حسين معوض يكتب : الجزيرة.. نادى الباشوات مهدد بالإفلاس

إعدام القطط وتقديم وجبات فاسدة لأعضائه ليست أكبر الجرائم

■ إهدار 250 مليون جنيه من أموال النادى خلال ثلاث سنوات

ظل نادى الجزيرة الرياضى والاجتماعى يعانى من سوء الإدارة وإهدار أمواله بالمخالفة للقوانين خلال السنوات الاخيرة.. ورغم المعاناة إلا أن سيرة النادى لم تشغل الكثيرين، لم ننشغل بهموم اقدم واعرق ناد فى مصر، أنشئ عام 1882، ربما بررنا تجاهلنا لأزمات النادى وحجم المخالفات التى دارت بداخله بأنه نادى الصفوة أو الباشوات أو الكبار، حتى كادت تلك المخالفات وحجم الملايين المهدرة أن تضع النادى الكبير تحت طائلة الإفلاس..

مؤخرا انتبهنا أن فى مصر نادياً بحجم الجزيرة.. انتباهة خطفتها قصة قتل القطط على جدران وحوائط وملاعب النادى، وهى قصة تحولت إلى تحقيقات تجريها الآن نيابة قصر النيل.. مع انتشار صور القطط المقتولة بسم محرم دوليا كما نشر، عدنا لنتحدث عن طبيعة اعضاء النادى وضرورة مراعاتهم أبسط الحقوق، حقوق الحيوان، وكأن إدارات النادى المتعاقبة اهتمت بحقوق الانسان، ونقصد ارقى الطبقات الاجتماعية فى مصر، سبق للنادى أن تسامح وتصالح مع شركة قدمت ساندوتشات وأطعمة لا تصلح للاستهلاك الادمى، وقبلها وبعدها سمحت ادارة النادى لنفسها بتجاوز القانون واستهوتها لعبة الانجازات الوهمية التى لا تضيف سوى مزيد من الخسائر والمتاعب للمؤسسة العريقة..

ربما انشغلنا خلال سنوات الثورة عن تحولات كبيرة شهدها النادى الاقدم فى مصر، تحولات وصلت باعضاء مجلس الادارة السابق ورئيس النادى إلى حد التشابك بالايدى والألفاظ ليكتبوا نهايتهم فى النادى.. قررنا أن نرصد سر هذه التحولات وكيف اثرت على مسيرة النادى وطبيعته الراقية.. لم نجد امامنا سوى قوائم مالية ترصد بدقة حجم المخالفات.. وتكشف كلمة السر فى تلك التحولات.. ونبتعد قليلا هنا عن اسماء اصحاب تلك المخالفات.. فالقانون لا يعاقب على الجريمة بأثر رجعى.

حصلنا على القوائم المالية وتقارير مراقب حسابات النادى عن ألفترة من 2010 وحتى 30 يونيو 2012، وتقريبا لم تتغير ملاحظات مراقب الحسابات، الأدهى أن علامات الاستفهام وبنود اهدار اموال النادى تتسع ألفجوة فيها عاما تلو الآخر.

التقرير الأول والصادر فى 30 يونيو 2010 يرصد مخالفات مجلس الادارة للقوانين، كما يرصد بنود إهدار اموال النادى.. ويبدأ التقرير بما يسمى بالمخالفات الصغيرة منها مخالفة الادارة لقرار وزير الشباب رقم 1173 لسنة 2000 بشأن اعتماد النظام المالى الموحد للاندية الرياضية، وخالفت الادارة هذا القرار من خلال ما سماه مراقب الحسابات» انحرافات بين الموازنة التقديرية وألفعلية».

مخالفات اخرى ارتكبتها ادارة النادى وقتها رصد منها مراقب الحسابات مخالفة الادارة قرار وزير الشباب رقم 85 لسنة 2008، مثل منح زوجة العضو العامل المطلقة العضوية الكاملة بعد مرور خمس سنوات على الطلاق.. الكارثة الاكبر هى عدم وجود سجلات للعضوية.

الباب الاكبر لإهدار أموال النادى يرصدها مراقب الحسابات فى بند بعنوان «مخالفة الادارة للقانون 89 لسنة 98» وهو قانون المناقصات والمزايدات، ومن هذه المخالفات قرارات بتأجير منافذ النادى بالامر المباشر.

وقال التقرير: إن الادارة القانونية بالنادى تتقاضى اجوراً ورواتب ومكافآت وانتقالات تصل إلى 264 ألف جنيه سنويا ويتعين النظر فى مدى الاستفادة من هذه الادارة ومعرفة الدور الذى يقوم به المستشار القانونى.. اضافة إلى عدم توقيع رؤساء القطاعات ونواب المدير العام فى دفاتر الحضور والانصراف على مدار العام وهو ما لا يمكن معه حصر ساعات العمل الفعلية لهم مقابل حصولهم على 404 آلاف جنيه سنويا.

قامت ادارة النادى بتوقيع غرامة 5 الاف جنيه على شركة مورا المستأجرة لمنفذى الملعب الرئيسى والتنس الغربى وذلك لبيع مأكولات وساندوتشات غير صالحة للاستخدام الادمى وقرر المجلس إنهاء الإشغال الموقت للشركة اعتبارا من 1 يناير 2010 ثم تم قبول الاعتذار المقدم من الشركة فى 14 يناير من نفس الشهر.

فرع النادى بمدينة السادس من أكتوبر كان بطلاً رئيسياً فى بند اهدار اموال النادى، وهو ما كشفت عنه عملية مراجعة عقود الشركة صاحبة تصميمات المشروع وهى «مركز دعم التصميمات المعمارية والهندسية».. فقد تم التعاقد مع المركز بالأمر المباشر رغم وجود قرار سابق بانهاء التعامل مع المركز.

وقال مراقب الحسابات إن مشروع البنية الاساسية للحاسب الآلى لقطاعات النادى شهدت إهدار 1.8 مليون جنيه.

وحصر مراقب الحسابات الاجور والرواتب والبدلات والمكافآت بالنادى ووصلت إلى 40 مليون جنيه مقارنة بقيمة الاشتراكات السنوية التى لم تتجاوز 24 مليون جنيه، وطالب المراقب بإعادة النظر فى سياسة التعيين بالنادى وتقييم العاملين خاصة أن هناك «عمالة عاطلة» ليس لها اى دور.

اضافة إلى خسائر المطاعم التى وصلت إلى مليون جنيه عام 2010 و1.3 مليون فى 2009 و1.6 مليون عام 2008 وقابلت ادارة النادى هذه الخسائر بتقديم وجبات للعاملين ب365 ألف جنيه ومعها مكافآت اجادة للعاملين بالمطاعم قيمتها 41 ألف جنيه.. ووجود عجز بأنشطة الألعاب الرياضية تجاوز 21 مليون جنيه، وفى المقابل ارتفعت المصروفات العمومية والادارية 22 مليون جنيه بزيادة 25% عن العام السابق.

لم يذكر التقرير رقماً إجمالياً لحجم خسائر النادى نتيجة لسوء الادارة أو الاهمال أو تجاوز القانون.. لكن الارقام التى تظهر من التقرير تشير إلى خسارة النادى لأكثر من 80 مليون جنيه خلال عام 2010.

فى عام 2011 لم تتغير الامور كثيرا وظلت أبواب الاهدار ومخالفة القوانين مفتوحة على مصراعيها.. ففى هذا العام تم أيضا تأجير بعض المنافذ بالأمر المباشر، واستمر وجود قصور فى الدورة المستندية وسجلات المشتريات.. ومخالفات جديدة فى مشروع إنشاء جراج تحت الارض، وشهد هذا الجراج واقعة طريفة حملت خزينة النادى 72 ألف جنيه، كان البطل فى هذه الواقعة هو رئيس النادى الذى تبرع بقيمة دراسة مرورية لهندسية القاهرة حول الجراج، وتراجع رئيس النادى عن التبرع واسترد 12 ألف جنيه كان قد دفعها من قبل، واصبح النادى مجبراً على دفع المبلغ من حساباته.

مخالفات أخرى فى تقرير مراقب الحسابات عن عام 2011 منها ادراج مشروع البنية الأساسية للحاسب الآلى ضمن المشروعات تحت التنفيذ بتكلفة 1.4 مليون جنيه رغم أن قطاعات النادى اصبحت تستخدم هذا المشروع بالفعل.

واستمراراً لنفس المخالفات لم تقوم ادارة النادى بدراسة اعادة هيكلة العمالة رغم التداخل بين الوظائف واستمرار ظاهرة «العمالة العاطلة» والاكثر من ذلك أن الادارة قررت مكافأة العاملين بتثبيت أبنائهم من العمالة المؤقتة وارتفعت الاجور بمبلغ 4.7 مليون جنيه على الرغم من عدم قبول عضويات جديدة.

مخالفة جديدة قال مراقب الحسابات انها قد تعرض النادى لعقوبات شديدة.. فقد قامت الادارة بكتابة ملاحق لعقود لاعبى كرة السلة مدرج بها مبالغ يتم منحها للاعبين بخلاف المبالغ المثقة فى عقود اتحاد كرة السلة مثل اللاعب محمد ابراهيم تعاقده بمبلغ 51 ألف جنيه ويتقاضى من خلال ملحق العقد 75 ألف جنيه اخرى بخلاف الإيراد الشهرى، واللاعب مصطفى مشعل قيمة عقده 160 ألف جنيه ويحصل على 323 ألف جنيه اخرى، واللاعب عمرو شريف تعاقده ب 240 ألفاً جنيه ويتقاضى 290 ألفاً اخرى، واللاعب شريف طلعت جنيدى تعاقده ب540 ألف ويتقاضى 914 ألف جنيه من خلال ملحق التعاقد، واللاعب رامى طلعت جنيدى تعاقده ب540 ألف جنيه ويتقاضى 914 ألف جنيه اخرى.

مراقب الحسابات خلال هذا العام لم يتمكن من التحقق من إيرادات الاشتراكات.. ورصد قائمة طويلة من قرارات مجلس الادارة وصفها بأنها قرارات متضاربة وتؤثر على ادارة شئون النادى وتصريف اموره.

اجور العاملين ارتفعت إلى 48.7 مليون خلال 2011 مقارنة ب 27.6 مليون جنيه قيمة الاشتراكات الجديدة، وطالب مراقب الحسابات مجددا بإعادة النظر فى سياسة التعيين.. واستمرت خسائر المطاعم لتصل إلى 1.2 مليون جنيه.. ووصل عجز الانشطة الرياضية إلى 26 مليون جنيه.

لم تنخفض ايضا خلال نفس العام ارقام الخسائر الناتجة عن اهدار اموال النادى ومخالفة القوانين وسوء الادارة، نجحت الادارة فى اضافة 80 مليوناً اخرى إلى قائمة الخسائر للعام الثانى على التوالى.

فى تقرير عام 2012 الصادر فى 30 يونيو لم تختف مظاهر اهدار الاموال وتخبط القرارات وتجاوز القانون، ورصدت التقرير مخالفات تقليدية تعودت عليها الادارة مثل مخالفات تسوية العهد، وتحميل النادى 170 ألف جنيه فى التعاقد مع لاعب السلة الاجنبى الاسكندر ماكين والاستغناء عن اللاعب دون مقابل، ومخالفات اخرى فى إيجارات منافذ البيع بالنادى، واستمرار المخالفات فى مشروع البنية الاساسية للحاسب الآلى، واستمرار عدم تمكن مراقب الحسابات من التحقق من ايرادات الاشتراكات.

وارتفعت الاجور والرواتب والبدلات والمكافآت إلى 58 مليون جنيه مقارنة بقيمة اشتراكات الاعضاء التى لم تتجاوز 31 مليون جنيه.

ورصد التقرير الاخير قيمة خسائر مطاعم النادى منذ عام 2006 ووصلت إلى 10 ملايين جنيه، ووصلت إلى 2.8 مليون جنيه خلال العام الاخير وهى اكبر خسارة يحققها هذا القطاع فى عام واحد.. واستمر ايضا العجز فى انشطة الالعاب الرياضية ليصل إلى 27 مليون جنيه فى حين بلغت المصروفات العمومية والادارية 27 مليون جنيه اخرى. وتكررت نفس الملاحظات على اعداد العاملين ورواتبهم ومدى الحاجة اليهم والتعيينات الجديدة وتضارب الاختصاصات بينهم..

فى النهاية لا تقل الاموال التى تم اهدارها فى مخالفات واضحة للقانون خلال تلك السنوات عن 250 مليون.