتالى ديونهم كبيرة.
لافتا إلى أنه بالفعل هناك حرب شديدة متعددة الأبعاد، بين أمريكاوروسيا، ولكن الوضع بالنسبة للصين مختلف؛ لأن على بكين أن تحرر عملتها لتدخل فى السياق الدولى، وتتجه للإقتصاد الرأسمالى، ويصبح لها بورصة، وهو ما يخشاه التنين الصينى.
وأرجع أستاذ العلاقات الدولية خوف الصين من هذه الخطوة؛ لأن الرئيس الروسى بوتين حينما فعلها من قبل، وتحول إلى الإقتصاد الرأسمالى الحر، تكبد خسائر كبيرة، وتقلصت قيمة العملة الروسية، بما أضر بإقتصاد بلاده، وهو ما يدفع البنك المركزى الصينى إلى تأجيل تلك الخطوة.
ومن جانبه قال الدكتور صلاح جودة المستشار بمفوضية العلاقات الأوروبية العربية، إن العلاقات بين الصينوروسيا وصراعاتهما مع أمريكا، يختلط فيها الشق العسكرى بالإقتصادى، فيما يتعلق بتجارة السلاح، وتسويقه فى منطقة الشرق الأوسط، مما يخلق نفوذ سياسى للدول المصدرة للسلاح داخل تلك المنطقة الحيوية من العالم.
وأضاف الخبير الإقتصادى إن بوتين حينما بدأ يعيد بناء بلاده، ويستنهضها من كبوتها بعد إنهيار الإتحاد السوفيتى، إعتمد على الصين إقتصاديا، بينما ساعدت موسكوبكين عسكريا، ومنحتها حق إعادة تصنيع السلاح الروسى بالهندسة العكسية.
مشيرا إلى أنه فى ظل تصاعد الحروب التى تصنعها أمريكا فى الشرق الأوسط، يدخل السلاح الروسى الصينى بقوة؛ لتسليح دول مثل إيران وسوريا، كما تتجه مصر إليه يوما تلو الأخر، وهو ما يخلق نفوذ إقتصادى وسياسى للدب الروسى وحليفه التنين الصينى فى المنطقة.
وشدد أستاذ الإقتصاد بجامعة عين شمسن على أهمية أن يكون لمصر وجود فى هذا التحالف، على الصعيد الإقتصادى؛ لأنه هو القادم بسرعة، وسيكون صاحب القوة العظمى فى العالم، حيث أسست روسياوالصين منظمة "بريكس" الخماسية، التى تضم معهما الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل؛ لتنافس صندوق النقد الدولى، الذى تهيمن عليه أمريكا وأوروبا.
لافتا إلى أن مشاركة قوات من الصينوالهند فى العرض العسكرى، الذى أقامته روسيا، إحتفالا بذكرى إنتصارها فى الحرب العالمية الثانية، والذى حضره الرئيس السيسى، يحمل رسالة لكل الأطراف، مفادها أن الحرب الثالثة قادمة، وإنا لمنتصرون.
ومن هذه الزاوية تحدث اللواء حسام سويلم، رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة سابقا، مؤكدا على وجود إرهاصات لحدوث خلل فى التوازن الإستراتيجى بين الدول الكبرى، وهو ما ينذر بإندلاع حرب جديدة، ولكن بأليات وصور مختلفة.
وأشار سويلم إلى أن الصينوروسيا تنافسان أمريكا إقتصاديا وعسكريا على الأرض وفى الفضاء أيضا، بينما تتمسك الولاياتالمتحدة بأن تكون أكبر مورد سلاح للمنطقة العربية خاصة الخليج؛ لتضمن مصادر الطاقة وممرات الملاحة الدولية، كالمضايق والممرات والقناة، فى مقابل التقارب الروسى الصينى مع إيران ومنطقة شرق ووسط أسيا.
وتوقع الخبير العسكرى إنه إذا شعرت أمريكا بأن القوة الأخرى، إمتلكت سلاح يتفوق على ما لديها، ويحيد عناصر التفوق عندها، فمن الممكن أن تشن حرب. ومن جانبه أوضح اللواء أركان حرب دكتور نبيل فؤاد أستاذ العلوم الإستراتيجية، إن الحرب بين أمريكاوالصين قائمة بالفعل، وعلى أشدها ولكنها حرب إقتصادية، تتعلق بأن أمريكا هى صاحبة الإقتصاد الأول عالميا، والصين رقم 2 وتسعى لأن تحتل المركز الأول.
وأضاف الملحق العسكرى الأسبق، إنه على صعيد بيزنس السلاح، الأمر يتجه نحو روسيا؛ لأن أمريكا هى المصدر الأول للسلاح، بينما روسيا هى الثانى، حتى الأن، حيث رصد بوتين خطة لتطوير السلاح الروسى وإنتاج طرازات جديدة، بإعتمادات قدرت ب480 مليار دولار؛ لأنه يسعى هو الاخر لأن تكون بلاده هى أكبر مورد للسلاح فى العالم، لافتا إلى أن تصدير السلاح للشرق الأوسط يخضع لنظريات توازن القوى فى المنطقة من ناحية، والقدرة الإستيعابية للجيوش من ناحية أخرى.
وأشار خبير العلوم الإستراتيجية إلى أن الحرب الحالية والمتوقع أن تستمر هى من حروب الجيل الرابع، التى تعتمد على التكنولوجيا وشبكة الإنترنت، حيث يوجد لدى الصين جيش إليكترونى، يخترق مواقع البنتاجون، ويتجسس على شركات ومصانع السلاح الأمريكى، ليفك شفرتها خاصة وأنها مصانع مدنية، مشددا على أن التجسس على تكنولوجيا تصنيع السلاح لايقل خطورة عن التجسس على الأسرار الحربية.
وإستبعد فؤاد أن تندلع مواجهات عسكرية تقليدية؛ لأن الحرب فى هذا التوقيت تعنى إستخدام السلاح النووى، وهو ما يساوى دمار شامل لكل الأطراف وللعالم.