المرأة في مصر تُستخدم وقوداً للثورة وكتلة تصويتية في الانتخابات فقط ثم تعود بعد ذلك إلي مكانها الأدني مشكلة مصر فى عدم وجود برلمان قوي وطني يخدم الشعب وحزب "النور" لا يقل خطورة عن الإخوان المواطن المصرى ليس مريض نفسياً بل يعانى قهراً سياسياً واقتصادياً
التمرد عنوانها والتحرر من ما هو سائد من مورثات ثقافية واجتماعية طريقها، فهى الأديبة والطبيبة النفسية "نوال السعداوى"، الذين قالوا عنها أنها عدوة الدين وعدوة الرجل فأكدت:" أنها عدوة لقيم وفكر شوها الدين وشخصية الرجل والمرأة"، فهى صاحبة نحو 50 مؤلفاً فى الطب والأدب والفكر يُدرس عدد منها فى جامعات العالم، حيث أكدت فى حوار خاص ل"الفجر" أن المرأة في مصر(وفي العالم الطبقي الأبوي) تستخدم وقوداً للثورة وكتلة تصويتية في الانتخابات فقط ، ثم تعود بعد الموسم الانتخابي إلي مكانها الأدني السابق، دون أن يكون لها صوت أو قوة، مؤكدة على أنه لن يحرر المرأة إلا نفسها، من خلال تشكيل قوة سياسية نسائية منظمة واعية بحقوقها قادرة علي انتزاع هذه الحقوق، موضحة بأن الموسسات النسوية الحقوقية تأثيرها ضعيف وتتلقى أوامرها من الحكومات غالباً، وقد تلعب دوراً في ضرب الحركة النسائية الشعبية. كما أضافت بأن المعارضة المصرية من مظاهر التخلف والهزيمة في بلادنا، وأن أغلبها نتاج التبعية السياسية والاقتصادية، وهي أقلية عاليةالصوت في الصحف والإعلام، تستغل الشعب وتشارك الحكومات في استغلاله، وأن العمل الشعبي الجماعي هو القادر علي تكوين برلمان وطني قوي قادر علي مراقبة الحكومة وعزلها ان تلاعبت بأهداف الثورة. إلى نص الحوار: - في البداية ما تقييمك للوضع الحالي في مصر بعد وصول المشير "السيسي" للرئاسة ؟ تمر مصر بمرحلة هامة يمكن فيها التقدم للأمام نحو استقلال سياسي واقتصادي من التبعية للولايات المتحدة والمشاركة الشعبية في خطط للتنمية الذاتية واستخدام جميع مواردنا، وهي ليست قليلة لو تم وضع المشاريع الجيدة وتشغيل الشباب، ويستطيع "السيسي" مع فريق رئاسي وطني قوي أن يحقق ذلك، بالمشاركة الشعبية والشبابية والنساء وكل القوى الفاعلة التي يهمها استقلال الوطن، أما الاستمرار في الاعتماد على المعونات الخارجية فلن يحرر مصر أبدا، وأيضاً من المهم استرداد أموال مصر التي نهبت وهربت إلي الخارج واستخدامها في التنمية إلى جانب فرض ضرائب تصاعدية على الدخل. كما أنه من المهم البدء في عمل خطة لتغيير النظام التعليمي والثقافي والإعلامي وتحريره من القيم القديمة والمفاهيم التي تفرق بين الشعب المصري على أساس الدين أو الجنس أو الطبقة أوغيرها، هذا في رأيي بداية الطريق لتحقيق أهداف ثورة يناير2011 (الحرية، العدالة، الكرامة) ولن يحققها رئيس الدولة وحده، فأنا لا أؤمن بحكم الفرد، ولا يمكن لفرد أن ينهض ببلد. - كيف ترىِ حال المعارضة المصرية والأحزاب المدنية؟ من مظاهرالتخلف في بلادنا (والهزيمة والتبعية) هي هذه الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والأحزاب الدينية والجمعيات، التي أغلبها نتاج التبعية السياسية والاقتصادية، وهي أقلية عالية الصوت في الصحف والإعلام، تستغل الشعب وتشارك الحكومات في استغلاله، وأنا ناقدة للديمقراطية الرأسمالية والتعددية الحزبية الظاهرية، لا يمكن تحقيق عدالة وحرية أوديمقراطية حقيقية في ظل نظام طبقي أبوي عنصري عالمي ومحلي، والمعارضة في بلادنا مراوغة ومنافقة، تتعاون مع الحكومة سراً( أسميها المعارضة الشرعية )، أما المعارضة الحقيقية فهي مطاردة دائما وتعيش المنفى أو السجن، وتدفع ثمن الصدق والاستقامة باهظاً من حياتها وأمنها. - الكثير يتحدث عن عودة الحزب الوطنى من جديد فما رأيك؟ لو عاد نظام مبارك أو نظام السادات القديم أو الإخوان أو أي نظام آخر من هذه الأنواع التي عرفها الشعب وذاق الهوان في ظلها، فالشعب المصري لن يخضع لها، و سيقوم بثورة جديدة مستفيداً من تجاربه الثورية السابقة ويحميها من الثورة المضادة هذه المرة . - هل تؤيدي فكرة العزل السياسى أم العزل الشعبي؟ العمل الشعبي الجماعي المبدع الجديد من أجل تحقيق أهداف الثورة الحرية والعدالة والكرامة، أهم من أي شيء آخر، وهذا العمل الشعبي الجماعي هو القادرعلي عزل أي فرد أو مجموعة تقف ضد أهداف الثورة، والقادر على إصلاح الأحزاب والمعارضة، وإصلاح رئيس الدولة أيضاً، أو أي قوة سياسية أو اقتصادية في مصر، وهذا العمل الشعبي الجماعي هو القادرعلى تكوين برلمان وطني قوي قادر على مراقبة الحكومة وعزلها ان تلاعبت بأهداف الثورة. مشكلة مصر عدم وجود برلمان قوي وطني يخدم الشعب، وليس حزب معين أومجموعة من الملاك ورجال الأعمال وذوي الأموال. - كيف ترىِ حالة المرأة المصرية بعد قيام ثورتين؟ المرأة في مصر تستخدم وقوداً للثورة وكتلة تصويتية في الانتخابات فقط ، ثم تعود بعد الموسم الانتخابي إلى مكانها الأدنى السابق، دون أن يكون لها صوت أو قوة، لن يحرر المرأة إلا نفسها، بتشكيل قوة سياسية نسائية منظمة واعية بحقوقها قادرة على انتزاع هذه الحقوق، فالحرية والعدالة والكرامة تؤخذ ولا تعطيها الحكومات للشعب أوالنساء . - لماذ المرأة المصرية تشارك بقوة في التصويت الانتخابى مع تدني نسبة مشاركتها فى الحياة السياسة وتولي مناصب قيادية؟ لأن المرأة لا تعتبر إنسانا كاملاً بل نصف إنسان، حسب التقاليد والعرف والقانون والشرع، تخضع المرأة لسلطة زوجها، وتستخدم كأداة للخدمة والإنجاب وإنتاج الأيدي العاملة، وينظر إلى المرأة كأداة لخدمة الدولة والعائلة، أو كسلعة في السوق، وتعتبر مجرد جسد يعري لزيادة الربح التجاري أو يغطي تحت أسم الدين، وفي الانتخابات تعتبر أداة أو كتل تصويتية فقط، قضية المرأة تكشف الفساد والاستغلال والخداع الرأسمالي الطبقي الأبوي الديني لنصف المجتمع من النساء، وسوف تستمر المرأة مقهورة اقتصادياً وجنسياً وأخلاقياً ما لم تشكل قوة سياسية منظمة واعية، وقد تم ضرب الحركة المصرية النسائية وتقسيمها من أجل إضعافها . - هل أنتى مع فكرة الكوتة فى الانتخابات البرلمانية؟ الكوتة قد تفيد أوتضر حسب حالة البلد وظروف وحالة النساء. - كيف ترىِ دور المجلس القومي للمرأة والمؤسسات الحقوقية والنسوية وهل تقوم بواجبها؟ هذه مؤسسات حكومية أو نصف حكومية تأثيرها ضعيف، تتلقى أوامرها من الحكومات غالباً، وقد تلعب دوراً في ضرب الحركة النسائية الشعبية كما حدث في مصر في ظل السادات ومبارك والأنظمة السابقة، وكما ذكرت سابقا لن تحرر الحكومات النساء أو الشعب، سيحررالشعب نفسه بنفسه وستحرر المرأة نفسها بنفسها. - هل ترىِ أن حال المرأة سوف يتحسن فى ظل النظام الحالى بعد سقوط الإخوان؟ هذا يتوقف على قدرة النساء في تشكيل قوة سياسية منظمة واعية لأن النظام الجديد لن يحرر المرأة إن لم تحرر نفسها بالقوة السياسية الواعية المنظمة. - كيف ترىِ حزب "النور" وتواجده فى المشهد السياسى الحالى؟ حزب النور لا يقل خطورة عن حزب الحرية والعدالة الإخواني أو أي حزب ديني، وهو حزب غير قانوني، لأن القانون يمنع تكوين الأحزاب الدينية. - هناك العديد من الفتاوى التي أصدرها قيادات سلفية ومنهم "ياسر برهامي" فكيف ترىِ مثل هذه الفتاوى؟ لا أتابع هذا الفتاوي وأعتقد أنها محاولة من قوى داخلية وخارجية لتقسيم مصر طائفياً وإضعاف الشعب المصري حسب مبدأ فرق تسد. - على من تقع مشكلة المرأة فى مجتمعاتنا العربية وهل هى تتحمل جزء من أزمتها؟ ومتى تبدأ انتفاضتها لنيل حقوقها؟ المرأة مسئولة عن تحرير نفسها بالتنظيم السياسي القوي الواعي وعليها أن تبدآ "هنا والآن" وليس غداً. - هل العادات والتقاليد تقع عبء على المرأة المصرية فى طريق نيل حقوقها؟ ليس فقط العادات والتقاليد بل القوانين في الدولة والعائلة التي تكرس عبودية المرأة ، ومنها قانون الأحوال الشخصية، والعرف الموروث أيضاً والشرائع والأديان كما يفهمها أغلب رجال الدين والفقه والقانون . الضعفاء يتعرضون للقهر والعنف في المجتمع الطبقي الأبوي الديني القائم على العنف والاغتصاب، لهذا يجب علي المرأة أن تكتسب القوة ( كفرد وكنصف المجتمع ) لتتحرر من العنف والقهر وغيرهما. - دائما أنتى متمردة تتناولى التباهوات " كالدين والجنس وتصفى تعرية المجتمع المصرى".. فهل ترىِ حدوث تغير؟وكيف ترىِ انتقاد البعض لكى ؟ أنا قدمت أفكاري العلمية في كتبي، والتي تأثرت بها أجيال متعددة من الشباب والشابات، وهناك كثيرين يرون أن أفكاري رفعت الوعي بأهمية العدل والحرية والكرامة والصدق، وهذبت الأخلاق وكشفت الفساد والازدواجية الأخلاقية والقانونية، أغلبية الشعب المصري يؤيد المباديء التي أدعو إليها وهي نفس مباديء ثورة يناير 2011، لكن الصحافة والإعلام السطحي الفاسد ( بالتعاون مع الحكومات والأحزاب الدينية) هو الذي يشوه كتاباتي وأفكاري ، إلا أنه لم ينجح في هذا التشويه، وإلا ما سبب حرصكم علي إجراء هذا الحوار معي ؟
- قام الشعب المصرى بثورتين وما زالت لدينا نفس العادات تجاه المرأة والأفكار الرجعية فما الحل؟ الحل هو العمل الشعبي الجماعي النسائي والشبابي لرفع الوعي بالقيم الحديدة القائمة علي المساواة والعدالة والكرامة عن الجنس أوالدين أو غيرهما، وتنظيم أنفسنا لنشكل قوة سياسية واعية قادرة علي تغيير التعليم والتربية والثقافة والصحافة والاعلام والتصدي للثورة المضادة داخلياً وخارجياً.
- هل ترىِ سقوط نظام الإخوان برؤيته تجاه المرأة كان فى صالح انقاذ حقوقها والمجتمع؟ سقوط الإخوان كان ضرورياً لإنقاذ مصر كلها(وليس النساء فقط) من التجارة بالدين في حلبة السياسة وخداع الشعب بإسم الرب . هل تحرر المرأة اقتصادياً يشكل ضمانة لتحررها اجتماعياً؟ نعم التحرر الاقتصادي ضرورة للتحرر الاجتماعي والسياسي سواء للفرد المرأة والرجل أوالدولة والوطن كله ، ولن تتحرر النساء في بلد غير محرر ، ولن يتحرر الوطن ونصفه من النساء غير محررات.
تؤمنين بحكمة الأديبة الفرنسية سيمون دي بوفوار "المرأة لا تولد امرأة بل تصبح إمرأة"؟ هذه الفكرة سابقة لمولد "سيمون دي بوفوار"، قالتها الشاعرة الخنساء وغيرها من نساء العرب، ومن قبلهن المرأة المصرية القديمة إزيس.
- قولتى أنك مريضة بالكتابة ...والكتابة تقتل كالحب ...فكيف تقتل الكتابة؟ وهل قتلك الحب؟ الكتابة الصادقة في عالم يكذب لها ثمن باهظ قد يصل إلي القتل أحياناً والسجن والنفي وغيرها من أشكال القمع للفكر الحر والابداع ، والكتابة لم تقتلني بل العكس إنها هي التي تحييني وتعطيني مزيداً من القوة ، والحب الصادق أيضا لا يقتل بل يعطي قوة أكثر.
- كطبيبة نفسية.. ما تحليلك للمواطن المصرى فى الوقت الحالى؟ لا أميل إلى هذا الإتجاه الذي يجعل الطب النفسي يُشخص الحالة السياسية، فالظلم واللامساواة والازدواجية القانونية والأخلاقية ليست مرضاً نفسياً بل قهراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وتعليمياً وتاريخياً، قد تكون له آثار نفسية مرضية، المواطن المصري ( الرجل والمرأة والشاب والطفل)، هذا المواطن عضو في المجتمع السياسي الاقتصادي الاجتماعي، وليس مريضاً راقداً في عيادة طبيبة أوطبيب نفسي، كتبت سابقاً عن الطب النفسي التجاري (السياسي) الذي يجعل الانسان سلعة في سوق المهن الحرة ومنها مهنة الطب.