أمام اللجنة العليا للانتخابات فرصة ذهبية لكى تحسن سمعتها وصورتها فى أعين الناس، وأن تثبت بالدليل العملى أنها مستقلة ومحايدة ونزيهة ولا تنتظر أوامر من أحد، وستحسن اللجنة صنعا بنفسها وبالجميع إن امتنعت عن مناطحة الحكم الصادر فجر أمس من محكمة القضاء الإدارى بشأن قانون العزل السياسى. إن الحكم واضح وصريح فهل تتعامل معه اللجنة بطريقة تدفع عنها كل الشبهات المثارة حولها، أم أنها ماضية فى تهشيم صورتها لدى الناس وتثبيت الانطباع السيئ عنها فى أذهان المتابعين؟ لقد أكدت محكمة القضاء الإدارى فى حيثيات حكمها الصادر ببطلان قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية إحالة قانون العزل السياسى للمحكمة الدستورية للفصل فى مدى دستوريته على أنه ليس من حق اللجنة أن تحيل القوانين إلى المحكمة الدستورية العليا، وأن ما ورد فى المادة 28 من الإعلان الدستورى وتحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن القضائى هو استثناء وخروج من الأصل، ولا يجوز للمحكمة أن تتعداه فى القوانين. ليس هذا فحسب، بل رأت محكمة القضاء الإدارى فى تحصين اللجنة العليا للانتخابات بالمادة 28 من الإعلان الدستورى التى تمنحها سلطات شبه إلهية نوعا من «التطرف التشريعى وتحمل ردة قانونية إلى عصر الاستبداد، وذلك بحجة حماية العملية الانتخابية لمنصب رئيس الجمهورية من الطعون، وتشكل اغتصابا لسلطة المحاكم والهيئات ذات الاختصاص القضائى». وإذا كانت اللجنة العليا جادة فعلا فى الحصول على ثقة واحترام جمهور الناخبين فعليها أن تلتزم بتطبيق قانون العزل، والذى أقره البرلمان وصدق عليه المجلس العسكرى ونشره فى الجريدة الرسمية، وبالتالى صار ساريا منذ نشره.. مع الأخذ فى الاعتبار أن المجلس العسكرى سبق وأن حاول عرقلة القانون بإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا فرفضت النظر فيه.. وعليه لا معنى للإصرار على تعطيل العزل إلا أن اللجنة تقاتل من أجل فتح الطريق أمام المرشح الوحيد الذى سيطبق عليه القانون لخوض الانتخابات الرئاسية، وهذا ما فجر براكين من الغضب والاحتجاج خلفت آثارا دامية وأوجدت كثيرا من الثقوب والتشوهات فى صورة اللجنة التى من المفترض أنها تشكلت لكى توفر الضمانات اللازمة لعدالة العملية الانتخابية ونزاهتها. فلتثبت اللجنة أنها لجنة الناخب المصرى وليست «لجنة حماية شفيق» بانتهاز هذه الفرصة لتوجيه رسالة إيجابية لجموع المصريين، وساعتها لن تحتاج اللجنة للشكوى إلى «العسكرى» كلما قال لها أحد «صباح الخير». ويبقى أن حكم القضاء الإدارى بوصفه للمادة 28 بأنها تطرف تشريعى وردة إلى الاستبداد، يحمل فى طياته نوعا من الاعتذار الضمنى للدماء التى سالت فى اعتصام العباسية الذى كان موجها ضد جبروت هذه المادة سيئة الذكر.. فمتى يعتذر القتلة؟ وائل قنديل كاتب وصحفى مصرى