لم يخطر ببال أحد أن تكون شخصية "حاتم زهران" التي جسدها الفنان خالد صالح في فيلم "هي فوضى" موجودة بواقعنا لمثل هذه الدرجة من البلطجة على المواطنين، ولم يتخيل أحد أن تظهر هذه الشخصية بعد ثورة أهم ما نادت به هو الحرية، لكن الواقع اليوم كشف لنا شخصية مماثلة لشخصية "حاتم زهران" وأكثر قمعاً. ففي قسم "دار السلام" يعمل "أحمد الروبي و علاء السيد" أمناء شرطة، وتعود منهم أهالي المنطقة بشكل عام وخاصة منطقة "عزبة خيرالله" القمع والبلطجة من أجل الحصول على أموال بطريقة "ادفع بدل ما نلفقلك تهمة وانت وحظك مخدرات أو سلاح أو سرقة"، بالإضافة إلى تهديدهم للنساء في حال ان لم يصمتوا بعد الاعتداء على رجالهم. ومنذ أيام اشتعل الوضع وازداد سوءً بعد أن طالب "الروبي والسيد" الأهالي بدفع أموال ولكنهم ظلوا يرفضون بسبب سوء أحوالهم المادية، حيث قاموا باقتحام منزل المواطن رشاد سيد عبد المجيد، و واعتقلوا أبنه عيد رشاد المصاب بقدمه ويحتاج إلى عملية جراحية، بتهمة سرقة الدراجة البخارية الخاصة ب"الروبي"، وحينما حاول الأهالي التوسل لقوة المباحث لترك عيد نظراً لإعاقته أن فوجئوا بتوجيه أفظع الشتائم و الإهانات من قبل أمناء الشرطة وتم تهديدهم بالتعرض لنسائهم في حالة عدم ظهور الدراجة البخارية وأن المواطن عيد رشاد سيد سيظل رهن الإعتقال طالما لم يرشد عن السارق.
في النيابة تم تلفيق عدة تهم ل" عيد رشاد"، الأمر الذي جعل الأهالي يقدمون شكوى للنيابة ضد أمناء الشرطة بتلفيق القضية وتهديدهم للمواطنين، وهو ما عوقبوا عليه جماعياً حيث توجه الأمناء بحملة أمنية الى العزبة للبحث عن الذين قدموا الشكوى في النيابة، واعتقلوا "هشام حسني صابر" .
وحينما دافع المواطنين عن أنفسهم بعد ان اعتدت الشرطة على بعض الأفراد بقذف الحجارة على ميكروباص الشرطة، كان الرد بإطلاق وابل من الرصاص وهو ما أدى إلى إصابة "كريم أبو العيس" بطلق في الرقبة، و"التوني أحمد محمد" بطلق في البطن.
ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل قاموا أيضاً بإطلاق الرصاص عن قصد على "حمار" تملكه أم لأطفال أيتام و هو الوسيلة الذين يستخدمونها فى عملهم.
وحينما علمت "الفجر" بذلك ذهبت إلى محل الواقعة للوقوف على حقيقة الأمر، وقد التقينا بوالدة كريم التي كانت جالسة على سريرها، والحزن يخيم عليها منتظرة أي خبر تطمئن من خلالها على ابنها الذي يبلغ من العمر 25 عام، ويعمل بائعاً في منطقة الحسين، بعد أن أصيب في رقبته بطلق ناري. والتى قالت ان يوم الواقعة كان يوافق يوم إجازة "كريم"، ووقت وقوعها خرج بعد أن سمع الأصوات بالخارج ليبحث عن ابن أخوه الصغير، فأصيب بالرصاصة التي أطلقها أمناء الشرطة في رقبته، وتم نقله بعد الإصابة إلى مستشفى القصر العيني.
وأضافت: "ابني مرمى بالمستشفى وحوله حراسة كأنه قتل قتيل، وبعد أربع أيام قاموا بخطفه من سرير المستشفى ونقلوه إلى النيابة ".
ووجهت والدة كريم رسالة لوزارة لداخلية قالت فيها :" حرام عليكم الناس الغلابة". أما التوني، المصاب الثاني والذي أصيب بطلق ناري فى البطن حيث دخلت الرصاصة من جانبه وخرجت من الجهة الأخرى، فقابلتنا شقيقته التي أكدت أنه خرج بالصدفة حينما سمع الصراخ بالشارع، موضحة أنه كان يقوم بتجهيز شقته التي يستعد للزواج بها بعد أيام قليلة.
وأوضحت أن أمناء الشرطة "علاء السيد وأحمد الروبي" ومجموعة أخرى من قسم دار السلام جائم المنطقة بسيارة ميكروباص، وضربوا الأهالي واتهمونا في القسم بعد أن قاموا بذلك أننا قومنا بتكسير سيارة "البوكس"،
وقالت أن أمناء الشرطة جاءوا في هذا اليوم حتى يقوموا بتكسير شقة "وائل" وهو أحد المسجونين بالقسم، وبعد أن كسروا شقته قاموا بالذهاب لمنزل "عيد" الذي يعاني من اصابة في قدمه ويعالج منها، وكان وقتها نائماً فقاموا بإيقاظه، بحجة أنه قام بسرقة "موتوسيكل" أمين الشرطة أحمد الروبي.
وتابعت : "أخذوه معهم ولفقوا له تهم المخدرات والسلاح والسرقة، وكل هذا لأننا قدمنا شكوى ضد "علاء السيد وأحمد الروبي" وأمناء الشرطة نطالب بحقنا، لانهم يقومون بجمع الفلوس منا بالقوة والتهديد حتى لحمة العيد اللى بيوزعها علينا المقتدرين بيشاركونا فيها وعندما رفضنا قاموا بتنفيذ تهديدهم.
وكشفت زوجة "هشام"، المسجون بقسم دار السلام أن أمناء الشرطة قاموا بضربها في منزلها موضحة : "سرقوا خمس خواتم فضة واتنين ذهب من منزلي وضربوني بالقلم وأحدهم مسكني خنقني وطلب مني فلوس ، وبياخدوا كل شهر فلوس من رجالتنا اما ان يلفقوا لهم قضية".
وسرد لنا شقيق "التوني" الواقعة حيث قال: "الشرطة جاءت لتقبض على"هشام" بعد ما قدم فيهم شكوى وسحلوه للميكروباص، وحينما صرخت النساء شتمهم أمناء الشرطة، ، وبعدها أطلقوا النار بعشوائية وسقط أخي على الأرض بعد أن دخلت الطلقة في بطنة وخرجت من الجهة الأخرى".
وتابع : "احنا طول عمرنا الحيطة المايلة لحكومة دار السلام من ساعة ما قسم دار السلام ما فتح والحكومة مش سيبانا في حالنا، واحنا عندنا حاتم زهران زي فيلم هي فوضى وأفظع منه".
واستطرد : "وقت ما دخل أمناء الشرطة بيت "عيد" سمعت بأذني وهما بيقولوا ان شاء الله ندخل البيت دا نطلع منه بمصلحة، ها تطلع منه بإيه عارف صاحبة مسجون؟ ..، انت جاي تقبض على حد ولا تسرق ولا تعمل ايه؟ ..". وقال : "احنا علشان ملناش حد عزبة خيرالله مظلومة اللي بيضرب ويتبهدل، ولو ما دفعتش يختاروا له تهمة تلفق له، احنا مغلوبين على أمرنا، وحسبي الله ونعم الوكيل".
وأنهى حديثه بلوم على المسئولين حيث قال :" احنا أول ناس بصمنا للسيسي والحكومة، وادينا صوتنا للسيسي والحكومة ولو سمعنا ان في اخواني بنكون مع الحكومة".
وكشفت الحاجة أم غرام، أنها توسلت إلى أمين الشرطة الذي ألقى القبض على "عيد" مؤكدة أن وقت القاء القبض عليه كان نائماً في بيته.
وقالت أن أمين الشرطة رد عليها ب: " وانتى مالك ولو عايزين تشتكوا تقولوا انى دوست على رقبته برجلي واخدته من الجامع مش البيت اكتبوا واشتكوني".
أوضح المهندس جمال أحد سكان الشارع، أنه يسكن في الدور الرابع وسمع صوت اطلاق النار، وخرج من بلكونته ووجد سيارة ميكروباص تطلق الرصاص واصابت شابين أحدهما في بطنه والآخر في عنقه، لافتاً أنهم كانوا يطلقوه بعشوائية شديدة حيث وصلت إحدى الطلقات إلى بلكونته التي كادت أن تصيب زوجته حيث خرمت طرحتها.
وأضاف :"شكوناهم في محضر بوزارة الداخلية قالوا اننا منطقة ارهابية، نحن هنا منذ 35 عام، وقمنا بتحرير محضر اخر لرئاسة الجمهورية وحق الناس التى ضربت بالنار وحق الحمار الذي اعتبره بعشرة رجال لأنه يعيل أسره من عشرة أفراد أيتام لازم يرجع".