أصبحنا في زمن الانهيار ليس فقط الاقتصادى أو السياسى أو الاجتماعى، بل الانهيار "الأخلاقى والدينى"، وفى زمن الانهيار يخرج من بيننا من ينصب نفسه إما مفتيًا أو مصلحًا أو نبيًا، ليظهر بمنتهى "البجاحة" ليقول للجميع إنهم أغبياء ولا يفقهون شيئًا، وهو وحده من يملك مفاتيح الفكر السليم، وصاحب العقل المستنير. وكما أصبح من المعتاد والمتوقع الاستماع إلى تصريحات غريبة وشاذة للمخرجة المصرية إيناس الدغيدي، فبعد أن طالبت "الدغيدي" في تصريحات سابقة، برغبتها فى إقامة حي للبغاء وإقرار مهنة الدعارة كمهنة معترف بها قانونيًا، خرجت المخرجة المتمردة بتصريح صادم، اعتبرت فيه أن ممارسة الجنس قبل الزواج "حلال". دعوة إيناس الدغيدي، لم تكن الأولى التى أثارت الرأي العام، ضد من أطلقها ولن تكون الأخيرة، فبعد دعوات تقنين الحشيش ليباع في السوبر ماركت، ثم جاءت دعوات خلع الحجاب، وأخيرًا المطالبة باستحلال الزنا، لا بد أن تكن لنا وقفة، لنبحث عن السبب وراء إطلاق تلك الدعوات وبالتتابع وفي أوقات زمنية متقاربة. إيناس الدغيدى تعتقد أن طرحها لأفكار شاذة هو نوع من حرية الرأى، وأنها عندما تحرض الفتيات والشباب على الانحراف، هو جزء من عمليه الإصلاح الأخلاقي الذي سيجدد شباب الأمة، فالمخرجة السينمائية، اعتبرت أن الجنس بشكل عام حرية شخصية، حتى وإن كان خارج إطار الزواج، قائلة: "الجنس اختيار شخصى ليس له أى اعتبارات من الآخرين، وهذا حق لكل شخص يمارسه حسب فكره وحسب عقليته وعاداته وتقاليده". وأكدت المخرجة السينمائية فى تصريحات تليفزيونية لقناة "دويتشه فيله" الألمانية، أن هناك أشخاصًا ترى ممارسة الجنس قبل الزواج حرامًا، ولا تستطيع أن تستوعب أنها حلال، مضيفة: "في ناس تستحرم العملية الجنسية قبل الزواج ومش قادرة تستوعب أنها حلال، ومقدرش أفرض عليهم وأقولهم روحوا مارسوا الجنس". وتابعت الدغيدى، أن العلاقة الجنسية قبل الزواج، تكمن أهميتها فى معرفة الأشخاص بعضهم البعض قبل الزواج، منوهة بوجود مشاكل كثيرة تظهر بعد الزواج من الناحية الجنسية، ممثلة فى ظهور حالات عجز جنسى بين الشباب الأمر الذى يؤدى إلى الطلاق. لتثير تلك التصريحات حالة من الغضب الواسع بين العوام من البشر، ولاسيما رجال الدين الإسلامي، والمؤسسات الدينية في مصر. الدكتور حمدالله الصفتي، المتحدث باسم الأزهر الشريف، والقيادي برابطة خريجي الأزهر، أكد أن بعض من يدعي الحداثة، سيتوجهون مباشرة إلى ترسيخ مفهوم جديد في عقول الشعب المصري وهو: "أن كل إنسان من حقه يتكلم في الدين كما يشاء، وأن الدين ليس حكرًا على الأزهر أو غيره من المؤسسات الدينية". "الصفتي" أضاف في تصريح ل"الفجر"، أن هذه المحاولات ستبوء بالفشل، لأن الدين الإسلامي ك"تدين"، يحتاج لممارسة عملية، وهو حق لكل إنسان مسلم، موضحًا أن الدين ك"علم" له أصوله وقواعده، لا يتحدث عنه إلا المتخصصون الذين تأهلوا لدراسة الدين، بطريقة أكاديمية سليمة، حتى وصلوا لدرجة يسمح لهم فيها للكلام عن حقائق الدين، مشيرًا إلى أن بعض الناس يريدون تطبيق الدين ب"الهوى"، بالمثل كما كان يصرح إسلام بحيري في حلقاته ب"إحنا عوزين نعمل دين على مزاجنا" -بحسب قوله-. وأكد "الصفتي"، أن الدين عبارة عن علاقة بين الخالق والمخلوق، مشيرًا إلى أن الخالق (سبحانه وتعالى) يريد ان تعبد له كما يقول هو، وليس كما نقول نحن، وبناءً على هذه المغالطة هؤلاء الناس ينشرون دعاوى باطلة مثل أن ممارسة الجنس قبل الزواج "حلال". واستنكر المتحدث باسم الازهر تصريحات "الدغيدي" متسائلًا: "ما هو الحرام والحلال من وجهة نظر سعادتك؟"، فنحن نعرف أن الحرام أو الحلال هو ما ثبتت حرمته بنص قاطع من الشرع، فديننا الحنيف يقول "لاتقربوا الزنا"، وعندما يأتي رجل يطالب بخلع الحجاب في ميدان التحرير، فديننا الحنيف يرد عليه بقوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن"، ليثبت بذلك فرضية الحجاب. وأضاف، أن الدين هو مجموعة من التكاليف أمرنا بها الله، بان نتعبد له، فهذا ما نفهمه نحن عن مصطلح الدين، ولكن من يعرف إصطلاحات أخرى فعليه أن يعلمنا بها. ومن جانبه انتقد الدكتور الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، الفتوى التي أطلقتها المخرجة إيناس الدغيدي، بان ممارسة الجنس في خارج إطار الزواج "حلال". وأضاف الجندي في تصريحات ل"الفجر"، ان تلك الدعوات الشاذة تهدم المجتمع، وتهدم عاداته وتقاليده، وتعمل على إشاعة الفواحش بين العوام من البشر. وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن ممارسة الجنس بين فتاة وشاب، حتى لو بنية الزواج أمر محرم بنص قطعى فى القرآن والسنة، مشددًا على ن المعاشرة الجنسية لا تحل إلا بعقد صحيح قد استوفى الأركان والشروط بين "زوج وزوجة". وبدوره هاجم الداعية خالد الجندي، المخرجة إيناس الدغيدي، بسبب قولها إن الجنس بشكل عام حرية شخصية، حتى وإن كان خارج إطار الزواج. وقال "الجندي" في تصريحات إعلامية، إن "المجتمع خاضع لمؤامرة شديدة التعقيد من ناس منظمين ومرتبين، بمعنى بلاحظ كل شوية تيجي هوجة بشكل منظم ومرتب من أشخاص عاملين زي الآلات الموسيقية". وتابع: "ظهر علينا أشخاص بيقولوا إن الخمر حلال، وبعدها ظهر إسلام بحيري، وبعدها ظهر شريف الشوياشي ليهاجم الحجاب، وبعدها إبراهيم عيسى، ليهاجم التراث الإسلامي، ودلوقتي إيناس الدغيدي"، مشيرًا إلى أن الإنسان حر فى ممارسه الجنس سرًا لانه حسابه عن الله لكن يحاسب اذا أشاع الفاحشة او دعى اليها". واستطرد: "الحرية المطلقة هي مفسدة مطلقة أنت حر ما لم تضر، وما قالته الدغيدي دعوة صريحة للفاحشة، ونقولها لا وقفي عندك، ربنا بيقول إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، القرآن بيفرق بين فعل الفاحشة وبين إعلان الفاحشة، وفي نفس الوقت عذاب الله عندما ينزل يأخذ الجميع". واستكمل حديثه، "الله لم يدمر العصاة فقط، ولكن كل المجتمع هيدفع فاتورة الفسق والدعارة، كل المجتمع هيدفع فاتورة الفسق من رزقه ومن عيشه وآمنه وسلامته". وواصل: "ما قالته إيناس الدغيدي، يخالف قيم المجتمع ومخالفة لصريح القانون"، موضحا: "تصريحاتها دعوة لممارسة الفاحشة العلنية في مصر، مطالبًا الأزهر الشريف بالتصدي لتلك الآراء الشاذة.