فى الذكرى السنوية الثلاثين لليوم الدولي للسلام الذى يصادف 21 سبتمبر من كل عام، حيث خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ لتعزيز المثل العليا للسلام في الأمم والشعوب وفي ما بينها، حملت رسالة رئيس الوزراء البحرينى الامير خليفة بن سلمان آل خليفة رؤية جادة بشأن كيفية ارساء أسس السلام والاستقرار فى العالم أجمع فى ظل ما يواجهه من مخاطر عدة تأتى على رأسها انتشار الارهاب والتطرف والعنف، وما يحمله ذلك من تأثيرات سلبية على أمن الشعوب واستقرارها وعلى بقاء الدولة وتماسكها، بما يستوجب حشد الجهود وتكاتف الجميع فى إطار عمل جماعي منظم يدرء هذه المخاطر والصراعات من جانب، ويعزز أسس السلام العالمى والتعاون الدولى من جانب آخر. وجدير بالإشارة أن الرؤية التى يطالب بها رئيس الوزراء البحرينى تنطلق من عدة مرتكزات أساسية لا يمكن فى ظل غيابها أن تنجح أية حملات دولية او جهود إقليمية فى مواجهة التهديدات الارهابية، بما يمكن معه القول إن هذه المرتكزات تمثل شروط ضرورية لا يمكن ان يتحقق النجاح بدونها، وتتمثل هذه المرتكزات في عدة عناصر على النحو التالى: 1- ليس صحيحا ما قد يعتقده البعض من أن تمويل التنظيمات الارهابية من أجل تحقيق أهداف له لدى طرف آخر سيظل تأثير هذه التنظيمات بعيدة عن من أسسها، بل أن تنامى موجات الارهاب واتساع نطاقها ورقعتها المستهدفة، سيؤدى حتما إلى أن يكتوى من احتضن او دافع عن هذا الارهاب بناره، فالإرهاب بات الخطر الاكبر الذي يهدد حاضر الانسانية ومستقبلها في ظل غياب روح التسامح وسيطرة لغة المصالح على تحركات بعض القوى الدولية تجاه العديد من القضايا والنزاعات. 2- إذا كان تنامى الارهاب والفكر المتطرف في العديد من المناطق والبلدان، بات يمثل تهديدا مباشرا وصريحا لتطلعات الشعوب في النماء والازدهار، فإن مواجهته تتطلب تبني استراتيجية متكاملة تركز علي حق الانسان في الحياة والسلم باعتباره حقا مقدسًا أصيلاً، أكدت عليه الشرائع السماوية كافة انطلاقا من كون السلام قيمة انسانية نبيلة لخير البشرية، لا يجب التفريط فيها حتى يتمكن الإنسان من إعمار الارض والحفاظ عليها، وهو ما يؤكد على ان الاسلام برئ مما يحاول البعض إلصاقه به زورا وبهتانا. 3- إن نجاح أية جهود لمكافحة الارهاب تستوجب احترام القانون الدولي والمبادئ والأعراف التي يقوم عليها هذا القانون وفى مقدمتها الالتزام بالمبدأ الدولى الوارد فى ميثاق الاممالمتحدة، والمتمثل فى وجوب احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها، لأن الاخلال به من شأنه تهديد الامن والسلام الدوليين. 4- يظل الحوار والتفاوض هو الالية الاكثر ملائمة والانسب لتسوية الصراعات الداخلية والاقليمية والدولية، شريطة ان يكون الحوار دون شروط مسبقة او اشتراطات من طرف على طرف آخر، يدلل على ذلك نجاح الحوار الوطنى فى المملكة فى جولته الاولى فى ظل الرؤية الرصينة التى اتسمت بها الحكومة البحرينية فى تعاملها مع الازمة التى عصفت بالبلاد خلال شهرى فبراير ومارس 2011. 5_ الوصول الي تسويات شاملة لمسببات الصراع في الشرق الاوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، هو المنطلق الرئيسي لإقرار السلام في المنطقة التي عانت كثيرا ولا تزال من عدم الاستقرار. تمثل هذه الرؤية استراتيجية متكاملة الجوانب والابعاد اذا اردنا العالم اجمع أن يرسخ قيمة السلام بين دوله وشعوبه، حيث تمثل مرتكزات الرؤية الخطوات والاليات العملية التى يمكن من خلال وضع الاستراتيجية موضع التطبيق، وهذا ما يميز الرؤية البحرينية تجاه قضية السلام العالمى والجهود التى تبذلها المملكة حكومة وشعبا فى سبيل نشر ثقافة السلام والامن والتعاون بين مختلف الشعوب، أخذا فى الاعتبار أن نجاح المملكة فى هذا المجال نابعا من نجاح داخلى حققته الحكومة البحرينية برئاسة الامير خليفة بن سلمان حينما جعلت الداخل البحرينى وحدة متجانسة بعيدا عن الارهاب او العنف او القتل إلا من ثلة من المجرمين الارهابيين اصحاب الاجندات الخارجية والانتماءات المذهبية والطائفية. ومن هذا المنطلق، فإذا ارد العالم ان يتحول شعار هذا العام الذى حمل "حق الشعوب فى السلم" إلى تطبيق عملى، فيجب أن يكون الانطلاقة من الرؤية التى طرحها رئيس الوزراء البحرينى، خاصة وأن طرح هذه الرؤية فى مثل هذا التوقيت يحمل دلالة أخرى عن مدى الاهتمام الذى يوليه الامير خليفة بن سلمان إلى قيمة السلام والامن، فنجد أنه من المسئولين القلائل الذى تذكروا هذا اليوم وبعثوا برسالة الى العالم أجمع بما يؤكد على ترسخ قيمة السلام وتجذرها فى وجدانه وأن ديدانه المستمر فى ادارته لحكومته هو تبنى نهج السلام والامن واعلاء قدرهما سعيا إلى اقامة الدولة الديمقراطية العصرية.