السيسي يكرم 11 من أبطال حرب أكتوبر المجيدة    الأمين العام لمجلس الشيوخ يسلم رسميا مهام مكتبه    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    هيئة الاستثمار: المناطق الحرة تساهم ب22% من الصادرات المصرية    وزير قطاع الأعمال العام يبحث مع مجموعة طلعت مصطفى تعزيز التعاون في المشروعات السياحية والفندقية    21 أكتوبر.. انطلاق فعاليات ملتقى التصدير إكسبورت سمارت 2025    تداول 12 ألف طن و617 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الاحمر    قادة حزب إيشين الياباني المعارض يعقدون اجتماعا لبحث إمكانية التحالف مع الحزب الحاكم    نتنياهو: إسرائيل سترد بقوة على هجوم حماس على قوات الجيش    اندلاع حريق في مصنع روسي للغاز جراء هجوم بمسيرات أوكرانية    ميسي يحقق الحذاء الذهبي للمرة التاسعة في تاريخه    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    ياسين منصور: الأهلي يستحق اللعب في دوري أبطال أوروبا    محافظ المنيا يشدد على تكثيف الرقابة على الأسواق والمخابز ومحطات الوقود لضبط الأسعار وحماية حقوق المواطنين    ضبط كميات كبيرة من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي داخل مطعم في بورسعيد.. صور    بعد غرق 4 عمال.. انتشال الجثة الرابعة من بئر الصرف الصحي في العريش    كيت بلانشيت من الجونة: مصر لعبت دورا قياديا ورائعا في أزمات اللاجئين.. ويجب أن نشكرها على تحمل المسئولية    نجل المؤلف مصطفى محرم يحذر من الاقتراب من مسلسل لن أعيش في جلباب أبي    وزير الصحة يبحث تفعيل المرحلة الثانية من الهيكل الوظيفي للوزارة    الصحة تطلق حملة مكافحة الطفيليات المعوية ل4 ملايين طالب في المحافظات الزراعية    فحص 1846 مواطنا في قافلة طبية بالمجان ضمن المبادرات الرئاسية بالشرقية    الرئيس السيسي: كل بيت مصي فيه شهيد وجريح ودفعنا ثمن القضاء على الإرهاب    الرئيس السيسى : كل التحية لأبطال حرب أكتوبر.. صنعوا وأعادوا العزة لمصر    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    حادث تصادم سيارة ملاكى ونقل يتسبب فى بقعة زيت بالقطامية.. صور    وزير الثقافة يشهد ليلة النجم وائل جسار بمهرجان الموسيقى العربية    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    الجيش الإسرائيلي يعلن التعرف على هوية جثة رهينة إضافية    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    «الأمم المتحدة» تطلق عملية واسعة النطاق لإزالة الأنقاض في غزة    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    زراعة المنوفية: تنقية الحيازات وضبط منظومة الدعم للمزارعين    سامح الصريطي: الفن يرتقي بالإنسان وليس مجرد تسلية    عمرو سعد يتألق في الدراما والسينما ب3 مشاريع جديدة    منطقة كفر الشيخ الأزهرية: اليوم أخر أيام التقديم لمسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    أحمد حمودة: توروب شخصيته قوية.. وإمام عاشور الأفضل في مصر    مواعيد مباريات اليوم الأحد 19-10-2025 والقنوات الناقلة لها    موعد مباراة ريال مدريد وخيتافي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    خدمات توعوية وفحوص طبية.. كل ما تريد معرفته عن مبادرة "صحة الرئة"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 19-10-2025 في محافظة الأقصر    حالة الطقس اليوم الأحد في الكويت .. حار نهارا مستقرا ورياح شمالية غربية خفيفة إلى معتدلة    بعد الزيادة الأخيرة.. الوادي الجديد تعلن تفاصيل سعر أسطوانات البوتاجاز بالمراكز والقرى    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    ترامب: دمرنا غواصة ضخمة تهرب مخدرات كانت في طريقها للولايات المتحدة    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    ستيفن صهيوني يكتب: مساعٍ جدية لبدء عصر جديد في العلاقات بين دمشق وموسكو بعد زيارة الشرع لروسيا.. فهل تنجح هذه المساعي؟    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    ياسر جلال: المسئول والفنان يتحملان ما لا يتحمله بشر.. وعندي طموح أخدم الناس    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انقلابات الرئيس المحتمل عبدالمنعم أبوالفتوح
من واقع مذكراته
نشر في الفجر يوم 19 - 05 - 2012

خان رفاقه فى الجماعة الإسلامية.. واتفق مع الإخوان على تسليمهم الجماعة
كان يعانى من مشكلة مع النساء واستغل ميزانية اتحاد الطلبة لتوزيع الحجاب
كان يؤمن بالتغيير بالعنف..وقام بتوزيع كتب السلفية الوهابية على آلاف الطلاب
الآن يبدو الفارق هائلا بين الرئيس المحتمل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وبين ذلك الشاب الأمير الأول للجماعة الإسلامية. اختفت آراء ومواقف وشهدت حياته انقلابات عديدة وصاخبة. الآن لم يعد أبوالفتوح يحب أن يذكره أحد بذلك الشاب الصغير العنيف المتهور، فى هذه السنوات شق أبوالفتوح الطريق إلى قمة التنظيمات الإسلامية. ودخل تحالفات معلنة وأخرى سرية. وطعن رفاق الجهاد فى ظهرهم بسكين التحالف مع الإخوان. يجيد أبوالفتوح منذ شبابه إذن لعبة التحالفات المزدوجة. وإعطاء الوجه المناسب لكل جماعة. وقد أجاد الرئيس المحتمل أبوالفتوح استخدام هذه الموهبة فى لعبة الانتخابات الرئاسية فهو يتحالف مع ليبراليين وسلفيين وثوريين وأقباط. ويعطى لكل منهم الوعود المناسبة. فى حياته التى كتب قصتها تحت عنوان عبدالمنعم أبوالفتوح شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر. أفعال كثيرة يجب الاعتذار عنها بشكل مباشر، وليس إنكارها كما فعل فى المناظرة الرئاسية الأخيرة. وفى مذكراته أيضا ما يثير التساؤل بل المخاوف من الاتجاه الحقيقى للرئيس المحتمل أبوالفتوح، وإلى أى من تحالفاته الانتخابية سينحاز إذا فاز بمنصب الرئيس.
حين تقرأ مذكرات الدكتور أبوالفتوح عن فترة تأسيس الجماعة الإسلامية بتمهل، حين تربط بين التواريخ، وتعيد رسم خريطة الأحداث، وتربط بين الصعيد والقاهرة وتحديدا كلية قصر العينى. حين تفعل كل ذلك ستدرك على الفور أن أبوالفتوح أسهم بقوة فى زرع بذور التطرف، وانه أحد الآباء الشرعيين لبعض ما نعانيه حتى الآن من افكار وافعال متطرفة. لا يكفى أن يعتذر الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح عن آرائه واتجاهاته السلفية المتشددة فحسب، ولكن يحتاج إلى الاعتذار عما فعله فى آلاف وربما ملايين الشباب.
بدأ أبوالفتوح نشاطه الجهادى عام 70 وبمجرد دخوله كليه طب قصر العينى كان محبطا مثل ملايين غيره من نكسة 67، ولكنه اختار مثل مئات الشباب تغيير الواقع بالعنف وأسهم فى نشره. لم يتمهل الشاب أبوالفتوح للانتقال ما بين عشق عبدالناصر وعشق الإخوان. فى مذكراته يقول نصا (تغيرت صورة الإخوان فى خيالى على نحو انقلابى، وصاروا نموذجا من اجل الوطن).
ولكن الإخوان كانوا مبعدين عن الحركة والنشاط، ولذلك بدأ أبوالفتوح ورفاقه جهادهم الإسلامى بالفطرة كما يقول.
كان أبوالفتوح يؤمن بأن الفن رجس من عمل الشيطان، وقد اعترف بأنه وجماعته كانوا ضد إقامة حفلات بالجامعة. ولهم فى ذلك طرق. الطريقة الأولى كانت احتلال المدرج الذى ستقام به الحفل والبدء فى قراءة القرآن لإنهاء الحفل.
أما الطريقة الثانية.. فأترك لكلمات الكتاب شرحها نصا. يقول أبوالفتوح (أما فى المرة الثانية التى أرادوا فيها إقامة الحفل فقد أغلقوا الأبواب ولم يسمحوا بالدخول إلا لمن يحمل تذكرة.. وساعتها لم يكن هناك بد من مسيرة ضخمه واقتحام الأبواب بالقوة ودخول المدرج وتعالت التكبيرات وساد الجو نوع من الاضطراب وانتهى الحفل بالفشل).
وحين يتحدث الدكتور أبوالفتوح عن حادثة الهجوم على الكلية الفنية العسكرية يقول (فى ذلك الوقت كانت فكرة العنف فى التغيير مقبولة لدينا أو على الأقل لا تجد منا رفضا صريحا لها) وفى موضع آخر من المذكرات يقول (كنا مثلا نؤمن بجواز استخدام العنف بل وجوبه فى بعض الأحيان من أجل نشر دعوتنا، وكان العنف بالنسبة إلينا مبرراً، بل وشرعيا).
والأخطر من ذلك هو الدور الذى لعبه الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فى نشر بذور التطرف والسلفية على الطريقة الوهابية السعودية. المشكلة لا تكمن فى تأثر أبوالفتوح بالتيار السلفى، ولا حتى فيما قاله من أن (السلفية الوهابية أقحمت على المشروع الإسلامى فى مصر). المشكلة أو بالأحرى مسئولية ابوالفتوح فى دوره فى نشر هذه الكتب والثقافة والأفكار المتشددة بين الشباب فى عمر ال16 وال17 عاماً. فى ذلك يقول أبوالفتوح (فى ذلك الوقت كانت الكتب الإسلامية تأتينا من السعودية بالمئات بل بالآلاف.. وكانت كلها هدايا لا تكلفنا شيئا. . . كانت دائما تهدى ولا تباع، وكنا نوزع الكثير منها على الأطفال دون أن نعلم ما فيها من مشكلات فكرية ومنهجية.. وكثيرا ما أعدنا طباعة بعضها فى سلسلة صوت الحق التى كنا نصدرها).
المثير للدهشة أن الدكتور أبوالفتوح بعد أن نضج فكريا لم يعترف بدوره فى زرع التطرف. وحاول أن يرمى بحصاد ما زرعه على الآخرين. عقب أحداث الزاوية الحمراء يحكى أبوالفتوح أنه شعر أن هناك أسباباً غير طبيعية للفتنة وأن ما يحدث فى الصعيد بين شباب الجماعة والأقباط وراءه جهة ما داخل النظام. وكانت مجموعة من شباب الجماعة الإسلامية بالمنيا قد قامت بجمع الطلاب الأقباط فى المدينة الجامعية واحتجزوهم فى غرفهم، وأن بعض الشباب كانوا يهاجمون من يرونه يسير بصحبة فتاة فى الشارع.
أبوالفتوح يتجاهل أنه شحن الشباب الصغير بأفكار السلفية وكتب الوهابية وتحريم أى اتصال بين الرجال والنساء. وأن ذلك الشحن كان الأرضية الخصبة لتطور العنف ضد الاقباط والنساء غير المحجبات ثم عمليات الإرهاب ضد السياح وسرقة محلات الذهب الخاصة بالأقباط. فقد كانت الكتب التى وزعها أبوالفتوح ورفاقه تحتوى العشرات من الفتاوى والأفكار حول استحلال مال غير المسلم، واجبار المجتمع على التغيير. بالقوة. لقد كان أبوالفتوح الأب المؤسس أو الروحى لهذه الأفكار. واتهامه للسادات باللعب بالورقة الطائفية لا ينفى أن أفكار الجماعة الإسلامية التى أسسها أبوالفتوح ورفاقه كانت الوقود الذى استخدمه السادات فى إشعال الفتنة.
فليس من المنطقى أن نتجاهل من زرع التطرف والفتنة فى قلوب وعقول آلاف بل مئات الألوف من الشباب، ونتحدث عن استخدام السادات للإسلاميين لتفجير الجماعة الإسلامية.
لا يكفى أن يعتذر أبوالفتوح عن أفكاره السلفية المتشددة التى اعتنقها وتراجع عنها، بل يجب أن يشمل اعتذاره الأقباط الذين عانوا من الاضطهاد بسببه، ومصر التى دفعت من شبابها واقتصادها ثمنا فادحا لعلميات الإرهاب الذى عاشته مصر على يد هذه الجماعات.
الآن يبدو الرئيس المحتمل الدكتور أبوالفتوح متسامحاً ومؤيدا للمرأة وحقوقها. فقد كان موقفه منها هو الانقلابات الكبرى فى مسيرة حياته. فى برنامجه يحرص المرشح أبوالفتوح على الاهتمام بحق المرأة المعيلة فى العمل والدعم لها ولأسرتها، ويؤكد أنه سيهتم بالحضانات تخفيفا على المرأة العاملة. ويشدد على أن للمرأة ما للرجل من حقوق وعليها ما له من واجبات.
ولكن علاقة الشاب أبوالفتوح مؤسس الجامعة الإسلامية بالمرأة كانت مختلفة. فقد كان ضد اختلاط المرأة بالرجال حتى لو كان ذلك فى سبيل الدعوة. يقول أبوالفتوح فى مذكراته، بسبب الروح السلفية المحافظة التى غلبت علينا.. فقد تبنينا موقفا متشددا فى كل ما يخص المرأة، وانعكس ذلك على تعاملنا مع الفتيات، فكنا نفصل بين الطلبة والطالبات فى المدرجات معتبرين الفصل بينهما من الإنجازات التى حققناها.
وفى موقع آخر من المذكرات يقول (كان تصورنا أن الحجاب والنقاب والجلباب بهذه الأشكال المحددة هى فقط التى يجيزها الإسلام وأى زى دونه فهو مخالف.. وكنا نشجع الفتيات على الحجاب وكان نشره من الانشطة المهمة التى برعنا فيها وكنا نبيع الزى للطالبات بستة جنيهات ثم ارتفع إلى تسعة جنيهات.. وكان يباع باسم الجماعة الإسلامية أو اتحاد الطلاب).
هل استطاع الدكتور أبوالفتوح أن ينتزع هذه الافكار التى نشأ عليها من تفكيره؟ أم ظلت قابعة فى القلب والعقل حتى لو خلا من ذكرها اللسان؟
بالطبع من الصعب الإجابة عن مثل هذه الاسئلة التى تتعلق بالباطن. ولكن حدثت واقعة مثيرة خلال حملة الدكتور أبوالفتوح الرئاسية، وقدمت هذه الواقعة التى حدثت أمام الكاميرات ومسجلة إجابة لأسئلتى.
كان المرشح الرئاسى أبوالفتوح فى جولة انتخابية. وكانت معه المستشارة السياسية لحملته الدكتورة رباب المهدى. وهى أستاذة جامعية تنتمى لليسار، وغير محجبة. ولم يعجب هذا الوضع أحد الحاضرين فسأل المرشح أبوالفتوح كيف تكون مستشارك غير محجبة؟ فارتبك المرشح الرئاسى. وقال كلاماً عائما من نوع إنها تضع ايشارب فى حقيبتها وإنها تفكر فى الحجاب. لم يكن ما فعله الدكتور أبوالفتوح مجرد مناورة سياسية لكسب أصوات، ولكنه كان رد فعل تلقائى، وتعبيراً عن القناعات الأولى التى ترسخت فى قلب وعقل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، فهو لا يستطيع أن يرى أن هناك امرأة كاملة بدون حجاب يغطى رأسها. وحتى فى مذكراته التى كتبها بعد النضوج الفكرى أو الإسلامى لا ينسى أن يذكر ابنة أستاذه الدكتور.. دون أن يشير إلى كونها الطالبة الوحيدة التى كانت تضع إيشارب فوق رأسها.
وليس لدى أى اعتراض على أن يؤمن الدكتور أبوالفتوح بما يشاء. ولكن مشكلتى أو بالأحرى مخاوفى تتركز فى محاولات المرشح أبوالفتوح فى الجمع بين التيارات المتناقضة، ومنح كل تيار الوعود التى يريدها للحصول على دعمه فى انتخابات الرئاسة، ويزيد من هذه المخاوف. إن فى حياة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح ما يبرر هذه المخاوف. فهو رجل يجيد إخفاء اتجاهاته وخطواته حتى عن أقرب الناس إليه. وله فى ذلك موقف خطير وموحٍ.
قد نختلف مع فكر الجماعة الإسلامية التى شارك فى تأسيسها الدكتور أبوالفتوح. وقد نحملها اندلاع العنف والتطرف فى المجتمع. ولكن موقف أبناء الجماعة الإسلامية ورفاق الجهاد يختلف. فقد كانوا يرون انفسهم دعاة للأخلاق والشريعة. وأولى بمن يدعو للأخلاق الحميدة أن يطبقها فى حياته، ومع رفاق جهاده.
ولكن السياسى ابوالفتوح كان له رأى آخر وتصرف مختلف. فقد خرجت قيادات الإخوان من المعتقلات تباعا فى أوائل السبعينيات وبدأ نشاط الإخوان يعود ببطء فى منتصف السبعينيات. وفى ذلك الوقت بدأ الخلاف يظهر فى صفوف الجماعة الإسلامية وبين قياداتها. وكان محور الخلاف حول الانضمام للإخوان وتسليمهم قيادة الجماعة أم الاستمرار فى الجماعة كتنظيم مستقل. وكان أبوالفتوح أحد القيادات الثلاثة التى بدأت الاتصالات بالإخوان سرا ومناقشة موضوع الانضمام إليهم. عقد أبوالفتوح لقاءات عديدة مع قيادات الإخوان وعلى رأسهم المرشد عمر التلمسانى -وذلك قبل توليه منصب المرشد. وناقش الكثير من الملفات والقضايا فى هذه اللقاءات السرية. وأرجع أبوالفتوح هذه السرية إلى الخوف من رصد أمن الدولة لهم. ولكن السياسى أبوالفتوح يعود بعد أقل من ثلاث صفحات ليكشف أن هذه اللقاءات كانت سرية على بعض قيادات وأمراء الجماعة ورفقاء الجهاد. يقول الدكتور أبوالفتوح فى مذكراته (حين أخذنا أنا وبعض قادة الجامعة قرار الانضمام للإخوان.. كنا نتوقع أن الصف الثانى من بعض قيادات الجماعة سوف يعارض ما تم الاتفاق عليه.. ولذلك قررنا أن نؤخر إعلام هؤلاء الإخوة بما تم الاتفاق عليه مع الإخوان).
ويضيف الدكتور أبوالفتوح (ولكن حدث ما لم يكن فى الحسبان من فقد كان بعض الإخوة من قيادات الجماعة الإسلامية فى الإسكندرية فى لقاء مع الأخ اسامة عبدالعظيم، وتطرق الحديث إلى الجماعة والإخوان فزل لسان أحدهم وأظنه إبراهيم الزعفرانى وأخبره أن قيادات الجماعة الإسلامية قد أنهت القضية وبايعت قادة الإخوان. وفوجئ أسامة وكان سلفيا بهذا الكلام وخرج الأمر إلى الآخرين فاندلعت ثورة من التساؤلات والاستنكارات خاصة من الجناح السلفى والجناح الجهادى).
فالدكتور أبوالفتوح يجيد التحالفات السرية، وإخفاء نواياه الحقيقة. يتفاوض من وراء رفاقه مع الإخوان. وهو رجل (حويط) يحفظ الأسرار ولا يمكن أن يزل لسانه مثل الزعفرانى، لم يشعر الدكتور أبوالفتوح بالندم أو حتى الخجل من خداع رفاق الجهاد الإسلامى.
ويكمل فى مذكراته قائلا (اخذنا نفكر فى كيفية الخروج من هذا المأزق.. فقررنا أن نصارحهم بما حدث فعلا، وأننا بايعنا الإخوان وأصبحنا منهم بالفعل، وكانت رؤيتنا أن خير وسيلة للدفاع هى الهجوم).
لم أتوقف كثيرا عند قول أبوالفتوح (بايعنا الإخوان) وهو الذى أنكر قبل ايام مبايعة الإخوان. ولكن ما يثير التوقف عنده هو قدرة الرجل على التلون السياسى وإجراء التحالفات السرية بين المتناقضين فكريا. لان هذه الواقعة تلقى بشكوك قوية حول تحالفات المرشح أبوالفتوح مع بعض الليبراليين وبعض الثوريين وثلث السلفيين. يا ترى عقل وقلب الدكتور أبوالفتوح مع أى من هذه التحالفات المتناقضة؟ هل المرشح الرئاسى مؤمن بالجمع بين التيارات الثلاثة أم أنه يكرر تاريخه فى التحالف مع تيار فى السر على حساب تيار آخر؟
أخطر ما فى إجابات الأسئلة أننا لم نكتشف إجاباتها إلا فى حالة واحدة. حال فوز أبوالفتوح بالرئاسة. ساعتها فقط سيكشف لنا عن حقيقة تحالفاته، ومن يدرى فربما ساعتها يعيد نفس السيناريو ويدافع عن نفسه بالهجوم على التيارات الأخرى التى تحالفت معه.. وربنا يستر.
(لقد خاض جيلنا، خاصة ممن تأثروا بالفكر الوهابى معارك طاحنة حول العلاقة بين الرجل والمرأة وضرورة الفصل بينهما.. بدءاً من الجامعة وحتى الفصل بين البنين والبنات فى المدارس الابتدائية وما قبلها، بل كانت هناك أفكار حول ضرورة الفصل داخل المستشفيات، بحيث تكون هناك مستشفيات للرجال يديرها الرجال وأخرى للنساء تديرها النساء، ومن الأمور الغريبة التى كانت تناقش آنذاك قضية جواز رؤية خال أو عم المرأة لوجهها وكفيها أم حرمته).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.