يستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الخميس، جاكوب زوما، رئيس جنوب إفريقيا، الذي وصل البلاد أمس، في زيارة رسمية إلى القاهرة تستغرق يومين، ومن المقرر أن يجري الجانبان مباحثات ثنائية تتناول سبل تعزيز العلاقات بين البلدين، فضلًا عن القضايا المتعلقة بالقارة الإفريقية والأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية. وقد مرت العلاقات المصرية بجنوب أفريقيا بمراحل عديدة، حيث بدأت بالدعم، ثم قطع للعلاقات إلى أن عادت في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي من جديد، وفي رصد العلاقات المصرية وجنوب أفريقيا في عهد الملك فاروق و رؤساء مصر نجد:- الملك فاروق وبداية العلاقات
ففي العام 1942، بدأت العلاقات التاريخية بين مصر وجنوب إفريقيا، وقتما اُفتتحت أول قنصلية عامة لجنوب إفريقيا بالقاهرة، ثم تحولت القنصلية إلى بعثة دبلوماسية عام 1949، إثر قرار مجلس الوزراء المصري برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع اتحاد جنوب إفريقيا إلى مستوى البعثات الدبلوماسية.
عبد الناصر وعلاقة الحب والدعم بداية ستينات القرن العشرين، زارت مجموعة من 7 حركات تحرير شعبية من جنوب إفريقيا، مصر لطلب دعمها في نضالهم ضد حكومة "الفصل العنصري"، والتي عُرفت بممارسات التمييز العنصري لحكومة الأقلية البيضاء ضد غالبية الشعب الأسود، وكانت تلك الزيارة بداية إنهاء العلاقات الرسمية بين مصر وجنوب إفريقيا وبداية دعم الحكومة المصرية إلى حركات التحرر الجنوب إفريقية والذي استمر لسنوات عديدة. وقد ربطت علاقة حب قوية بين الرئيس جمال عبد الناصر ورئيس جنوب أفريقيا "نيلسون مانديلا"، وبعد سجن الرئيس مانديلا، تم قطع العلاقات بين حكومتي البلدين في 30 مايو 1960 رسمياً ، بحسب موقع السفارة المصرية في جنوب إفريقيا. السادات وقطع العلاقات في عهد الرئيس محمد أنور السادات استمرت العلاقات بين البلدين مقطوعة لا جديد ولا تطوير فيها، ولكن مع عودة نيلسون مانديلا للحكم من جديد في عهد مبارك عادت العلاقات مرة أخرى، وعندما زار لرئيس مانديلا مصر قال عندما حصلت مصر علي صفر المونديال "لو كان عبدالناصر علي قيد الحياة لانسحبت جنوب أفريقيا من أمام مصر ولكن مصر لم تعد مصر جمال عبدالناصر". مبارك وعودة العلاقات وتطورها وفي 11 أكتوبر 1993، أعلنت وزارة الخارجية المصرية استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين بعد الانتخابات العامة في جنوب إفريقيا في أبريل 1994، ورفعت الحكومتان بعدها، مستوى التمثيل من مكاتب تمثيل إلى سفارات، وشهد عام 1996 عقد أول اجتماع للجنة المشتركة بين البلدين.
وعندما عاد نيلسون مانديلا للحكم مرة أخرى عام 1994، عادت معه العلاقات السياسية من جديد، وعن العلاقات السياسية بين البلدين، تعود إلى تعاون مصر مع حزب المؤتمر الوطني إبان فترة نضاله ضد النظام العنصري السابق، فكانت مصر في طليعة الدول التي زارها مانديلا بعد توليه منصب الرئاسة عام 1994، وإعلانه ضرورة قيام تعاون استراتيجي بين جنوب إفريقيا ومصر في جميع المجالات. في أكتوبر 1997، زار الرئيس نيلسون مانديلا مصر، في خطوة وصفت ب"المهمة" على صعيد تدعيم العلاقات بين البلدين وتنميتها في المجالات المختلفة، وتم إنشاء لجنة مشتركة للتعاون بينهما في مارس 1995 عقدت دورتها الأولى في أبريل 1996 بالقاهرة، وتم خلالها الاتفاق على دفع العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، وخاصة المجال التجاري بفتح أسواق جنوب إفريقيا أمام المنتجات المصرية وتوسيع نطاق مشاركة العديد من الشركات المصرية في المعارض السنوية التي تقام في جنوب إفريقيا. وقد تطورات العلاقات الثنائية قبل ثورة 25 يناير 2011، تمثلت في زيارة الرئيس الأسبق حسني مبارك لجنوب إفريقيا في يوليو 2008 وزيارة الرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما لمصر في أكتوبر 2010 والتي أسفرت عن تطورات في عدد من الملفات الثنائية وانعقاد اجتماع رجال الأعمال بين البلدين بمشاركة 1000 من رجال الأعمال من بينهم 200 من الجانب الجنوب إفريقي، وتم توقيع 4 مذكرات تفاهم وبرنامجين تنفيذيين على هامش الزيارة للتعاون فى مجالات: "البترول والغاز، الخدمات الصحية والبيطرية، الرياضة، السياحة"، ومذكرة تفاهم بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية في جنوب إفريقيا.
كما انعقدت الدورة الثامنة للجنة المشتركة بين البلدين برئاسة وزيرى خارجية البلدين في بريتوريا في 17و18 مارس 2010 على مستوى وزراء الخارجية، ولم تعقد اللجنة المشتركة منذ هذا التاريخ، ويأتي الدور على القاهرة لاستضافة اللجنة المشتركة القادمة، بحسب موقع السفارة المصرية في جنوب أفريقيا. وفي يناير 2003، صدَّق البرلمان المصري على اتفاقية تبادل المجرمين بين مصر وجنوب إفريقيا، وكانت أول اتفاقية تعقد في هذا المجال.
مرسي والاهتمام المتواصل ورفض العزل جاءت زيارة الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي لجنوب أفريقيا فى 27 مارس 2013، تحث على رغبته في خلق تعاون مشترك بين البلدين حيث شارك في اجتماع رؤساء دول مبادرة "نيباد" للبنية التحتية في أفريقيا، ومنتدى رؤساء دول تجمع "بريكس"، الذي استضافته مدينة ديربان. وألقى مرسى، كلمة أمام الاجتماع مع دول "بريكس" أكد فيها أن مشاركة مصر في هذا الاجتماع تكتسب أهمية خاصة تنبع من رغبتها الأكيدة واقتناعها بضرورة المشاركة الفعالة في جهود تنمية القارة الأفريقية، وفي دعم التعاون بينها وبين تجمع "بريكس"، الأمر الذي يعبر عن عزم مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير في استعادة موقعها في قلب قارتها وتطوير علاقاتها مع التجمعات الاقتصادية المهمة في العالم. وسبق هذا الاجتماع لقاء تنسيقي مع رؤساء المجموعة الأفريقية "16 دولة"، شارك فيه رئيس الجمهورية.
وبعد عزل مرسي رفض جنوب أفريقيا ، حيث كانت وزارة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب أفريقيا أصدرت بيانا في 30 يوليو 2013، أعلنت فيه رفض جنوب أفريقيا كافة الإجراءات التي شهدتها مصر بعد مظاهرات 30 يونيو 2013 والتي أدت إلى "عزل الرئيس المنتخب ديمقراطيا وتعطيل الدستور"، معتبرة أن تلك الإجراءات "تخالف مواثيق وأعراف الاتحاد الأفريقي".
عدلي منصور وتصحيح الأوضاع
وفي عهد الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور صححت الأوضاع بعد إدراج جنوب أفريقا بأخطار وإرهابيه الجماعة الإخوانية، فجاءت زيارة وزير الأمن ومبعوث الرئيس الجنوب الإفريقي إلى مصر فى 24/2/2014، التقى خلال الزيارة بالرئيس السابق عدلى منصور وقام بتسليمه رسالة من جاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا والتي تتضمن دعمها لخارطة الطريق وإدانة الأعمال الإرهابية التي واجها الشعب المصري. كما التقى خلال الزيارة بوزير العدالة الانتقالية وعدد من المسئولين ورجال المجتمع المدني والسيد عمرو موسى. تأتي الزيارة في إطار نشاط مكثف لمصر على الساحة الإفريقية، مضيفًا أن الزيارة تتيح للمبعوث الجنوب الإفريقي التعرف على حقيقة التطورات في مصر، والتيقن أن الشعب المصري عازم على انتهاء من المسار الذي اختاره لمستقبله وذلك لنقل صورة واضحة إلى القيادات الجنوب افريقية.
السيسي وعودة تطوير العلاقات وفى أكتوبر 2014، قامت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا مايتي نيكوانا بزيارة لمصر استقبلها سامح شكري وزير الخارجية، تبادلا تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين واهمية العمل على تطويرها في مختلف المجالات بما يحقق مصالح البلدين، كما تم تناول الأوضاع في القارة الأفريقية وفى منطقة الشرق الأوسط. وقال وزير الخارجية المصري إنه تسلم رسالة من وفد رفيع المستوى من جنوب إفريقيا، مشيرًا إلى أن وفد جنوب إفريقيا سلم وزير الخارجية سامح شكري رسالة من الرئيس جاكوب زوما إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، لافتًا إلى أن الرئيس السيسي نقل تحياته للرئيس الجنوب إفريقي عن طريق الوفد. ووصل الرئيس الجنوب إفريقي أمس، إلى القاهرة في زيارة تستغرف يومين، ويلتقي خلالها بالرئيس عبدالفتاح السيسي لبحث التعاون بين البلدين.