حثت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الأربعاء، أوروبا على التحلي بالشجاعة ؛ لتفتح أبوابها أمام المهاجرين، مؤكدة أن هذا الأمر سيعمل على وقف كوارث غرق المهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط الذي أصبح بمثابة "مقبرة مائية" لهم..مطالبة بضرورة تغيير الاعتقاد الراسخ بأن دخول المهاجرين سيؤدي لانهيار اقتصاديات أوروبا ومجتمعاتها. ورأت الصحيفة - في مقال افتتاحي أوردته على موقعها الالكتروني اليوم - أن آلاف الأشخاص يموتون غرقًا وهم يحاولون الوصول لأوروبا، منهم نحو ألف و250 مهاجرًا في أبريل الماضي فقط ، وأن منع الحكومات الأوروبية هؤلاء الأشخاص اليائسين من عبور الحدود بشكل قانوني يدفعهم إلى خطر الموت. واعتبرت الصحيفة أن المدافعين عن سياسة "أوروبا الحصينة" يصرون على أنه إذا ما تخلت أوروبا عن الضوابط الصارمة التي تفرضها على دخول المهاجرين، ستعاني من توافد أعداد كبيرة منهم مما سيؤدي لانهيار اقتصاد الدول الأوروبية ومجتمعاتها، وهو خوف مترسخ وكأن المهاجرين عبارة عن أشخاص متوحشين يقفون على بوابات أوروبا. غير أن الصحيفة أكدت أن معظم الأشخاص لا يرغبون في ترك أوطانهم على الاطلاق، كما لا يرغب الكثيرون منهم أيضًا في مغادرة بلادهم إلى الأبد وبعضهم لا يستطيع ذلك، مضيفة أن الذين يهاجرون من بلادهم لا يذهبون جميعًا إلى المكان نفسه، وبعيدًا عن كونهم عبء على المجتمع، فإن لدى هؤلاء الوافدين الجدد الكثير ليسهموا به. وأشارت الصحيفة إلى وجود دليل على ذلك: ففي 2004 و2007، سمح الاتحاد الأوروبي بدخول 10 دول أكثر فقرًا في عضويته؛ ولأن مواطني الاتحاد الأوروبي لديهم الحق في التحرك بحرية بين دول الاتحاد، كان من الممكن لكل مواطني تلك الدول في وسط وشرق أوروبا البالغ عددهم 100 مليون شخص أن يهاجروا إلى دول أكثر ثراءً، غير أن نحو أربعة ملايين من سكان دول أوروبا الشرقية فقط هاجروا إلى دول أكثر ثراءً منذ 2004، بينما يوجد الكثير يأتون ويذهبون. واستشهدت الصحيفة - في افتتاحيتها - بمثال آخر هو الولاياتالمتحدة في الخمسينيات من القرن الماضي عندما كانت نادرًا ما تسيطر على حدودها مع المكسيك مما أدى لعبور بعض مواطني المكسيك داخل الحدود الأمريكية للمشاركة في أعمال موسمية، غير أن القليل فقط منهم استقر هناك..مؤكدة ان معظم الأشخاص لا يفضلون اقتلاع أنفسهم من جذورهم. وأضافت "نيويورك تايمز" أنه نظرًا لأن ديون أوروبا الهائلة واستثماراتها الضعيفة وتراجع عدد سكانها أشياء تثير مخاوف حدوث ركود اقتصادي على المدى الطويل، يمكن أن يكون زيادة عدد المهاجرين هو العلاج الذي تحتاجه القارة التي تشيخ خلال العقود القادمة. وأوضحت الصحيفة أنه بدون الهجرة، من المتوقع أن ينخفض عدد السكان في سن العمل بدول الاتحاد الأوروبي من 336 مليون شخص في 2010 إلى 300 مليون شخص في 2030، بينما سيرتفع عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا من 87 مليون شخص إلى 123 مليون شخص خلال الفترة نفسها، لافتة إلى أن الوافدين الجدد بإمكانهم أيضًا مساعدة الأشخاص المسنين، فتوفير الرعاية للمسنين هو مجال التوظيف الأسرع نموًا في أوروبا. ورأت أن الأفضل من ذلك هو أن الوافدين الجدد الذين يتسمون بالنشاط والتنوع يمكن أن يساعدوا في استكشاف أفكار وأعمال جديدة من شأنها أن ترفع مستوى معيشة الأوروبيين، ففي بريطانيا على سبيل المثال، يبلغ عدد المهاجرين من رجال الأعمال ما يقرب من ضعف عدد السكان المحليين. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالتأكيد على أن أعظيم فوائد انفتاح أوروبا على المهاجرين سيكون بالطبع وقف كوارث غرقهم المتكررة في البحر المتوسط واتاحة الفرصة لأشخاص أكثر فقرًا للتمتع بقفزة أكبر في مستوى معيشتهم أكثر مما قد تقدمه لهم أي مساعدات خارجية، مشددة على ضرورة تحلي أوروبا بالشجاعة للانفتاح أمام المهاجرين.