نظم مركز جنيف بالتّعاون مع البعثة الدائمة لجامعة الدول العربيّة ورئاسة مجلس السّفراء العرب لدى الأممالمتحدة وسائر المنظّمات الدولية في جنيف لقاءً تشاوريّا للسّفراء العرب. و عقد هذا الحدث الاستثنائي بمشاركة كافة السفراء العرب المعتمدين في جنيف والمندوب الدائم لجامعة الدول العربية وعدد من الخبراء القانونيين العرب في جنيف.
و ناقش الملتقى الأول من نوعه في المقام الأول القضايا ذات الاهتمام المشترك والانشغالات المتبادلة فيما يتعلّق بآليّات حقوق الإنسان الأمميّة المنشأة بموجب ميثاق الأممالمتحدة ومختلف معاهدات حقوق الإنسان إضافة إلى الإشكاليّات المتّصلة بالوكالات المتخصصة وغيرها من المنظمات الدولية المتمركزة في جنيف.
واستعرض سبل مشاركة الدول العربية في عمل مختلف تلك الهيئات. وسعيا لتحقيق هذا الغرض تم خلال الملتقى تقديم للسادة السفراء العرب دراستان هامتان أعدهما المركز تتضمّن إحصائيات حول الأداء العربي الفردي والجماعي فيما يتصل بمجلس حقوق الإنسان والآليات المنبثقة عنه خلال العام 2014 ومقارنة بين اداء الدول العربية والدول الأخرى وكذلك مقارنة بين اداء المجموعة العربية والمجموعات الجغرافية والجيوسياسية الاخرى كالمجموعة الإسلامية، الإفريقية، عدم الانحياز، المجموعة اللاتينية والمجموعة الأوروبية.
وتهدف هاتين الدراستين المعدتين بطريقة علمية موضوعية وشاملة الى رصد مكامن الضعف والقوة وتمكين الدول العربية من تقييم ادائها ومراجعة اساليب عملها وتعزيز انخراطها وأدائها في كل ما يتعلق بأجندة وبرنامج عمل مجلس حقوق الإنسان في الوقت الذي تهدف الدراسة الثانية التي تعنى بالأداء العربي الجماعي الى تقييم أدائها وتعزيز تواجدها في اليات المجلس وتفاعلها الايجابي والبناء مع بنوده المختلفة والانتقال من وضعية رد الفعل الى أخذ زمام الأمور وتقديم المبادرات الأمر الذي من شأنه أن ينعكس ايجابيا على الأداء الفردي والجماعي وبالتالي على أعمال مجلس حقوق الإنسان ككل وقد تم خلال اللّقاء أيضا مناقشة مقترحات محددة تقدّمت بها البعثات الدائمة لتفعيل عمل المجموعة ككل.
وركزت الدراستان على تفعيل وتطوير عمل مجلس حقوق الانسان بما يخدم حماية وتعزيز حقوق الإنسان للجميع بعيدا عن التسييس. وقام عدد من خبراء المركز بتقديم دراسة قيّمة بعنوان "دفاعا عن آليّة الإجراءات الخاصّة لمجلس حقوق الإنسان: مقاربة بديلة مصدرها الجنوب"، تتضمّن تقييما بشأن نقاط الضعف التي تتّسم بها الآليّة المذكورة وتطرح تصوّرا حول جملة حلول تهدف إلى مواجهة التحدّيات التي تعترض سبيل مجلس حقوق الإنسان.
والحقيقة أنّ مصداقية الإجراءات الخاصة وفعاليّتها قد تقوّضتا بسبب عامل التّسييس المفرط كما وُضعت مبادئ استقلاليّة المُكلّفين بولايات وحيادهم وموضوعيّتهم على المحكّ من قبل بعض أصحاب المصالح. في هذا الإطار يُنتظر أن تقود هذه الدّراسة، ضمن مجموعة من القضايا، الى تحسين عمليّة اختيار وتعيين المكلّفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصّة من أجل دعم مبادئ الاستقلاليّة والحياد والموضوعيّة التي تتطلّبها مهامّهم وكذلك لتطوير التّعاون بين المكلّفين بولايات والأطراف الحكوميّة وتعزيز مساءلتهم أمام مجلس حقوق الإنسان.
ويأمل مركز جنيف من خلال استضافة هذا اللّقاء دعم جهود المجموعة العربية الرّامية إلى الانخراط على نحو فعّال وبنّاء في آليّات حقوق الإنسان التّابعة للأمم المتحدة، كما يسعى إلى المساهمة في تعزيز حقوق الإنسان للجميع دون انتقائية ومعايير مزدوجة.
ومن هذا المنطلق أتاح الاجتماع فرصة للمجموعة العربية لتطوير تعاونها مع مجلس حقوق الإنسان خصوصا ما يتعلق بصياغة وتقديم قرارات بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز وجودها داخل آليّتي الإجراءات الخاصة واللّجنة الاستشارية من خلال إنشاء مجموعة من الخبراء العرب، وتفعيل التنسيق الداخلي والخارجي مع المجموعات الأخرى من خلال الأليات المتفق عليها.