■ مقربون من جون كيرى أشاروا فى القاهرة إلى إمكانية مقابلة سريعة بين الرئيسين فى الأممالمتحدة.. والبيت الأبيض للسفارة المصرية فى واشنطن: ألا تريدون لقاءً مع أوباما؟ ■ السفارة المصرية تلتزم الصمت وتجرى اتصالات مع الخارجية والرئاسة والبيت الأبيض يعيد العرض ويطلب موعدًا للقاء بين الرئيسين ■ السيسى التقى بممثلى أكبر 25 شركة فى الولاياتالمتحدة.. وبعد عرض وجهة نظره قال لهم: سأترك زملائى ليتحدثوا معكم.. وبالفعل تحدث وزيرا التموين والاستثمار ■ كيسنجر للسيسى: الله معك.. فأنت تتحمل مسئولية الشرق الأوسط كله.. كما أنك الوحيد الذى لديك دولة هنا فى نيويورك تطاردك الأخبار قبل أن تطاردها، تسعى إليك بمجرد التفكير فيها، لا شىء ولا أحد يحجب عنك ما يجب أن تعرفه. كانت قصة لقاء الرئيسين المصرى عبد الفتاح السيسى والأمريكى باراك أوباما لغزا.. الخبر عرفه الجميع، نقلته مصادر دبلوماسية إلى وسائل الإعلام المختلفة، الرئيس الأمريكى طلب مقابلة الرئيس المصرى، وسيعقد اللقاء يوم الخميس يعقبه مؤتمر صحفى لمدة 15 دقيقة يتحدث فيه الرئيسان. وراء الخبر كانت هناك قصة، بدأت هنا فى القاهرة عندما زار جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى مصر قبل أيام من قمة الأممالمتحدة، وقتها أوحى مقربون منه وعلى اتصال به دون تصريح بأنه يمكن أن يتقابل أوباما والسيسى فى الأممالمتحدة، يسلمان على بعضهما البعض ويتبادلان بعض الكلمات السريعة. لكن ما جرى فى واشنطن وقبل نحو 24 ساعة من وصول السيسى إلى نيويورك كان مختلفا، أجرى البيت الأبيض اتصالا مع السفارة المصرية فى العاصمة الأمريكية، وسألوا بشكل واضح: هل تريدون لقاءً خاصًا مع الرئيس الأمريكى؟ كان السؤال المختصر سببا فى ارتباك المسئولين فى السفارة المصرية، فلو أبدوا موافقة وطلبوا تحديد موعد للقاء، فما الذى يضمن لهم الآن الأمريكان لا يلعبون، وأنهم بعد الموافقة يقولون لهم إن جدول أوباما لا يسمح، ولو رفضوا يمكن أن يكون ذلك سبباً فى أزمة سياسية ودبلوماسية. ظل المسئولون فى السفارة المصرية صامتين، لكن بعد ساعات أعاد البيت الأبيض الاتصال مرة أخرى، خلال هذه الساعات كانت السفارة المصرية تجرى اتصالات عبر الخطوط المفتوحة مع وزارة الخارجية ومؤسسة الرئاسة، وتم الاتفاق على الموافقة على تحديد موعد بشرط أن يكون العرض واضحًا من الإدارة الأمريكية برغبة أوباما فى اللقاء، وهو ما حدث بالفعل، ففى الاتصال الثانى الذى أجراه البيت الأبيض، كان العرض محددًا وبدقة، بطلب لقاء بين الرئيسيين. لكن لماذا يحرص أوباما على لقاء السيسى.. طبقا لمحللين سياسيين ومقربين من دوائر صنع القرار فى الولاياتالمتحدة التقيت بهم هنا فى نيويورك، فإن هناك ثلاثة أسباب تجعل من هذا اللقاء ضرورة ملحة. السبب الأول: إن منطقة الشرق الأوسط بالفعل فقدت الثقة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وترى أمريكا الآن أنها فى حاجة إلى رجل المنطقة القوى، وقد يكون ما قاله هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق للسيسى عندما التقاه على هامش دورة الأممالمتحدة دالاً على الصورة التى يرسمها الأمريكان للرئيس المصرى الآن. قال له كيسنجر: شكرا سيادة الرئيس وكان الله فى عونك.. فأنت الوحيد الذى تتحمل مسئولية منطقة الشرق الأوسط كلها، ثم إنك الوحيد الذى لديك دولة. وعليه فلم يكن أمام الرئيس الأمريكى إلا الجلوس مع الرئيس المصرى ليسمع منه ما الذى يجب أن تفعله الولاياتالمتحدة، على الأقل لتستعيد ثقة شعوب المنطقة فيها. السبب الثانى: كان فى حجم الهدف الذى يريد الأمريكان تحقيقه من وراء مقابلة السيسى، كان هناك احتمال لأن يقابل السيسى جون كيرى، لكن الدوائر الأمريكية ترى الآن أن كيرى لا تأثير له، ثم إنه قابل السيسى فى القاهرة، والأمر يحتاج بالفعل إلى ما يمكن التعامل معه على أنه لقاء قمة بين الرئيسين. السبب الثالث: إن حرص أوباما على مقابلة السيسى يعنى أن المعادلة فى المنطقة تغيرت بالفعل، وأن الحرب التى يريد الرئيس الأمريكى إعلانها على الإرهاب وحشد دول العالم وراءها مفاتيح سرها جميعاً لدى مصر وحدها. لقد ذهب أوباما مرغمًا إلى السيسى طالبا لقاءه، فالانتقادات تحاصره من كل مكان، تحديدًا بسبب علاقته بجماعة الإخوان المسلمين، ولم يكن بعيدًا ما قاله ديك تشينى عن ضرورة إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية جماعة الإخوان كجماعة إرهابية. إخفاقات أوباما المتتالية جعلته يقف فى النقطة الحرجة، أعلن مبكرًا أنه يريد إغلاق كل الملفات، لكنه أخفق فى ذلك وكان أهمها ملف العراق، أعلن أنه أغلق.. وفجأة ظهرت «داعش» بكل ما تمثله من خطر، وأعلن أن الحرب على الإرهاب انتهت، لكن الإرهاب عاد ليطل برأسه من جديد.. وهنا تأتى الورطة، فلو أعلن أوباما الحرب على الإرهاب من جديد، فلن تكون هذه الحرب على «داعش» وحدها، بل لابد أن تأتى على كل الجماعات الإرهابية وفى القلب منها جماعة الإخوان المسلمين. هذه النقطة تحديدًا من المتوقع أن تكون محور الحديث الأساسى الذى سيدور بين أوباما والسيسى، فالرئيس المصرى يرى بوضوح أن الإرهاب لا يقف عند حدود داعش فى العراق فقط، ولكنه يمتد إلى المنطقة كلها، وإذا أراد أوباما حديثًا عن الإرهاب فليكن الحديث على هذه الأرضية. لقاء أوباما الذى تم الترتيب له، لن يكون اللقاء الأهم بالنسبة للسيسى، فقد أجرى بالفعل عدة مقابلات مهمة، من بينها مقابلته مع مجلس الأعمال الأمريكى للتفاهم الدولى، ويضم أكبر 25 شركة فى الولاياتالمتحدة، وتتجاوز أهميته الاقتصادية إلى أنه بالفعل يعكس وجهة نظر الإدارة الأمريكية فيما يخص السياسة والاقتصاد، من بين ال 25 شركة، هناك شركتان بالفعل عملهما الأساسى فى مجال الطاقة، بدأتا مشاورات الاتفاق على الاستثمار فى مصر. اللافت فى هذا اللقاء أن أعضاء مجلس الأعمال الأمريكى صرحوا لعدد ممن حضروا إلى جوار الرئيس من الوفد المصرى بأن الأداء مختلف تمامًا هذه المرة، فالرئيس يترك زملاءه ليتحدثوا – التعبير استخدمه السيسى بالفعل – وفى هذا اللقاء تحدث خالد حنفى وزير التموين، وأشرف سلمان وزير الاستثمار. خالد حنفى وزير التموين قال لى: إن الأمريكان أبدوا إعجابهم بما حدث، قال: إن الصورة تغيرت تماما، إننا أمام رئيس مصرى ليس أحاديًا، يتحدث ليسمع الجميع، فهو يتيح الفرصة للمتخصصين أن يتحدثوا، وهو ما دفع عددًا من أصحاب الشركات الأمريكية الكبرى إلى التصريح بأنه إذا كانت مصر تتعامل بهذه الشفافية، فلابد أن نعيد النظر فى مسألة الاستثمار فيها. لقاء آخر مهم.. فقد التقى السيسى ب 26 مصريًا ناجحًا فى الولاياتالمتحدةالأمريكية فى مجالات اقتصادية متنوعة، وكان من بينهم ماجد رياض المستشار القانونى بنيويورك، ومؤسس الجمعية المصرية الأمريكية، فى هذا اللقاء تم التركيز على وجود آلية يكون للمصريين فى أمريكا من خلالها حضور قوى، خاصة أن هناك كثيرين يريدون المساهمة فى صندوق «تحيا مصر»، خاصة أن التبرعات التى يقوم بها الأمريكان تخصم من ضرائبهم، وهو ما يشجع على البحث عن آلية يتم من خلالها التبرع. كانت هناك فكرة أعتقد أنها يمكن أن تكون مهمة، فقد تحدث بعض المصريين فى الاجتماع عن خطتهم لجمع 90 مليون دولار تخصص تحديدا لتنمية العشوائيات، ورغم ترحيب السيسى بالفكرة، إلا أنه قال لهم وبصراحة إن هذا المبلغ لا يعنى الكثير بالنسبة لمشكلة العشوائيات، لأن المشكلة بالفعل أكبر بكثير مما يتخيل أحد. اجتماع ثالث لا يقل أهمية على الإطلاق.. فقد التقى السيسى بعدد من أعضاء المراكز البحثية الأمريكية، وهى المراكز التى تتبنى وجهة نظر محددة، وهى مطالبة الولاياتالمتحدة بسياسة جديدة مختلفة فى منطقة الشرق الأوسط، تقوم بإعادة مصر إلى تأثيرها الإقليمى بعد أن تراجعت وانكمشت تاركة الساحة لغيرها، وهى مراكز تتبنى هذه المطالبات انطلاقا من رغبتها فى الحفاظ على مصالح بلادها.