تنوعت العلاقات المصرية الروسية، بين القوة والضعف على مدار 63 عاماً، إرتبطت فى معظمها بتوجهات النظام الحاكم للمعسكرين الشرقى أوالغربى تبعاً للظروف السياسة والمصالح المشتركة فى كل حقبة زمنية، فكلما زادت الخلافات مع المعسكر الغربى بقيادة أمريكا زاد التقارب المصرى الروسى والعكس. وكان الإطار الحاكم للعلاقة على مدى 15 حقبة رئاسية حكم خلالها مصر 6 رؤساء متتالين هى مدى قوة العلاقات مع أمريكا وتوجهاتها نحو مصر بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، فكان توجه مصر وهى الدولة المحورية بالمنطقة للجانب الروسى يمثل ضربة موجعة لأمريكا وحليفتها إسرائيل يؤدى فى الغالب إلى تحول فى السياسة الأمريكية حفاظاً على توازن القوى بالمنطقة. لذلك كانت أكثر فترتين شهدت تطور للعلاقات المصرية الروسية هما: فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد وقوف أمريكا ضد مصالح مصر الإقتصادية عقب ثورة 1952، ورفضت تمويل بناء السد العالى، مما دفع الرئيس المصرى للتوجه للإتحاد السوفيتى الذى رحب بقوة بالتعاون مع مصر فى كافة المجالات الإقتصادية والعسكرية ، وهو نفسه ما حدث إبان ثورة 30 يونيو ووقوف أمريكا ومساندتها لنظام الإخوان مما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي للتوجه إلى الحليف الروسى من أجل دعم التطور السياسى والإقتصادى الناشئ فى مصر الجديدة وهو ما لاقى قبول لدى دوائر إتخاذ القرار بروسيا.
عبد الناصر.. الصديق الأقوى كانت فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بين الخمسينات والستينات أقوى فترات قوة العلاقات المصرية الروسية، حيث نجد مساعدة الجانب السوفيتي لمصر كبير في تلك الفترة إلى جانب الحفاوة التي كان يستقبل بها الرئيس جمال عبد الناصر في زيارته لروسيا وكان من أهم ثمار تلك العلاقة: تمويل السد العالي بعد أن وقف البنك الدولي مشاركته في تمويل بناء السد العالي بضغوط أمريكية، تم توقيع اتفاقية بين الاتحاد السوفيتي ومصر لإقراض مصر 400 مليون روبل لتنفيذ المرحلة الأولي من بناء السد الذي أنقذ مصر من خطر الفيضان وساهم بشكل كبير فى التنمية الإقتصادية، وكان ذلك في 27 ديسمبر 1958.
صفقات الأسلحة وكانت صفقة الأسلحة بين مصر وروسيا عام 1960 هي البداية الحقيقية، حيث قبلت موسكو أن يكون محصول القطن المصري ثمنًا لصفقة السلاح بعد التقارب الشديد في السياسات والمصالح بين الرئيس جمال عبد الناصر والزعماء الروس في مواجهة حلفاء الغرب مثل بريطانياوأمريكا. وقد بلغت العلاقات الثنائية ذروتها حين ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر في إنشاء المؤسسات الإنتاجية العملاقة، ومنها مصنع الحديد والصلب في حلوان ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي ومد الخطوط الكهربائية أسوان – الإسكندرية. السادات.. وبداية العداء بعد توقيع إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية تراجعت الولاياتالمتحدة عن تعنتها في مساعدة مصر، وبدأت تحل أمريكا محل روسيا في مجال الأسلحة، فى مقابل ذلك ساءت العلاقة بين البلدين خاصة بعد طرد الرئيس الراحل محمد أنور السادات للخبراء الروس من مصر، بسبب تباطؤ روسيا في الوفاء بالمتطلبات العسكرية اللازمة قبل عام من حرب اكتوبر 1973.
مبارك.. والتحسن التدريجي ظل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك على الحياد في علاقاته الخارجية مع روسيا فلم تشهد العلاقة بين البلدين تحسناً إلا في منتصف التسعينيات، عندما قام مبارك بزيارته الأولى إلى روسيا عام 1997، ووقع خلالها اتفاقيات في مجالات عسكرية واقتصادية، ثم أجرى زيارتين أخرتين عامي 2001 و2006 شهدتا التركيز على الإستفادة في المجال العسكري، والإستخدامات السلمية للطاقة النووية. وقد قام الرئيس فلاديمير بوتين بزيارة عمل إلى القاهرة في 26-27 أبريل عام 2005، وصدر في ختام المباحثات الثنائية التي جرت في القاهرة البيان المشترك حول تعميق علاقات الصداقة والشراكة بين روسيا الإتحادية وجمهورية مصر العربية والذي يؤكد طبيعتها الاستراتيجية.
واتخذت دورة مجلس جامعة الدول العربية في سبتمبرعام2005 للمرة الأولى في تاريخها قرارا باعتماد سفير روسيا في جمهورية مصر العربية بصفته مفوضا مخولا لدى جامعة الدول العربية. وكان يميل الطرفان إلى مستوى متوازن من التمثيل الدولي دون قرب أو بعد شديد؛ نظرًا للعلاقة الوطيدة التي كانت تربط مصر بالولاياتالمتحدةالأمريكية خصوصًا بعد حرب أكتوبر وتقديم المعونة العسكرية لمصر كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط.
مرسي.. وغياب الإهتمام
شهدت فترة الرئيس الأسبق محمد مرسي زيارة واحدة وكانت الأولى بعد ثورة 25 يناير، وكان ذلك في إبريل عام 2013 وهي الزيارة التي وصفها دبلوماسيون بأنها أقل الزيارات من حيث الحفاوة ودرجة الاستقبال مما ظهر في الاستقبال في المطار عندما استقبله عمدة مدينة صغيرة في مطارها.