مأساة فتاة في عمر الزهور فقدت حياتها مقابل عذريتها الأب خاف من "الفضيحة" فضحى بحياة ابنته إرضاء للمجتمع القومى للمرأة: هناك العديد من الأفكار تحتاج سنوات لتغييرها دفعت فتاة في عمر الزهور حياتها ثمنا للعادات و التقاليد التى أختزلت الشرف في غشاء بكارة، وتناسى المجتمع أن مفهوم الشرف أكبر بكثير من ذلك، تلك الفتاة ذات ال 15 عاما التى لم تخلع ثوب الطفولة بعد أن جاءت إحدى قرى الصعيد الفقيرة، والمعروف بتشبثه بتقاليد وعادات فرضتها عليهم طبيعة المكان الذين يعيشون فيه، فلم تتخيل الفتاة يوما أن تستيقظ على كابوس، يودى بحياتها التى لم تتعدى سنوات قليلة، حيث لم يخطر ببالها أن يكون سبب الألم الذى تشعر به، تجمع دموى نتيجة عدم نزول دم الحيض، ومن ثم إحتباسه بالمعدة مما يتطلب عمل فتحه بغشاء البكاره تؤدى إلى فضه، وبسبب نظرة المجتمع و خوف الأب من القيود التى فرضها عليهم ،رفض الأب إجراء الجراحة مما أدى إلى وفاة الفتاه نتيجة تسمم غشاء البطن و دفعت حياتها ثمنا للتقاليد. فلم يكن الأب وحده الجانى فالمسئولية تقع على المجتمع بأسره، الذى أختزل الشرف في غشاء، و تناسى أن هناك كثيرون ليس لهم علاقة بالشرف ولم يكن لديهم غشاء، لمحاسبتهم على أساسه، وأن الشرف أكبر و أسمى من إختزاله في غشاء بالى. هذه الحالة المأساوية حدثت بمستشفى القصر العينى حيث أتت تلك الفتاه ذات ال 15 عاما تشكو من الآم بالمعده، وعند إجراء الفحص الطبى لها تبين أنها تعانى من تجمع دموى بمعدتها، سببه أن غشاء البكاره لديها من نوع يسمى فى الطب " imperforate hymen" أى غشاء بدون فتحات تسمح للدم في فترة الحيض بالنزول مما أدى لتجمع الدم الذى شكل خطورة عليها لأنه سيؤدى إلى حدوث "peritonitis " أى تسمم في غشاء المعدة ومن ثم الوفاة. وأكد الأطباء أنه لتفادى حدوث ذلك و إنقاذا لحياة الفتاة لابد من إجراء فتحه صليبيه، في غشاء البكار ه شبيهه بعلامة "+" ، وتحصل الفتاه بموجب ذلك على مستند مسجل به حالتها ، كمستند طبى على أنه تم غشاء البكاره في عملية جراحية إنقاذا للفتاه . ولكن هذا الحل رفضه الأب رغم شرح الأطباء له طبيعة الحالة و تأكيدهم على إعطائه مستند يؤكد أن فض الغشاء كان لضرورة طبية، و على يد الأطباء حفاظا على سمعة الفتاة، في حال زواجها ورغم ما يحمله الأمر من خطورة على حياة أبنته، رفض خاضعا لتقاليد قيدته ليس هو فقط، بل ما زلنا جميعا رهائن وأسرى بين أيدى الكثير من الأفكار التى أودت بحياة الكثيرين منا ونحن على قيد الحياة . وقد علم الأطباء بعد ذلك بوفاة تلك الفتاة نتيجة تسمم غشاء المعدة البروتينى ودفعت حياتها ثمنا لأفكار لا ذنب فيها سوى أنها ولدت ف مجتمع مقيد بها ولن يتخلى عنها حتى موتنا جميعا، وهذه الفتاة التى لم تكون الأولى و لن تكو الأخيرة وهى إنعكاس لضحايا قتلهم المجتمع وما زال يقتلهم.
في هذاالسياق قال "صلاح رسلان " إخصائى النساء و التوليد ونقيب الأطباء بشمال سيناء أن هذه الحالة تعانى منها الفتيات، في السن ما بين ال13ل 15 عاما ، حيث تشتكى الفتاة من الآلام بالمعدة نتيجة عدم نزول دم الحيض، الناتج عن وجود غشاء كامل لا يحتوى على فتحات لتصريف الدم ،أو وجود عيب خلقى به يمنع من نزول دم الحيض ،مما ينتج عنه إختزان الدم بتجويف الرحم ،و من ثم نفخ قناة المهبل مما يتسبب في شعور الحالة بألم في المعده و إلتهاب الغشاء البروتينى، ينتج عنه تورم ما بين السره و العانة، وقد يشك الأهل بسبب هذا التورم في حمل الفتاه ، ثم يعرضونها على طبيب وبعد إجراء السونار الطبى لها يتضح أن الرحم ملىء بالدم. وأكد إخصائى النساء و التوليد أن هذه الحالة تحتاج إلى عمل فتحه في غشاء البكارة، لكى ينساب الدم من الرحم و المهبل، مشيرا أنه في هذه الحالة يتم عقد لجنة ثلاثية، مكونة من رئيس قسم النساء و التوليد و أكبر أثنين متخصصين بالقسم، وعلى أثر ذلك يتم إجراء العملية و إعطاء أهل الحالة خطاب رسمى من المستشفى، بأنه تم فض الغشاء بعمليه جراحية إنقاذا للفتاة. وأضاف إخصائى النساء و التوليد أن هذه الحالة تتكرر بإستمرار، ويتم إجراء العملية لأنها مسألة حياة أو موت ،و لا تحتاج لإبداء الرأى وفى حالة رفض الأهل إجراء العملية ،لا توجد أية مسئولية جنائية على إدارة المستشفى، لأن الأطباء يقومون بشرح الحالة و مدى خطورتها لأهل الفتاة قبل إجراء الجراحة. وأعرب إخصائى النساء و التوليد عن تعجبه ،لتصرف والد الفتاة ،الذى رفض إجراء الجراحة ،مشيرا أن ذلك يعكس الجهل السائد في المجتمع ،مضيفا أنه فحتى إذا تطلب الأمر عدم زواج الفتاة بسبب فض غشاء البكارة من غير المنطقى التضحية بحياتها من أجل ذلك، و تابع يمكن تفادى فض الغشاء عن طريق فتحه بحرفية تجنبا لفضه بالكامل. وأضاف أن والد الفتاة فرضت عليه العادات و التقاليد هذا التصرف لإنخفاض مستواه التعليمى ،الذى خاف من فض غشاء البكاره إعتقادا منه ان هذا هو عنوان الشرف ،رغم ان هناك كثيرون لديهم غشاء و ليس لديها شرف على حد قوله. وفيما يتعلق برأى المجلس القومى للمرأة في هذه القضية قالت "عبير أبو العلا " مدير عام اللجان بالمجلس القومى للمرأة ،أنها لا تستطيع اللوم على والد الفتاه، في ظل الجهل الذى يعانى منه المجتمع ،مشيرة أن موقف الوالد كان طبيعيا، في ظل مجتمع لن يعترف بأن الفتاة أجرت عملية جراحية ،لفض غشاء البكارة إنقاذا لحياتها ،مهما رأى الناس من شهادات طبية ،وخاصة المجتمع الصعيدى، المعروف بقيمه و عاداته الخاصة به. ووجهت أبو العلا اللوم للمجتمع، معتبرة إياه المسئول الأول و الأخير عن قتل تلك الفتاة، وأضافت أن هناك العديد من الأفكار الموجودة بالمجتمع ، تحتاج سنوات لتغيرها ،من بينها ختان الإناث الذى يعتقد الكثير من الأهالى أنه إعفاف لبناتهن ،متناسين أن التربية داخل الأسرة هى الأساس، وليس إجراء جراحة تتسبب في إيذاء الفتاة نفسيا وجسديا وأودت بحياة الكثيرين.