جاءت ثورة يهود "الفلاشا" ذوى الأصول الإثيوبية المشتعلة الأن فى شوارع العاصمة الإسرائيلية "تل أبيب"؛ لتكشف الستار عن فصل جديد من فصول العنصرية والإضطهاد ،والتهميش الذى تمارسه دولة طالما تاجرت، بتعرض أبنائها للظلم والكراهية ، على مر العصور ،ومازالت تتغنى كذبا بالديموقراطية والمواطنة السائدة بداخلها،بين الأجناس والأعراق المختلفة،فى حين تثبت الوقائع والأرقام أنها أكبر دولة تمارس التهميش والتمييز والإضطهاد حول العالم. فى البداية قال الدكتور جمال زهران،البرلمانى السابق ،وأستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس ،إن دولة إسرائيل نفسها قامت على أساس تمييز اليهود عن غيرهم ،وهى بالفعل دولة "قانون"لأن قوانينها ،القائمة والتى تطبق بصرامة تكفل هذا التمييز ما بين اليهود وغيرهم ،ضاربا عدة أمثلة لتلك القوانين العنصرية وفى مقدمتها قانون العودة ،الذى يمنح الجنسية الإسرائيلية لأى يهودى بمجرد إنتقاله من بلاده إلى إسرائيل، ولا يمنحها لأى مهاجر أخر، وهناك قانون الخدمة العسكرية ،الذى يمنع تجنيد العرب فى الجيش،بإستثناء الدروز،الذين بدأوا يلتحقون بالجيش الإسرائيلى فقط فى أواخر الخمسينات. وتطرق زهران لإضطهاد العرب داخل إسرائيل حيث تطبق عليهم قوانين عثمانية إنتدابية تبيح للسلطات إنتزاع أراضيهم بدون وجه حق،لافتا إلى أن الدولة الإسرائيلية تتبع مع العرب سياسة "التفقير"،حيث تتقلص مخصصات الوسط العربى فى ميزانيات التعليم والصحة وفرص العمل ،مشيرا إلى أن نسبة العائلات الفقيرة فى إسرائيل بلغت فى أخر إحصائية ،حوالى 88 ألف عائلة من بينهم أكثر من 79 ألف عائلة عربية ،كما تراجعت ميزانية الوسط العربى فى وزارة الإسكان لتصل فى العام الماضى إلى 3،5 فى المئة ،بينما تم تخفيض ميزانية تعليم العرب من 10 فى المئة إلى 3 فى المئة خلال السنوات العشرة الأخيرة. ووصف النائب البرلمانى السابق "الكنيست" الإسرائيلى بأنه أداة تقنين العنصرية ،حيث ناقش فى دورته الأخيرة 28 قانون عنصرى ،منها ما يبيح للشرطة قتل العرب،ويجعل دمائهم رخصية أمام القضاء الإسرائيلى. وفى سياق متصل قال الدكتور طارق فهمى ،رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية والإستراتيجية ،بالمركز القومى لبحوث الشرق الأوسط،أن إسرائيل لا تمارس التمييز ضد عرب 48 الفلسطينيين لصالح اليهود فقط ،ولكن حتى داخل أوساط اليهود ،هناك عنصرية وتفرقة بين اليهود من ذوى الأصول الأوروبية "الأشكينازم"،واليهود العرب الشرقيين "السفارديم "،أما يهود "الفلاشا" الأثيوبيين فهم فى الدرجة الثالثة بين جموع اليهود،مشيرا إلى أنه لاحديث عن الديموقراطية الإسرائيلية المزعومة فى دولة تخصص تولى المناصب القيادية و المواقع الهامة لفئات وشرائح من مواطنيها دون غيرهم، وحينما تناقش قضايا الأمن القومى يتم طرد أعضاء الكنيست نفسه بأكملهم. وأضاف فهمى أن صراع الأيشكانزم والسفارديم ،أمر مرتبط بتاريخ الدولة منذ عقود طويلة،ويسقط خرافة أن إسرائيل دولة مساواة ليبرالية، أما يهود "الفلاشا" فيتعرضون ل"ذبح"معنوى حقيقى ،حيث يعملون فى أسوأ المواقع ،فى مناطق "الكيبوتس"و "الموشاف". وهى مناطق غاية فى التردى من حيث الخدمات السكانية والمرافق الأدمية ،وهى عبارة عن مستوطنات مجتمعية يعملون فيها ،لافتا إلى أن "الفلاشا" لا يتمتعون بأى حقوق سياسية، منذ هجرة الفلاشا الأولى فى الستينات فى عهد جعفر النميرى، رئيس السودان الأسبق. وأشار أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية وجامعة القاهرة، ،إنه على الدبلوماسية المصرية أن تستغل إنتفاضة اليهود الأفارقة الحالية وغضبتهم؛ لإحراج إسرائيل فى المحافل الدولية ،وعلى الإعلام المصرى أن يخاطب الدول والجاليات الأفريقية،بإعادة تفعيل الإذاعات الموجهة،لكشف جرائم العنصرية التى ترتكبها الدولة الإسرائيلية ضد الأفارقة والأثيوبيين ،وهو ما يسهم فى حصار وتحجيم النفوذ الإسرائيلى فى الدول الأفريقية ،وخاصة أثيوبيا.