أصدرت هيئة المفوضين بمحكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة، قرارا بعدم الاختصاص بنظر الدعوي المقامة أمامها والمطالبة بإيقاف محاكمة مبارك ورموز النظام السابق في جرائم قتل المتظاهرين، وتصدير الغاز بأسعار زهيدة، وتقاضي رشاوى من حسين سالم، لحين قيام السلطة التشريعية بإصدار تشريعات وفق منهج القانون الدولي والأمم المتحدة يمكن من خلالها تهيئة ظروف يمكن في ظلها أن تسود العدالة.
قال التقرير الذي أعده المستشار وائل فرحات، مفوض الدولة، برئاسة المستشار تامر يوسف، نائب رئيس مجلس الدولة، إنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائى يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحا دائما على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضى فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضى المحكمة فى الدعوى أو فى شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها.
وتابع التقرير، أنه من حيث إنه من المستقر عليه أن توزيع ولاية القضاء بين جهتيه العادي والإداري من المسائل وثيقة الصلة بأسس النظام القضائي الذي بُسطت قواعده وشرعت مواده ابتغاء تحقيق أغراض ومصالح عامة، لذلك كانت قواعد الاختصاص المحددة لولاية جهتي القضاء العادي والإداري من النظام العام ، ومن ثم تعين على القضاء بحسبانه أميناً على النظام العام أن يتصدى له من تلقاء ذاته حتى ولو أغفل ذوو الشأن عن الدفع به وذلك قبل أن يتصدى للفصل في أي دفع شكلي أو موضوعي ومن باب أولى من قبل تصديه بالفصل في موضوع النزاع ، إذ لا يستمد القضاء ولاية الفصل في موضوع النزاع وفيما يتفرع عنه من دفوع شكلية وموضوعية إلا من إسناد ولاية الفصل في الموضوع إليه بمقتضى الدستور.
كما أنه من المستقر عليه أن القرار القضائي هو القرار الذي تصدره هيئة قضائية وهي تؤدي وظيفتها القضائية التي منحها لها القانون ، وتحسم به على أساس قاعدة قانونية خصومة قائمة بين خصمين ، ومن ثم فإن ما تمارسه المحكمة الجنائية من إجراءات لمباشرة الدعوى الجنائية المنظورة أمامها وصولاً لإصدار حكمها فيها تعد من الأعمال القضائية التي تنحسر عنها رقابة القضاء الإداري. وأوضح التقرير، أنه لما كان المدعي يهدف بطلبه الماثل إلى وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن وقف محاكمة مبارك ورموز النظام السابق في اتهامات قتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل ، وكانت هذه الاتهامات محل قضايا لا تزال منظورة أمام القضاء الجنائي ، وكانت المحكمة الجنائية هي التي تختص بالفصل فى جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم فى الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ، باعتبار أن هذه المسائل تعد من الأعمال القضائية التي تصدر عنها في ضوء ولايتها القضائية على الأنزعة محل القضايا المنظورة أمامها والتي تنحسر ولاية محاكم مجلس الدولة عن التعرض لها ، ويكون استنهاض ولايتها فى هذا الشأن تدخلاً فى الوظيفة القضائية لجهات القضاء العادي وهو ما ينأى عنه مجلس الدولة ، الأمر الذي يتعين معه التقرير بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى .
كما أكدت الدعوي، إنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائى يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحا دائما على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضى فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضى المحكمة فى الدعوى أو فى شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها.
وحيث كان المستقر عليه أن العمل التشريعى المتعلق بإصدار القانونين واقتراحها يختلف تماما عن العمل الإدارى ، فالعمل التشريعي هو الذي يصدر عن السلطة التشريعية (مجلس النواب) أو الجهة القائمة بمقتضى الدستور بشئون التشريع (كرئيس الجمهورية في حالة عدم قيام مجلس النواب) في شأن متعلق بعملية تشريع القوانين سواء إقتراحها أو مناقشتها أو إصدارها ، وهو ما يختلف عن العمل الإداري الذي يصدر تطبيقاً وتنفيذا لهذه القوانين ، وهذا العمل هو الذي يدخل فى إختصاص القضاء الإدارى بينما يخرج الأول عن دائرة هذا الاختصاص ولا يكون للقضاء الإدارى حق مراقبة مشروعية ذلك العمل التشريعى الذى يتم وفقا لآلية دستورية على النحو المشار إليه بالنصوص الدستورية سالفة البيان .
واختتم التقرير، أنه لما كان الطلب الماثل يتعلق بإمتناع السلطة التشريعية عن إصدار تشريعات تحقق محاكمات ثورية وعاجلة لرموز النظام السابق وفق منهج القانون الدولي والأمم المتحدة، ومن ثم فهى تتعلق بعمل تشريعى تتولاه الجهات المعنية وفقاً للألية الدستورية المقررة ، وعليه يضحى النزاع الماثل خارجاً عن دائرة الاختصاص الولائى المقررة لهذه المحكمة لتعلقه بعمل تشريعى، وهو ما يتعين التقرير معه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطلب الماثل دون إحالة باعتبار أن الإحالة تكون للمحكمة المختصة فقط .