"جوع وجهل وإهمال" كلمات لخصت حال المئات من أهالى سوهاج، يعيش أهالى المحافظة حياة عشوائية نتيجة لإهمال المسؤولين لهم، الجوع دفعهم لممارسة الأعمال غير الشرعية كالتسول وعمالة الأطفال لتوفير لقمة عيش أدمية، فهؤلاء ينتظرون ميزانية من الدولة تبعث بالأمل في نفوس المُهمشين منهم الأمل. "الفجر" عاشت رصدت محطات الجوع بسوهاج، على مدار يوماً كاملاً، حيث كشفت مدى إهمال المسؤولين لهؤلاء الأشخاص وتهميشهم.
محمود رزق عامل زراعى، قال : جئنا إلى هنا وأتخذنا هذا المكان مأوى لنا - حوائط من الصفيح و الطوب اللبن وسقف من البوص و جيدار النخيل-، وسط تهميش المسؤولين و تجاهلهم لمشكلاتنا.
وأضاف رزق: "مياه الشرب التى تساوى حياة إنسان مخلوطة بمياه الصرف الصحى، والكهرباء معدومة، على الرغم من تقدمنا بشكاوى عديدة للمسؤولين الحاليين والسابقين ولكن بدون أى فائدة، حيث رفض محافظ سوهاج السابق زيارتنا ليرى المعاناة التي نعيشها على أرض الواقع"، متابعاً: "انت شايف الجوع اللى احنا عايشين فيه ومش لقين اللقمة حاف".
وأبدي "ربيع حسن"، فلاح: "ابناؤنا يمرضون ولا نملك ثمن الدواء"، مضيفاً: "عندما نمرض لا نجد الدواء بل نعالج أنفسنا بالطريقة البدائية التى تعود عليها أبائنا منذ آلاف السنين فالجروح نداويها ب "البول" حيث أنه يكوى الجرح "على حد قوله".
ويضيف ربيع، الذى يقطن هو و أولاده الأربعة وكريمتيه، فى حجرتين من الطوب اللبن مسقوفتين بالبوص: "لما المطر ينزل بيغرقنا" مستكملاً، ولا نجد مأوى لنا بل نذهب إلى الجيران نحتمى تحت سقف منزلهم حتى تنتهي الأمطار، وعند عودتنا للمنزل نجده غارقاً فى الماء.
إنتقلنا إلى مكان أخر، حيث قصة مأسوية أخرى سردها لنا "عم رجب" الذي يقطن هو وأسرته المكونة من 8 أفراد بأكملها في بيت صغير من طابقين لايختلف حالهما كثيراً عن السابق ذكرهم، قال: "نعيش بين جدران المنزل فى انتظار الموت، وسقوطه علينا لتصدع بنيانه، "والمسؤولين مش حاسين بينا".
و بعيون لا تفارقها الدموع تقول زوجته : "إحنا مش لاقين ناكل إزاى هنجدد البيت؟"، وبلهجة تحدٍّ واضحة تقاطعها صرخة طفلها "محمد" الذى يصرخ جوعاً لأنه يعيش على "اللبن الصناعي" وهى تحاول إسكاته "أصبر هتفرج".
وأضاف بشير سامى، الذى يعمل بورشة خراطة: "أعيش أنا وزوجتى و4 أطفال فى غرفة واحدة، وبسؤاله عن دراسة الأطفال يقول: " لما آلاقي آأكلهم الأول أبقى أعلمهم"، مضيفاً: "عندما يمرضون بشربهم "حلبة مطحونة والألم يروح".
وتعتمد المنطقة على حنفية مياه واحده، كمصدر رئيسي لكل أهالي القرى، تصطف أمامها الطوابير طوال اليوم.
وفى هذا الصدد قال الدكتور صابر حارص، استاذ العلوم السياسية بجامعة سوهاج إن الثورة المضادة التي أخرجت البلطجية من جحورهم وما ترتب على ذلك من إنفلات أمني وإحتجاجات فئوية واستنزاف للموارد الاقتصادية جعلت من المستحيل على النظام الجديد أن يجد شيئاً في ميزانية الدولة لهؤلاء الموتى الذين يعيشون في مناطق غير آمنة وغير آدمية.
وشدّد حارص على أهمية إقتحام ملف الفقر، من جانب الدولة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية.