عقدت رابطة الكنائس الإنجيلية في الشرق الأوسط مؤتمرها الدولي الثاني حول "الإنجيليون والحضور المسيحي في المشرق"، خلال الفترة من 10 الى 12 سبتمبر 2014 بفندق كونكورد السلام – مصر الجديدة - القاهرة.
وقالت الرابطة في بيان رسمي لها، اليوم الإثنين: "وكان للقاء شقّان، تمثل الشق الأول في القيام بزيارات شارك فيها رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية للرابطة وهم:
1- الدكتور القس أندريه زكى، نائب رئيس الطائفة الانجيلية بمصر، ورئيس الرابطة من مصر.
وذلك إلى كل من الامام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، والمهندس إبراهيم محلب ،رئيس مجلس الوزراء، وقد تناول اللقاءين البحث في كافة المواضعات التي تناولها المؤتمر، أيضا أهم مواضعات الساعة التي تشغل عالمنا العربي والشرق أوسطي.
وقد أكد الدكتور القس أندريه زكى ، رئيس الرابطة أن أعضاء اللجنة التنفيذية للرابطة اختاروا بالإجماع مصر، لتكون هي الدولة الراعية لهذا المؤتمر، باعتبارها الدولة الأكثر أمنا وأمانا في هذه المرحلة، كما أوضح أن مؤتمر ضم عدد من الشركاء من مختلف الدول العربية والاوروبية وأمريكا، كونه مؤتمرا دوليا، وأن أحد أهم أهدافه هي نقل الصورة الحقيقية لمصر في هذه المرحلة إلى مختلف دول العالم من خلال الحضور الذين لمسوا الوضع الحقيقي وتعايشوا معه بأنفسهم.
كما أعرب أعضاء الوفد إلى الامام الاكبر الدكتور أحمد الطيب، عن ثقتهم وتقديرهم للدور الكبير الذى يقوم به الازهر في المرحلة الحالية، من خلال وضع كافة الآمور في نصابها الصحيح، والعمل على توحيد وجهات النظر بين مختلف الاطراف دون النظر إلى الجنس أو الدين أو العقيدة، كما قام أعضاء الوفد بنقل صورة المسيحيين في العديد من الدول العربية، وما يتعرضون له من انتهاكات نفسية وجسدية على يد المتشددين بعض البلدان مثل العراق وسوريا وليبيا.
ومن جانبه قدر الأمام الاكبر للحضور نظرتهم إلى الدور التنويري الذى يقوم به الازهر، لا سيما في مجال دعم العلاقات الاسلامية – المسيحية، كما أكد ما يحدث في المنطقة من قبل بعض الجماعات الارهابية هدفها المجتمع ككل، مشيرا إلى ضحايا الاهاب من المسلمين يفوق ضحاياه من المسيحيين. وفى تعليق لفضيلته عن تساؤل طرح " هل للمسيحيين دور في مجتمع الشرق الاوسط؟"، أجاب متسائلا: لقد أصبح اليوم السؤال الذى يطرح نفسة بقوة على الساحة : هل للمسلمين المستنيرين أي دور أو مكان في الشرق الاوسط، في مواجهة هذا الارهاب التكفيري؟، بعد أن أصبحوا هدفا لهذا الارهاب. كم شدد على أهمية الدور المشترك للمسيحيين والمسلمين في المجتمعات المشرقية، وفى الختام أشاد الامام الاكبر بالموضوعات المطروحة على أجندة الحوار داخل المؤتمر، موضحا أن الازهر الشريف سوف يقوم بعقد مؤتمر دولي خلال أكتوبر القادم يشارك فيه علماء دين من مختلف بلدان العالم، يتم من خلال التأكيد على براءة الاسلام مما تقوم به حاليا الجماعات الارهابية، وعلى رأسها " داعش"، والحركات الجهادية والتكفيرية الاخرى، أيضا الدعوة إلى التأكيد على أهمية الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، والتي تقوم علاقة الحب والمودة والمنافع المشتركة داخل المجتمع الواحد.
وفى لقاءه وأعضاء وفد الرابطة، أستمع رئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب، وفضيلة الدكتور محمد مختار جمعة – وزير الاوقاف إلى المشكلات والهموم التي يتعرض لها المسيحيون في عدد من البلدان على يد جماعات التكفير الارهابية، وما يدفعهم إلى ترك بلادهم والهجرة إلى خارجها.
وقد أكد رئيس الوزراء أن مصر ستكون دائما قلبا مفتوحا للجميع، محملا أعضاء الوفد برسائل تطمينيه بالنيابة عن فخامة رئيس الجمهورية المشير عبد الفتاح السيسي قائلا: أنه يعيش هموم المسيحين في المنطقة، كما يعيش هموم المسلمين أيضا. مؤكدا أن المخاطر مازالت حتى الآن موجودة بمصر، لا سيما بعد أصبح الارهاب اليوم صناعة وعلما، لذلك فلا بد من تكاتف الجميع لمواجهته والقضاء عليه.
اما الشق الثاني، وهو المؤتمر ذاته، فقد تركز البحث فيه حول موقف الإسلام والمسلمين من المكون المسيحي في الشرق وماذا يعني للمسلمين أن يعيشوا في دولة واحدة مع مكونات دينية من غير المسلمين - وأن يتفاعلوا معهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبالتالي ما هي مصلحة المسلمين في بقاء المسيحيين في المشرق ووقف نزيف الهجرة.
أجمع المتحدثون من الباحثين وعلماء الدين الإسلامي في المؤتمر، مثل الدكتور محيى نور الدين عفيفي – الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الشريف، والوزير السابق للتنمية الادارية إبراهيم مهدى شمس الدين " لبنان"، والدكتور الصادق عبد الله الفقيه " الأمين العام لمنتدى الفكر العربي"، والدكتور مصطفى أبو صوى " عميد كليتي الدعوة وأصول الدين والدراسات الاسلامية بجامعة القدس"، والدكتور محمد رضا الاجهورى " أستاذ القانون الجنائي والقانون الاسلامي المقارن بكلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة التونسية "، على التمييز بين الإسلام كدين، وتصرفات ومواقف بعض من المسلمين هنا أو هناك.
مؤكدين أن الإسلام كدين براء من الممارسات التي تقوم بها المنظمات الإرهابية التي تتخذ من العنف أسلوبا لها، كما أوضحوا بالوقائع التاريخية والمعاصرة أن الإسلام الأصيل ”حافظ“ للمسيحيين ولا يقبل المواقف المتطرفة التي تتخذها حركات إسلامية وجهات تكفيرية لا تمثل الإسلام الحقيقي، وتغذي العنف والفكر الإقصائي.
كما أكدوا أن الدولة وأجهزتها هي المسؤول الأول والدائم عن حماية المواطن، وشددوا على تحصين المواطنة على أساس الشراكة في الوطن الواحد، وعلى أن المسيحيين أصيلون في أرض الشرق وليسوا دخلاء عليها، وهم من أصحاب الوطن، وقد قدموا الشهداء دفاعا عنه - وما زالوا.
كما دعوهم للبقاء وعدم الهجرة والمساهمة في تثبيت الحريات في العالم المشرقي، وحمايتها وضمانها من خلال تطوير الأنظمة السياسية الى أنظمة ديموقراطية منفتحة.
غير أن المجتمعين اتفقوا أنه لا تكفي إدانة هذه التصرفات والمواقف بالعودة الى التاريخ، أو بالكلام فقط داخل القاعات المغلقة، بل يجب على الجميع التعاون مع كل القوى السياسية والحكومية والقادرة لإيجاد كافة السبل الكفيلة لوضع حد فعلي على الأرض لهذه الممارسات، واتخاذ ما يلزم من التدابير على صعيد التربية والتعليم والإعلام وخطب المنابر وغير ذلك، للتصدي لتلك المواقف التكفيرية التي ترفض التنوع ووقفها.
ثم تتطرق المؤتمر الى التحديات التي تواجه الإنجيليين المشرقيين، وتواجه شركاءهم الغربيين، في الحاضر والمستقبل. وكانت مداخلات للعديد من الإنجيليين المشرقيين، والغربيين الذين أكدوا على أن الإنجيليين، أفرادا وكنائس ، مكون ثابت من الجسم المسيحي في المشرق، وأنهم يلتزمون حياة سلام مشتركة مع المسلمين والمكونات الأخرى، فعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهها الإنجيليون، إلا أنهم يسعون باستمرار لبناء جسور تفاهم وتفهّم واحترام متبادل وتعاون، بينهم وبين الكنائس والمجتمعات المسيحية الأخرى من حوله من جهة، ومن جهة أخرى مع أشقاءهم من المسلمين والقوى الفاعلة في العالم العربي والمشرقي حيث يعيشون ويتشاركون الحياة مع الآخرين.
وقد أكد الحضور على إن المجتمعات الإنجيلية المشرقية فاعلة ومؤثرة، وهي وارثة لحركة إصلاح ونهضة أخلاقية واجتماعية وثقافية وتربوية وأكاديمية مشهود لها، وتحمل تاريخا مشرقيا عريقا، ولها مساهمات في ولادة الحس الوطني لدى شعوب المنطقة، ودور بارز بإطلاق حركات التحرر والتغيير والإصلاح والنهضة في الشرق، ناهيك عن العدد الكبير من المدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعية المختلفة التي أسسوها والتي تخدم المجتمع بلا تمييز، ونوه المؤتمرون بضرورة إعادة إحياء الدور الإنجيلي المحوري في تنشيط الحركة المسكونية وتوحيد كلمة المسيحيين على أساس وحدة الإيمان والمعمودية وليس على أساس الخوف من الآخر.
وأخيرا، تطرق الشركاء الذين حضروا من الكنائس والمؤسسات الغربية والعالمية الى مسألة علاقة الإنجيليين بالكنائس والمؤسسات الإنجيلية - البروتستنتية الكبرى في العالم، وأهمية تفعيل وتوسيع مساحات التعاون ومد الجسور بين الإنجيليين المشرقيين والمجتمعات الإنجيلية الغربية الفاعلة والمؤثرة من خلال الرابطة، وذلك لأجل عمل المصالحة وإحلال السلام ومناصرة كل قضية وطنية عادلة ومحقة.
وفى الختام أصدر المؤتمر التوصيات الآتية: أولا: الدعوة الى التأكيد على أهمية الحضور المسيحي وتثبيته في المشرق.
ثانيا: التأكيد على ضرورة استمرار الحياة المشتركة بين المسيحيين والمسلمين وسائر مكونات الشرق الأخرى في ظل شرعة حقوق الإنسان والقانون الدولي.
ثالثا: الدعوة الى حماية جميع المكونات المشرقية بغض النظر عن دينها وأثنيتها.
رابعا: العمل على نشر التراث المشرقي الروحي بجميع الوسائل الإعلامية المتاحة
خامسا: التأكيد على دور المواطنة والدولة المدنية والديموقراطية وسيادة القانون في حماية جميع متساكني هذا الشرق من مواطنين وأجانب.
سادسا: متابعة أعمال المؤتمر وتوصياته على المستوى المحلي في الكنائس الإنجيلية الأعضاء، وخلق برامج توعية حول جميع المواضيع التي طرحها المؤتمر، ورفع الصوت الإنجيلي عاليا، بالمشاركة مع الكنائس الشقيقة في الشرق وحول العالم، ليصل الى المحافل الدولية والعالمية ولتوضيح موقف المسيحيين المشرقيين تجاه قضايا الشرق الملحة.