تُتابع إسرائيل الرسميّة المعارك الضارية التي يخوضها الجيش العربيّ السوريّ ضدّ المُعارضة المُسلحّة على مختلف فئاتها في الجزء المُحرر في هضبة الجولان العربيّة السوريّة بتوجسٍ شديدٍ، وتزعم أنّ مقاتلي حزب الله اللبنانيّ باتوا أقرب من أيّ وقت مضى يقتربون إلى الحدود مع إسرائيل في الجولان، هذا في الوقت الذي بدأت تُسمع الأصوات داخل إسرائيل، والتي تُطالب بالعودة إلى التمسّك بمعاهدة فضّ الاشتباك التي تمّ التوقيع عليها بين إسرائيل وسوريّة في العام 1974 بعد حرب تشرين من العام 1973، والقاضية بنشر قوات تابعة للأمم المتحدّة (أوندوف) في المكان، والذين كانوا قد انسحبوا تقريبًا من قواعدهم إثر سيطرة جبهة النصرة وحليفاتها على أجزاء من الجولان المُحرر، كما نقلت اليوم الخميس صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة عن مصادر أمنيّة وسياسيّة في تل أبيب، وصفتها بأنّها رفيعة المستوى. جدير بالذكر أنّه على غير عادتهم، لم ينبّسوا قادة إسرائيل، من المستويين الأمنيّ والسياسيّ، ببنت شفة على وقع المستجدّات الأخيرة على جبهة الجولان، ولكنّ وزير الخارجيّة الإسرائيليّ، أفيغدور ليبرمان، الذي أعلن أنّه في التوليفة الحكوميّة القادمة، بعد الانتخابات التي ستجري في السابع عشر من آذار (مارس) القادم، سيكون شرطه الرئيسيّ الحصول على حقيبة الأمن، ليبرمان هاجم بشدّةٍ وزير الأمن الإسرائيليّ الحاليّ، موشيه يعالون، وقال في تصريحات رسميّة أدلى بها لوسائل الإعلام الإسرائيليّة إنّ ما من احد يأخذ يعالون على محمل الجد بما في ذلك الدول العربية المجاورة وحماس وحزب الله وحتى الولاياتالمتحدة. واعتبر ليبرمان أنّ أداء الوزير يعالون لم يعزز قوة الردع الإسرائيليّة. وتابع قائلاً إنّ يعالون كان جنديًّا ممتازًا، لكن كوزير للدفاع، بحسب تعبيره، للأسف لا أحد يأخذه بجدية، لا حماس، ولا حزب الله، ولا حتى الأمريكيين، ولا أيضًا جيراننا العرب. وأضاف رئيس الدبلوماسيّة الإسرائيليّة: نعم تميزّ يعالون لغاية الآن بفلتات اللسان وبعدها بالهرولة للاعتذار أمام الأمريكيين، لافتًا إلى أنّه لا يعتقد بأنّ أيًّا من تصرفاته إزاء حماس، وحزب الله، والولاياتالمتحدة قد جلبت الاحترام لإسرائيل ولم تضف أي إضافة للردع، على حدّ قوله. وقال مراسل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، يوسي يهوشواع، اليوم الخميس، إنّ أعين قادة الجيش الإسرائيليّ تُراقب على مدار الساعة ما يجري في الجزء المحرر من الجولان، ونقل عن مصادر عسكريّة رفيعة في الجيش الإسرائيليّ قولها إنّ الأخبار الواردة من هناك لا تُبشر بالخير لإسرائيل، كما قالت المصادر، التي أعربت عن قلقها الشديد من الانتصارات التي حققها ويُحققها عناصر حزب الله اللبنانيّ في المعارك ضدّ المعارضة المُسلحّة. علاوة على ذلك، أعربت المصادر عينها عن قلقها الشديد من قيام حزب الله بتنفيذ سلسلة عمليات فدائيّة كبيرة في الذكرى السنويّة لاغتيال قائدها العسكريّ، عماد مغنيّة في العاصمة السوريّة، دمشق، هذه العملية المنسوبة لجهاز الاستخبارات الخارجيّة الإسرائيليّ (الموساد)، علمًا أنّ إسرائيل لم تُعلن عن مسؤوليتها عن عملية الاغتيال حتى اليوم. وأضافت المصادر ذاتها قائلةً إنّ الجيش الإسرائيليّ قام بإعداد سيناريوهات عديدة لمواجهة أيّ تطور على الحدود الشماليّة، وذكّرت بما كان قد قاله رئيس هيئة الأركان العامّة في الجيش الإسرائيليّ، الجنرال بيني غانتس، إنّه بالنسبة لإسرائيل فإنّ الاختيار بين سيطرة إيران وسوريّة وحزب الله على الجولان المُحرر أو سيطرة المعارضة المسلحة عليه، هما أمكانيتان سيئتان لإسرائيل، على حدّ تعبيره. وشدّدّت المصادر الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب، كما قالت الصحيفة الإسرائيليّة، على أنّ نتائج المعارك الضارية التي تجري في الجزء المُحرر من الجولان ستكون لها تداعيات إستراتيجيّة بعيدة المدى على إسرائيل. ولفتت الصحيفة إلى أنّه بحسب التقارير التي تسلمتها المنظومة الأمنيّة في إسرائيل، فإنّ عناصر حزب الله اللبنانيّ قاموا بتغيير عناصر الجيش العربيّ السوريّ، وهم الذين يقومون بقيادة المعارك، علاوة على تواجد عشرات المستشارين العسكريين من الحرس الثوريّ الإيرانيّ في مناطق المعارك، أكّدت المصادر. وأشارت المصادر إلى أنّ تواجد حزب الله على الحدود مع إسرائيل في الجولان ستقوم بتغيير المعادلات، ذلك لأنّ حزب الله هو خصم يحمل معه الكثير من المشاكل بالنسبة للجيش الإسرائيليّ بسبب الخبرة العسكريّة التي اكتسبها خلال الحرب الأهليّة في سوريّة، علاوة على امتلاكه أسلحة متطورة ومتقدّمة جدًا، ولكن، بحسب المصادر الإسرائيليّة، فإنّ العامل الرئيسيّ الذي يقضّ مضاجع دوائر صناعة القرار في تل أبيب هو أنّ حزب الله في الجولان يعمل دون ضغط من المدنيين، كما هو الحال في الجنوب اللبنانيّ، وبالتالي تحوّل حزب الله إلى أكثر جرأة إذا قرر القيام بعمليات هجوميّة ضدّ إسرائيل، وبالتالي، نوهّت المصادر، على أنّه يتحتّم على الجيش الإسرائيليّ بلورة سياسة جديدة لتحديد قواعد اللعبة في الجولان، على حدّ قولها. وأضافت المصادر أنّ القلق يُساور قادة الجيش الإسرائيليّ لأنّ شأن انتصارات حزب الله في معاركه ضدّ المعارضة المسلحّة أنْ يؤدّي لاندلاع مواجهة دمويّة جدية بينه وبين إسرائيل، خصوصًا مع اقتراب الذكرى السنويّة لاغتيال مغنية، والتي تحلّ في الثامن عشر من الشهر الجاري، كما أنّ المصادر العسكريّة الإسرائيليّة قالت للصحيفة إنّه يوم الاثنين القادم ستحل الذكرى ال23 لاغتيال الأمين العام السابق لحزب الله، الشيخ عبّاس موسوي من قبل إسرائيل، وهذا الأمر يُضيف من شدّة خطر الأعمال الانتقاميّة من قبل حزب الله، كما قالت المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة الرفيعة لصحيفة (يديعوت أحرونوت).