إيلاف- غلب وضع مستقر نسبياً على المشهد الداخلي في لبنان في عطلة عيد الأضحى في غياب اي تطورات بارزة في الملفات السياسية العالقة، في حين تبقى قضية العسكريين المخطوفين الجرح الذي يهيمن على مجمل هذا المشهد بمختلف النواحي الأمنية والاجتماعية، محْدثاً مزيداً من التفاعلات وسط التعاطف الجارف مع أهالي المخطوفين المعتصمين عند نقطة ضهر البيدر البقاعية، وإنما ايضاً مزيد من تداعيات سلبية بسبب قطع هذا الشريان الحيوي للأسبوع الثالث على التوالي. وفي حين يرتقب ان تعود غداً الحركة الى العناوين السياسية التي يكاد ان يختصرها موضوع التمديد لمجلس النواب الذي بات بحكم الامر الواقع بانتظار «الإخراج» الملائم وبما يمنع تداعي المؤسسات فيما لو انتهت ولاية البرلمان (20 نوفمبر) ولم تكن الانتخابات الرئاسية حصلت ولا النيابية (موعدها المقرر 16 نوفمبر)، بات واضحاً ان الحكومة لم تتمكن من إقناع الأهالي بفتح الطريق الدولية بين البقاع وبيروت رغم ما أحدثه ويحدثه قطعها من اضرار بالغة تنعكس شللاً في حركة النقل وتهدّد منطقة البقاع بشلل اقتصادي واسع، فتركت الأمر على حاله تجنباً لأي حركة سلبية من شأنها ان توفّر لخاطفي العسكريين ذريعة اضافية لقتل مزيد من الرهائن. وبحسب المعنيين بالاتصالات المستمرة يومياً مع الأهالي، فان هؤلاء ارتاحوا للتفهم الحقيقي الذي ينقله اليهم بشكل شبه يومي وزير الصحة وائل ابو فاعور مكلفاً من رئيس الحكومة تمام سلام لموجبات مضيّهم في الاعتصام كوسيلة لمنْع الخاطفين من ارتكاب مزيد من جرائمهم، مع ان هذا التفهم لا يعني ان الحكومة تعتبر نفسها مستهدفة بالاعتصام لانها لا تقدم اي قضية في اهتماماتها واولوياتها على هذه القضية الاساسية كاستحقاق وطني باتت تتعلق عليه كل عناصر الاستقرار الداخلي. وتبعاً لذلك يقول المعنيون في هذا الملف ل «الراي» انه منذ الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء اتخذت آلية المفاوضات التي محضها مجلس الوزراء دعماً اجماعياً، منحى مختلفاً تَقرّر بموجبها اتباع مبدأ حصر الآلية بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم الذي ينسق شخصياً ومباشرة مع الرئيس سلام والوسيط القطري وكذلك التركي متى دخل الأخير على خط الوساطة وسط سرية مطبقة. وإذا كان لم يعرف اذا كانت الأيام الأخيرة شهدت اي تحركات في هذا المجال، يشير المعنيون الى ان الواقع الميداني في عرسال ومحيطها بات يشكل الآن عنصراً أكثر ضغطاً من السابق للمضي بزخم في المفاوضات لان ثمة عوامل عديدة طارئة يمكن الجانب اللبناني الإفادة منها، ولكن ثمة عوامل اخرى طارئة قد تشكل عبئاً ضاغطاً عليه بقوة. ولعل ابرز العوامل التي يمكن ان يفيد منها الجانب اللبناني نشأت من الإجراء الذي أنجزه الجيش بفصل عرسال عن المنطقة الجردية التي يتحصن فيها مسلحو «داعش» و«جبهة النصرة»، وهي خطوة أدّت الى قطع الامدادات الغذائية والتموينية والاستشفائية عنهم تماماً. واقترن هذا الإجراء بما اعتُبر رسالة علنية وجهها قائد الجيش العماد جان قهوجي الى المسلحين قبل ايام بإعلانه انه يتوقع معركة جديدة في محيط عرسال بما يعني انه كان يفهمهم ان الجيش استعدّ تماماً للمواجهة وان المعطيات الراهنة اختلفت عن معطيات المعركة الاولى في 2 اغسطس الماضي حيث تمكن المسلحون من خطف العسكريين. ويعتقد المعنيون ان هذه المعطيات بالاضافة الى توحيد الموقف الحكومي حول آلية المفاوضات توفر تقوية لأوراق المفاوض اللبناني، وهو الامر الذي جعل الحكومة تترك أهالي المخطوفين في تحركهم ايضاً لعلمها ان الخاطفين يمارسون الضغط والتخويف عليهم لجعلهم يبقون الطرق مقطوعة. أما المحاذير الجديدة التي لا تغفلها الحكومة ولا القيادة العسكرية للجيش، فبرزت اولاً في لجوء المسلحين الى التفخيخات والعودة الى أسلوب التفجيرات. اذ اكتشف الجيش في اقل من 48 ساعة الاسبوع الماضي كميات كبيرة من المواد المتفجرة في عبوات ناسفة معدة للتفجير. وتتركز التحقيقات الجارية على معرفة مصدر هذه العبوات لان ذلك يلعب دوراً حاسماً في كشف الخلايا الارهابية من الداخل التي يرجح انها تتولى ذلك. ثم ان ثمة تحسباً متعاظماً لإمكان ان ينظم المسلحون هجوماً مباغتاً على الجيش في اي لحظة نظراً الى عوامل الطقس والحصار. ومع ان هناك بعضاً من المسؤولين السياسيين حصراً باتوا يستبعدون هذا الاحتمال لعوامل جديدة طرأت بحيث لم تعد التنظيمات الارهابية تتمتع بموقع ميداني متفوق، فان ثمة إجماعاً ايضاً داخل الحكومة على دعم الجيش بالكامل في كل ما يقوم به على قاعدة التحسب لأقصى الاحتمالات العسكرية والأمنية في وقت يفترض معه ان يتحرك الوسيط بسرعة في عملية المفاوضات. وهو امر تبدو معه قضية العسكريين الرهائن مرشحة لسباق مستمر بين العوامل الميدانية وعملية التفاوض في ميزان شديد الحساسية والغموض والخطورة. وفي حين برز امس تلقي عائلة المعاون بيار جعجع المخطوف لدى «النصرة» اتصالاً منه اكد فيه ضرورة الإبقاء على الضغط على الحكومة لمقايضة العسكريين بموقوفين ومواصلة قطع الطرق، استوقف دوائر سياسية موقف لوزير العدل اللواء أشرف ريفي قال فيه «اننا سابقاً ناصرنا الثورة السورية في المواقف واليوم نناصرها او نتمنى إسقاط النظام الاستبدادي، وكنا نتطلع الى قيام نظام حر يحترم حرية الانسان وكرامته في سورية كي نبني معا علاقات مستقبلية تقوم على الاحترام والمحبة»، لافتاً الى ان «قضية العسكريين الأسرى تشكل نقطة سوداء في مسيرة الثورة وصورة العلاقة المستقبلية بيننا، ويجب أن تعيدوا النظر في هذه القضية وان تبذلوا كل الجهود لاطلاق سراح العسكريين، واننا نرغب ببناء علاقات أخوية، علاقات جوار واحترام للانسان، ويجب ألا تسود هذه العلاقة أي نقطة سوداء». وفي موازاة ذلك، نقلت تقارير وجود شروط متفاوتة بين «النصرة» وتنظيم «الدولة الاسلامية» يطرحها الخاطفون وبينها عدم قفل المعابر التي تربط عرسال بجرودها، وضمان ممر انساني آمن للمسلحين لزيارة عائلاتهم في البلدة، وعدم نقل مخيمات اللاجئين الى خارجها، وعدم قطع الامدادات الحياتية الضرورية عن الجرود.
«حزب الله» اشتبك مع مسلّحين هاجموا أحد مواقعه في جرود بريتال
انشغلت بيروت عصر امس بمعلومات عن هجوم شنّه مسلحون من «داعش» و«جبهة النصرة» على موقع تابع ل «حزب الله» عند الحدود اللبنانية - السورية في منطقة المحافير في جرود بريتال (البقاع) حيث دارت اشتباكات عنيفة، أسفرت عن وقوع اصابات من الجانبين. وذكرت تقارير ان اشتباكات عنيفة دارت في جرود بريتال خلال محاولة توغّل المسلّحين في اتجاه القرى البقاعية من جهة عرسال، فتصدّت لهم عناصر من «حزب الله». وأضافت المعلومات أن مسلحي «داعش» و«النصرة» أتوا من جرود عرسال مروراً بعسال الورد السورية، ونفذوا الهجوم من محاور عدة، في اتجاه جرود بريتال.