وسط حارات ضيقة، بمنطقة خان الخليلي، ومبانٍ تظهر عليها معالم التاريخ، قد يكون بعضهاً منهاراً، وورش مُغلقة، وجدنا ورشة واحدة يصدر منها أصوات ماكينات تقطيع الأخشاب، وعند دخولنا بها وجدنا "نِشَارة الأخشاب" تتطاير بالمكان، وشخصان تملأ ملابسهما ووجههما النِشَارة، وتظهر على ملامحهما علامات المشقة والتعب من العمل. ورشة "حسين السيسي" لصناعة الأرابيسك، المعروفة بالمنطقة بورشة "ابن عم الرئيس السيسي"، وتقابلنا بها مع شخصين من عائلة الرئيس، وهما ابن عمه "حسين السيسي"، وابن خاله "الحاج أحمد". وكان ل"الفجر"، حوار خاص معهم لمعرفة أحوال مهنتهم، وكشفا عن أسرار لأول مرة يتحدث عنها أحد من عائلة الرئيس السيسي. من جانبه قال "الحاج أحمد، ابن خال الرئيس عبدالفتاح السيسي"، إن الرئيس كان يعمل "صنايعي صدف" في ورشة والده لصناعة الأرابيسك، قبل أن يلتحق بالمدرسة الثانوية الجوية هو وابن خاله، الذي تركها ولم يستكمل مع السيسي الدراسة، لافتاً إلى أنه كان يعمل مساعداً له، وأن ورشة والده لا زالت موجوده حتى الآن، كاشفاً أن والده كان من قبل يعمل صانعاً ل"القباقيب". ورداً على من يعيب على أن هذه المهنة في تدهور على الرغم من أن الرئيس "السيسي" إبناً لها، أوضح أن المجالات الكبرى لها الأولوية بالنسبة للرئيس الآن، مناشداً الجميع أن يعلموا بأن "السيسي" أصبح رئيساَ في وقت كانت فيه مصر لا تملك "جنيهاً واحداً"، فيجب أن ينظر إلى الأهم ثم المهم. وتابع ابن خال "السيسي" قائلاً : "نحن لا نراه حتى نعرض عليه مشاكل هذه الصناعة .. وزياراته للمنطقة انقطعت"، مستكملاً بابتسامة: "أذكر أنه قال لزوجته .. أنا مش فاضيلك والبلد أهم .. ولو مش عاجبك روحي لوالدتك"، موضحاً أنه حريص على الإنشغال بمشكلات الدولة أكثر من منزله. وأضاف، أن "السيسي" يريد النهوض بمصر والقفز بها لا الجري فقط، مستشهداً بما جرى أثناء المؤتمر الإقتصادي وحرصه على النهوض بالاقتصاد المصري ودعوة الجميع للإستثمار في مصر لإعادة بنائها من جديد. وأشار إلى أن الرئيس السيسي كان الرجل الخاص للمشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، بالإضافة إلى أنه كان رجل مخابرات لمدة 15عام، موضحاً أنه ينظر إلى الصناعات الثقيلة والأهم أولاَ. وأرجع سبب تدهور المهن الحرفية واختفائها إلى عدم تقبل الشباب للعمل فيها، بسبب عدم قدرتهم على مشقاتها، لافتاً إلى أنهم ليس لديهم القدرة على الصبر والتحمل لمثل هذه المهن، ولذلك أصبح عدد من يمتهنوها محدود جداً. وفيما يخص مهنة الأرابيسك، فأكد أنها لم تنقرض كما يقال عنها، وأن المشكلة تكمن في الشباب الذي يمتنع ويطالب بالأجر أولاً قبل العمل، مضيفاً أنه على استعداد أن يقوم بتعليم الشباب وتدريبهم على هذه المهنة، مشيراً إلى أنه قام بتدريب الكثيرين من قبل وأصبحوا أصحاب ورش. ولفت إلى أن حالة الركود التام في السوق المصري جعلت عدد كبير من أصحاب ورش صناعة الأرابيسك يغلقون ورشهم للبحث عن مهن أخرى قد تدر لهم دخلاً يساعدهم على المعيشة، مشيراً إلى أن بعضهم عملوا سائقين وآخرين "قهوجية". وتابع، أنه تعلم الأرابيسك وهو طفل، لافتاً إلى أنه يعمل حالياَ بجانب هذه المهنة موظف في الهيئة العربية للتصنيع، مضيفاً: "هذه المهنة هي حياتي تربيت بالعمل فيها وسط أقاربي وعائلتي". فيما وصف الحاج حسين السيسي، ابن عم الرئيس، حال صانعي الأرابيسك بأنهم "ضايعيين"، منوهاً بأن المهنة أصبحت في مرحلة "إنعاش" وتقترب من الموت. ولفت إلى أن العمال بالورش متوسط أعمارهم كبير، ولا يوجد شباب يعملون بها، لأن الشباب يرفضون العمل بها لأنها مرهقة، مشيراً إلى أنه على الرغم من توارث هذه المهنة منذ أن كان في الصف السادس الإبتدائي، إلا أن أبنائه رفضوا العمل بها ومنهم ابنه الصغير الذي يدرس في كلية التجارة. وأشار إلى أن صناعة الأرابيسك لها علاقة بأي متغيرات بالشأن السياسي، قائلاً: "لو واحد حدف بُمبه في ميدان التحرير نظل بعدها أربعة أشهر في منازلنا بدون عمل". وعن تطوير المهنة، فأكد حسين السيسي، أن تطويرها يعتمد على الشباب وعمله بها وعدم هروبه منها، مرجعاً اختفائها إلى هروبهم من العمل بها. يذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولد بحارة البرقوقية في حي الجمالية، ووالده "سعيد السيسي"، كان صاحب مصنع "حسن السيسي لصناعة الأرابيسك"، وهو اسم الشهرة، وعائلته تتربع على عرش صناعة الأرابيسك بمنطقة خان الخليلي، وتملك عدد كبير من المحلات به.