لم يُعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مُدة زمنية مُحددة لتنفيذ أية وعود يمكنه من خلالها حل أزمات أو التغيير في الواقع المصري، لكنه حينما حلف اليمين الدستورية عبر عن إعتزامه أن تشهد المرحلة القادمة نهوضًا شاملًا على المستويين الداخلي والخارجي لكي يتم تعويض ما فاتنا، ونصوب أخطاء الماضي.
بينما أعلن الرئيس المعزول محمد مرسي خلال جولات الدعاية الانتخابية الخاصة به أن فترة ال 100 يوم الأولى من توليه الرئاسة سوف يكون هناك طفرة مُحدداً عدد من الملفات التي سيحاسب عليها بعد انتهاء فترة ال 100 يوم، وهي "الأمن والخبز والمرور والنظافة والوقود"، وكأنه حكم على نفسه بنفسه حيث كانت هذه المدة هي التي حاسبه الشعب عليها فبعد انتهاء ال100 يوم حاسبه الشعب على تلك المحاور الخمسة التي لم تشهد أي طفرة.
وهو الأمر كذلك الذي اعتاد عليه المصريون وكأن مرسي وضع هذه المُدة لنفسه ولكل رئيس يأتي بعده حتى يُحاسب عما فعله بعد توليه الرئاسة ويتم تقييم أداؤه، وقد قامت "الفجر" بإجراء مقارنة بين ال100 يوم الأولى في عهد "مرسي" و "السيسي" في عدد من المحاور الأساسية.
الأمن
يُعد ملف سيناء من أهم الملفات المتعلقة بشأن الأمن القومي، فبعد أن تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي الرئاسة في 30 يونيو 2012، وعلى الرغم من وعوده بالالتزام بإعادة الاستقرار والأمن داخل سيناء، إلا أنه عجز في التعامل مع هذا الملف، خاصة وأنه في بداية ال 100 يوم الأولى له شهدت سيناء حادث مُفجع استشهد على إثره 17 جندياً، خلال شهر رمضان عام 2012، أثناء تناولهم وجبات الإفطار، حيث قام ملثمون بإطلاق النار عليهم .
وفي رد فعل سريع ل"مرسي" قام بإقالة مدير المخابرات آنذاك اللواء "مراد موافى"، بسبب تلك المذبحة، والذي كان قد أكد أنه قدم تقارير كافية حول ذلك قبل أن تحدث، وقام أيضاً على إثرها بتنحية وزير الدفاع "المشير حسين طنطاوي"، وعدد كبير من قيادات الجيش، وتعيين عبد الفتاح السيسي وزيراً جديداً للدفاع.
أما عن ال100 يوم الأولى في عهد "السيسي" بسيناء، فكانت المنطقة على صفيح ساخن، حيث شهدت عدد العمليات الإرهابية التي راح ضحيتها مُجندين، على أيادي الجماعات الإرهابية هناك والتي من بينها جماعة "أنصار بيت المقدس"، وكانت ولا تزال قوات الجيش تقوم بعمليات عسكرية للقضاء على الجماعات الإرهابية والتكفيرية بالإضافة إلى هدم الأنفاق مع غزة.
وعن الملف الأمني بشكل عام فلم تشهد فترة ال100 يوم الأولى لمرسي عمليات إرهابية داخل القاهرة والمدن مثلما حدث في عهد السيسي، بالإضافة إلى المظاهرات التي اعتاد على فضها من خلال استدعاء أعضاء جماعة الإخوان التي ينتمي إليها للمشاركة في فض اعتصام معارضيه، مثلما حدث أمام قصر الاتحادية.
وقد نجح مرسي بحسب "مرسي ميتر"، في منح حوافز وترقيات ومكافآت لرجال الشرطة مرتبطة باستعادة الامن في مناطق عملهم، وزيادة عدد من نقاط شرطة بما يتناسب مع العدد السكاني للمنطقة، بالإضافة إلى استخدام المروحيات في ضبط الأمن والمرور بالطرق السريعة والمحورية، بحسب "مرسي ميتر".
بينما وضع السيسي في موقف حرج حيث استمرت المظاهرات المناهضة ل 30 يونيو ولحكمه حتى الآن، بالإضافة إلى العمليات الإرهابية والتفجيرية التي وصلت إلى القاهرة ومحيط قصره بالاتحادية، بالإضافة إلى التظاهرات والتعامل المباشر مع الشرطة.
و نجح السيسي في زيادة رواتب أفراد الشرطة بما يتناسب مع خطورة عملهم و تأمين حياتهم في كبري شركات التأمين، ويعمل الآن تغيير استراتيجية الأمن في وزارة الداخلية،
بينما لم يحقق تطوير منظومة الأمن ليعتمد علي التكنولوجيا في جمع المعلومات و ليس استجواب المتهمين بطرق الضغط و التعذيب، وتسليم الضباط المتورطين في عمليات التعذيب حتي من أيام المخلوع للقضاء و فتح صفحة جديدة حقيقية مع الشعب، بحسب "سيسي ميتر". المرور
وبحسب "مرسي ميتر" حقق المعزول في هذا الملف نقطتين فقط من أصل 22 هدف وضعهم لنفسه ليحققهم في المائة يوم الأولى، وهما إزالة كافة إشغالات الطرق ولم يتحقق ذلك الأمر بشكل كبير، وتحقيق خدمة تليفونية وقنوات مرورية إذاعية محلية بعواصم المحافظات لتوجيه قائدي السيارات للطرق الأقل إزدحاما .
وفي نفس الملف منذ أول يوم لتولي السيسي الرئاسة عمل على إخلاء الشوارع من الباعة الجائلين وعودة النظام بها خاصة منطقة وسط البلد، ونجح في ذلك إلى الآن حيث لم يعود الباعة إلى أماكنهم بعد أن استمر انتشار قوات الأمن في الأماكن بعد إخلائها من الباعة، فضلاً عن نقلهم إلى مكان مخصص لهم. وقام السيسي بإدخال بعض التعديلات على قانون المرور حيث تم تغليظ العقوبات على المخالفين.
الخبز
حقق مرسي في هذا الملف 3 أهداف من 13 وضعهم لنفسه حتى يحققهم في مائة يوم من توليه الرئاسة، وهم رفع الإنتاجية والقيمة الغذائية لدقيق الخبز، وفصل الإنتاج عن التوزيع، بالإضافة إلى دعم وتقوية المخابز الكبيرة المجمعة واعتبارها المساند الرئيسي في وقت الأزمات.
وشهد نفس الملف في أول 100 يوم من حكم السيسي تطبيق منظومة الخبز الجديدة في 9 محافظات، مع وعود من وزارة التموين بتعميم التجربة بالوصول لنهاية العام، بالإضافة إلى تغيير منظومة البطاقات التموينية وتوزيع منتجاتها .
النظافة
استهل مرسي فترته الرئاسية، بحملة "وطن نظيف"، والتي ركزت على محور النظافة، والتي لاقت نجاحاً محدوداً، إلا أنها لم تستمر، وحقق مرسي في محور النظافة 3 أهداف من أصل 8، حيث ربط منح مكافآت وحوافز وترقيات العاملين بهيئات النظافة والتجميل بتحقيق النظافة والجمال في عملهم، وعمل حملات توعية إعلامية وخطب جمعة بالنظافة وإثم إيذاء الناس بالزبالة في الطريق، وتخصيص خط ساخن لنقل مخلفات المباني بأسعار ميسرة.
بينما لم تشهد فترة ال100 يوم الأولى من حكم السيسي تقدمًا كبيرًا في هذا الملف، مع استثناء منطقة وسط البلد، بينما أطلقت وزارة الآثار حملة رسمية وشعبية لتنظيف شوارع القاهرة التاريخية، تحت شعار "الحملة القومية لنظافة المناطق الأثرية"، بينما الشوارع العامة ما زالت غارقة في بحور القمامة.
الوقود والكهرباء
حقق مرسي نقطة من أصل خمسة أهداف وضعهم لنفسه، حيث قام بتوصيل أنابيب البوتاجاز للمواطنين في بيوتهم بالتنسيق بين الجمعيات الأهلية والتموين والمحافظة.
وشهدت الفترة الأولى لمرسي أزمة كبيرة في البنزين، وانقطاع الكهرباء ولم يركز على حلها لكنه ركز فقط على كشف المتسببين وضبط مهربين الوقود، بالإضافة إلى تصريحاته الغريبة وقتها والإشارة بأصابع الاتهام بوجود أيادي خفية تتسبب بقطع الكهرباء وأن هناك "شخص يتقاضى مبلغ 20 جنية لينزل سكينة الكهرباء"- حسب قوله-. ولم يتغير الوضع كثيراً في عهد السيسي، فبالنسبة للكهرباء استمرت أزمة الانقطاع وتفاقمت، وشهدت مصر أيام مظلمة وخرج بعدها السيسي ليعلن للشعب أن هناك أزمة حقيقية في الكهرباء مطالبهم بالصبر، متهماً أيضاً بعض ما أسماهم ب"المؤذيين" بالتسبب في تلك المشكلة، ومعترفاً أن مرفق الكهرباء يعاني من مشكلة ويحتاج إلى استثمارات وأموال ضخمة، لافتاً أن هذا الأمر يحتاج إلى فترة طويلة، ومشيراً إلى أن الدولة بذلت جهوداً مع المستثمرين لتمويل وإنشاء محطات التوليد وبعد توجيهاته للحكومة بدءت تقل الأزمة بشكل كبير فى كثير من المناطق وان بدءت تعود فى مناطق أخرى.
أما بالنسبة للوقود فلم تعاني مصر منذ تولي الرئيس السيسي من أزمة نقصه، سوى لفترات بسيطة حينما ظهرت بعد الاشاعات بأن الحكومة سوف تصدر قراراً بإلغاء الدعم الخاص به، وبعد تردد من الحكومة صدر قرار بتحريك أسعاره استعدادا لرفع الدعم عنه مستقبلاً .
السياسة الخارجية
قام المعزول ب 7 زيارات خارجية، فكانت أولى زياراته هي زيارته إلى المملكة العربية السعودية، يوم 11 يوليو، في محاولة منه لإعادة علاقات جماعة الإخوان بالسعودية، كما زار الرئيس السوداني عمر البشير يوم 16 سبتمبر، وكانت إثيوبيا أول الدول الأفريقية التي يزورها مرسي بعد قطيعة بين البلدين 17 عاما على أعقاب محاولة اغتيال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لحضور مؤتمر القمة الأفريقية في محاولة منه لإعادة العلاقات الدولية المشتركة مع دول الحوض الأفريقي مرة أخرى.
وفي محاولة من المعزول لإنقاذ الاقتصاد من الوقوع، لجأ مرسي إلى الصين فسافر على رأس وفد يضم سبعة وزراء وسبعين رجل أعمال، يوم 27 أغسطس، وسافر مرسي أيضاَ في 30 أغسطس لحضور الجلسة الافتتاحية لقمة منظمة دول عدم الانحياز.
وكانت إيطاليا هي أول دولة أوروبية يقع عليها اختيار المعزول لزيارتها يوم 13 سبتمبر؛ من أجل توطيد العلاقات بين البلدين، ووقع خلالها اتفاقات عدة تختص بتدريب العمالة المصرية فى مجال التعليم والتدريب الفني والمهني، وتوجه المعزول أيضاً إلى واشنطن يوم 24 سبتمبر، ليلتقي ب"هيلارى كلينتون"، وزيرة الخارجية الأمريكية، في فندق "وودروف أستوريا" بعد وصوله بست ساعات، وكان المثير للجدل أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يقابله بنفسه.
بينما قام الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال ال100 يوم الأولى بخمسة زيارات خارجية، وقد عكست جولاته الخارجية مدى أهمية العمق الإفريقي في سياسة مصر الخارجية، والعمل على إعادة الدور المصري في القارة السمراء، من خلال الزيارات ال3، التي قام بها للجزائر والسودان وغينيا الاستوائية. وسعى الرئيس من خلال زيارته للسعودية، للتأكيد على أهمية ومحورية الدائرة العربية وتحديدًا دور الرياض الداعم الرئيسى لمصر على طول الخط، كما سعى للتأكيد على ضرورة الانفتاح على دول العالم وتعزيز العلاقات مع كل الدول، وهو ما اتضح من خلال زيارته للدب الروسي، الذي أعلن تضامنه وتأييده لخارطة الطريق وهو ما عكس تحولاً جذرياً فى السياسة الخارجية المصرية وتحولها من المعسكر الغربى بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى المعسكر الشرقى بقيادة روسياوالصين فى موازنات ذكية خصوصاً بعد إنحياز أمريكا والمعسكر الغربى إلى جانب الإخوان المسلمين وعدم اعترافها بثورة 30 يونيو.
إختيار النُخبة
حرص مرسي في مجمل تعييناته الجديدة لقيادات أجهزة الدولة، على عدم استبعاد الكثير من الرموز القديمة، بل الحفاظ عليها، مع إدخال بعض العناصر الجديدة، والتي جاء أغلبها إما من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" أو المؤيدين والمحبين لها، أو ممن ينتمون للتيار الإسلامي بصفة عامة، وهو ما كان واضحا في تشكيل الحكومة والجمعية التأسيسية لوضع الدستور.
بينما حمل السيسي المهندس إبراهيم محلب مسئولية اختيار الحكومة، وحينما قام بتشكيل مجلس استشاري اختاره من العلماء ليتكون من 15 عالم على رأسهم الدكتور أحمد زويل ومن بينهم دكتور مجدي يعقوب وفاروق الباز ومحمد غنيم، بحيث يختص كل منهم بمجاله دون تحييز أو مجاملة لأحد .