ملف مصر الذي سيناقش في جلسة لجنة حقوق الإنسان في جنيف، بعد غد، استند على جملة من التقارير والإثباتات، حول الأحداث الأخيرة في مصر، وتورط جماعة الإخوان فيها ومحاولاتها تشويه صورة مؤسسات الدولة بادعاءات حول انتهاكات مزيفة. أكد مصدر دبلوماسي ل”العرب اللندنية” أن مصر حشدت جميع أسلحتها السياسية والإعلامية، للتعامل مع الجلسة التي ستعقدها لجنة حقوق الإنسان في جنيف بعد غد الأربعاء، لقطع الطريق على صدور أي توصيات تنتقدها في هذا الفضاء، محذرا من الترتيبات التي اتخذها الإخوان لخلق حالة من الضغط المعنوي على القاهرة، في عدد من الدوائر الأوروبية.
وكشف المصدر، أن مصر تسلحت بجملة من الصور والتقارير، التي تؤكد تعرضها لعمليات إرهابية منظمة، من جانب جماعة الإخوان، وحلفائها، وأكد أن الخطورة في الأمر وجود جهات خارجية تقف خلف هؤلاء، بالدعم المادي والمعنوي، وهو ما جعل مكافحة الإرهاب أشد صعوبة، ومع ذلك حرصت الدولة على الحفاظ على الحريات وحقوق الإنسان، وتجاوز التقارير المغلوطة التي بدت مصممة على تشويه صورتها.
كان الوفد الذي سيشارك في جلسة حقوق الإنسان أمام آلية المراجعة الدورية بالمجلس التابع للأمم المتحدة، قد غادر القاهرة أمس برئاسة إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب، وعضوية عدد من كبار المسؤولين والخبراء والمتخصصين، لحضور الجلسة الخاصة بمصر، والرد على الادعاءات التي قالت بوجود انتهاكات مصرية.
وأكد بدر عبدالعاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أن اللجنة الوطنية المعنية بالإعداد لمناقشة التقرير الثاني لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، استكملت استعداداتها من خلال غرفة العمليات التى تم تشكيلها، وعقدت عددا من الاجتماعات للتنسيق مع الجهات الوطنية، بينها وزارة الخارجية، ومنظمات المجتمع المدني، تمهيدا للمراجعة الدورية للتقرير المصري المنتظر مناقشته بعد غد الأربعاء.
وأوضح السفير عبدالعاطي أن الملف الذي قامت بإعداده القاهرة، يستند إلى الدستور الجديد، وما تضمنه من مواد تؤكد التزام مصر الكامل بالمواثيق الدولية، وحقوق الإنسان، والاحترام الكامل للحقوق والحريات الأساسية، مشيرا إلى أن الاستعدادات شملت التنسيق مع الهيئة العامة للاستعلامات لإعداد الصور، وكل ما يؤكد أعمال العنف والإرهاب، التي قامت بها جماعة الإخوان في مصر.
ونوه إلى أن مصر تحارب الإرهاب في إطار القانون الدولي، وأن خطواتها في هذا المجال لا تؤثر على مساحة الحريات المتاحة، وما يتم من عمليات يكون بالتنسيق الكامل مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، في إشارة إلى نفي ما تردد حول القيام بعملية تهجير في شمال سيناء، وأن ما تم عملية نقل مؤقت فقط فرضتها الدواعي الأمنية.
وتضمن الملف رؤية مصر، والجهود التي تبذلها لتأكيد تعهداتها الدولية، في معظم التوصيات التي قدمت إليها في عملية المراجعة الأولى عام 2010، وتضمن أيضا عرضا للمبادرات والإصلاحات ومشاريع القوانين التي تعتزم القيام بها خلال المرحلة المقبلة.
يذكر أن المندوب الدائم لمصر في جنيف، عقد لقاءات مع سفراء دول الترويكا التي ستتولى مراجعة الملف المصري، وهم سفراء السعودية وكوت ديفوار والجبل الأسود، وتناولت الاجتماعات استعراض تطورات الأوضاع في مصر في السنوات الأخيرة، وحتى الآن، وبينها الجدل الذي أثير حول أحكام الإعدام في بعض القضايا ضد عناصر إخوانية، وقانون الجمعيات الأهلية وحرية الصحافة.
المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي، قال ل”العرب” إن الوفد المصري سيقوم بتقديم كشف حساب حول حالة حقوق الإنسان في مصر، ويناقش المجلس ما تم تنفيذه من تعهدات الحكومة المصرية في أول تمثيل لها أمام المجلس عام 2010، إضافة إلى استعراض العقبات التي واجهت مصر في تنفيذ تلك التعهدات.
أضاف البرعي أن الأمر لا يقلق على الإطلاق، حيث تطرح بعض الأسئلة على الوفد المصري حول ما تم تنفيذه وما لم يتم من التعهدات التي التزمت بها، مشيرا إلى أن ملف فض اعتصام رابعة العدوية سيكون على رأس هذه الأسئلة، إضافة إلى التأخير غير المبرر للجنة التي شكلها المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق لإعداد الملف الخاص بفض الاعتصام.
وقال البرعي إن اللجنة التي أعدت تقرير فض اعتصامي رابعة والنهضة كانت أكثر دقة وحيادية عن تقرير منظمة “هيومن رايتس وتش” المعروض أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، لأن تقريرها لم يذكر أي انتهاكات لحقوق الإنسان الصادرة عن إدارة الاعتصام من حالات اختطاف وتعذيب واستعمال القسوة وتعرض الضحايا للضرب المبرح بوسائل مختلفة، واستخدام المعتصمين كدروع بشرية واحتجازهم، واستغلال للأطفال في الصراعات السياسية مع معارضيهم في الاعتصام.
وقال إن لجوء أي منظمة من المنظمات غير الحكومية خلال مناقشة ملف مصر في مجال حقوق الإنسان لدول كبرى مثل أميركا وأوروبا، لكي تتخذ مواقف سلبية وعقابية ضد مصر، إجراء يخرج عن الوطنية، مشيرا إلى أن مصر قادرة على تصحيح وضع حقوق الإنسان بها، لأنها تمتلك الإرادة السياسية لتغييرها.
وتحاول جماعة الإخوان تشويه صورة مصر أمام مجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة، مستغلة ما يحدث في سيناء حاليا من نقل الأهالي بعيدا عن الشريط الحدودي، معتبرة إياه تهجيرا قسريا، وأكد الحقوقي محمد زراع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن ما يحدث في سيناء يهدف إلى الحفاظ على أرواح الأهالي ومراعاة لمتطلبات الأمن القومي والقضاء على العناصر الإرهابية، وأن الحكومة توصلت إلى اتفاق مع الأهالي بسيناء لنقلهم إلى مناطق أخرى بعيدا عن الشريط الحدودي بشمال سيناء.
وأضاف أنه يحق لمصر اتخاذ تدابير اضطرارية لحماية السكان من النزاعات المسلحة وتجنيبهم آثار أي خروقات، ويجيز القانون الدولي للدولة القيام بها، وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على حظر نقل سكان أي منطقة إلا إذا كان بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.