بعد ثورتين عظيمتين، نادت "بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، والقضاء على المحسوبية، وتغليب الكفاءات، وضخ دماء جديدة فى جميع مؤسسات الدولة، ودعم المستحقين ونصرة الفقراء والمستضعفين، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، مازالت مؤسسة القضاء المصرية، تعانى من المحسوبية، لاغيةً دورها القائم على العدل والمساواة. طلاب من خيرة أبناء مصر اجتهدوا وتفوقوا وحصلوا على أعلى التقديرات والمؤهلات، أملا فى الالتحاق بالنيابة العامة"، إلا أنه تم استبعادهم، لمجرد أن آباءهم ليسوا من السلك القضائى، أو من أصحاب الجاه والمال، أو من الحاصلين على مؤهلات عليا. نسلط الضوء على واقعة جعلت ميزان العدل يختل، حيث جاءت القوائم النهائية، للمقبولين فى وظيفة "معاون نيابة "، والتى تضم خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون والشرطة من دفعة 2010 من الحاصلين على تقدير جيد ودفعة 2011 الحاصلين على جيد جدا، متضمنة عدداً كبيراً من أبناء القضاة، والمستشارين، والحاصل بعضهم على تقدير مقبول. فى حين تم استبعاد 138 متقدماً، معظمهم من أوائل الدفعات على كلياتهم، والحاصلين على درجة الماجستير، رغم اجتيازهم "المقابلة الشخصية"، بنجاح واستوفاء، جميع الشروط الأمنية. فعلى الرغم من إدراج أسمائهم فى الصفحة الأولى من المقبولين فى الجريدة الرسمية والتى حصلنا على نسخة منها، وكانت واجبة التنفيذ، بتعيينهم "معاونين للنيابة"، إلا أن مجلس القضاء ضرب بها عرض الحائط، وتم استبدالها بلائحة أخرى جديدة، تضم عدداً من أبناء المستشارين، والقضاة، الحاصل بعضهم على تقدير مقبول. بهجت على أمين على، الحاصل على المركز السادس على دفعته بتقدير عام "جيد جداً مع مرتبة الشرف"، وماجستير فى القانون العام، قال لنا إنه قدم جميع الأوراق المطلوبة والمستندات، واجتاز جميع الاختبارات، والمقابلة الشخصية بنجاح، واستوفى جميع الشروط الأمنية وتحريات الأمن الوطنى، ومع ذلك استبدل اسمه بآخرين. وأضاف: كنت أقيم فى المدينة الجامعية بجامعة "أسيوط" ولا أعود إلى أهلى، وبلدتى، إلا مرتين فقط شهرياً، معانياً من آلام الغربة، فى سبيل التعليم، وبعد ذلك يضيع كل مجهودى وعرقى، من أجل شخص آخر أقل كفاءة وتقديراً". وقال "عبدالكريم النجار" المتحدث باسم وكلاء النيابة المستبعدين، إنه حاصل على "ليسانس حقوق بتقدير عام امتياز" لعام 2011، ودرجة الماجستير فى القانون العام لعام 2012، مضيفا: نحن 138 معاون نيابة عامة صدر لنا قرار تعيين متوقف على توقيع السيد رئيس الجمهورية، لم تستكمل إجراءات تعييننا بسبب شرط حصول الوالدين على مؤهل عال. وأضاف: "أبناء القضاة والمستشارين، كان يتم سؤالهم سؤالاً واحداً فى المقابلة الشخصية، حتى من لم يجب على السؤال تم ادراج اسمه فى لائحة المقبولين، وتم سؤالى 15 سؤالاً، واجتزت المقابلة بنجاح، وتم إدراج اسمى بلائحة المقبولين، ولكن فوجئت باستبعادى لأن والدى غير حاصل على مؤهل عال". ويضيف "عبد الكريم" قائلاً: خرج علينا المستشار محمد عيد محجوب الأمين العام لمجلس القضاء عندما لجأنا له، مبرراً استبعاد 138 متقدماً من أوئل الدفعات كليات الحقوق والشريعة والقانون على مستوى الجمهورية، بأن المعيار فى استبعادنا هو أن الوالدين ليسوا حاصلين على مؤهل عال بالإضافة إلى المعيار المادى والاجتماعى للوالدين. وكان المستشار "محمد ممتاز" رئيس المجلس الأعلى للقضاء السابق قد وضع عدداً من المعايير الجديدة للالتحاق "بالنيابة"، وهى حصول الوالدين على مؤهل عال، وأن تكون الأولوية للوضع المادى والاجتماعى للمتقدمين، فيما اعتبره البعض معايير غير دستورية، ولا تحقق العدالة الاجتماعية وتكافؤْ الفرص. تجدر الإشارة إلى واقعة تعيين رشا نجلة وزير العدل السابق "المستشار عادل عبد الحميد"، مستشارة بالنيابة الإدارية، رغم رسوبها عامين، وحصولها على تقدير عام "مقبول"، وتم الطعن على قرار تعيينها، وفقاً لدعوى رفعها المحامى "محمد حامد سالم". حصلت جريدة "الفجر" على نسخة من اللائحة الأولى للمقبولين واللائحة الثانية المعدلة، وتبين منها، أن كثيراً ممن تم قبولهم وتعيينهم، هم أبناء لمستشارين وقضاة، ومنهم: "أحمد نجل المستشار لواء الإسلام عبدالعزيز غريب، وإسلام نجل المستشار مجدى خالد، ومصطفى شقيق أسامة وأحمد أبوالخير، وأحمد نجل المستشار محمد عسكر، وأحمد نجل المستشار يسرى عبدالكريم، ومحمد نجل المستشار عبدالمنعم حمد لاشين، ومحمود نجل المستشار رجب تركى أبوزهرة، وعمرو نجل المستشار محمد رفعت، وحمدى نجل المستشار حامد سرحان، وعمرو نجل المستشار هانى فايز أبوستة». بالاضافة إلى كل من "شريف نجل المستشار سامى بلابل، ومحمد شقيق المستشار عمرو نايل عوض، ومحمود نجل المستشار أحمد سيد، وأسامة نجل المستشار محمد متولى خليل.