الإعلان المرئي وصناعة المحتوى.. ورشة عمل بجامعة بنها الأهلية    قبل انتهاء مدة البرلمان بشهرين.. مرفت عبد النعيم تؤدي اليمين الدستورية خلفًا للنائبة رقية الهلالي    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي في القليوبية 2025    النواب يستجيب للأزهر بشأن إصدار لائحة قانون تنظيم إصدار الفتوى    إزالة 27 حالة تعد بالبناء على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالبحيرة    محافظ الشرقية يتابع تنفيذ مشروعات الإبراهيمية الخدمية والتنموية    نائب محافظ قنا يتفقد المركز التكنولوجي ويشدد على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين    أوكرانيا تعلن عن استعدادها للتفاوض مباشرة مع روسيا    وزير الخارجية الإسرائيلي: حرب غزة مستمرة للأبد إذا بقيت المساعدات بأيدي حماس    وزير الخارجية: مصر تدعم الموقف الإفريقي الموحد بشأن إصلاح مجلس الأمن    قرار جديد في ملف صفقات الأهلي المونديالية    على طريقة مرموش.. تفاصيل عرض احتراف مصطفى شوبير    مصرع مُسنة إثر سقوطها من الطابق الثالث في قنا    الأرصاد الجوية : درجة الحرارة " فى الظل " وصلت 40 درجة مئوية الساعة الواحدة ظهرا على القاهرة الكبرى    نشط مخك وتجنب 14 خطأ.. روشتة تربوية للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة 2025    بينهم سيدة.. القبض على عصابة الزواج المزيفة بالقاهرة    أكتب كي لا أقتل    انطلاق النسخة الثالثة من ملتقى «التمكين بالفن» بالمتحف المصري الكبير الجمعة المقبلة    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم    صحة الدقهلية: إجراء 4800 عملية خلال شهر وإدخال خدمات جراحية جديدة ب8 مستشفيات    سيتى كلوب تضع اللمسات النهائية لإقامة مباراة مصر وغانا بأمم أفريقيا للشباب باستاد السويس    ارتفاع أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 14.2% على أساس سنوي خلال إبريل الماضي.. و4.1% على أساس شهري    البورصة تعلن عن انتهاء الخلل التقني بنظام تداول حقوق الاكتتاب    الخارجية الهندية: معاهدة تقاسم مياه نهر السند لا تزال معلقة    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    محافظ بنى سويف يكرّم الشاب عبد الله محمد لطفى لإنقاذه مواطنًا من الغرق    انهيار بئر بأحد مزارع المنيا على شخص جارى استخراجه    الجريدة الرسمية تنشر قرار نزع ملكيه أراضى بقنا لتطوير 5 مزلقانات    سنابل الذهب.. توريد 108 آلاف طن قمح محلى إلى شون وصوامع البحيرة    رئيسة بالميراس: مستعدون لمواجهة ميسي في كأس العالم للأندية.. ولن نذهب إلى النزهة بأمريكا    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    تكريم مازن الغرباوي بمهرجان المعهد العالي للفنون المسرحية    لا يهم فهم الآخرين.. المهم أن تعرف نفسك    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟ .. الأزهر للفتوى يجيب    ممدوح عباس يعلن.. وصول توني بيوليس للقاهرة لدارسة إمكانية التعاون مع الزمالك    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    «حماة الوطن» بسوهاج يفتتح 9 وحدات حزبية جديدة بقرى ومراكز المحافظة    رئيس الوزراء يشارك في احتفالية "تكافل وكرامة" ويكرم عددا من شركاء النجاح.. صور    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    النيابة تصرح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب سوء معاملة أسرته في أبو النمرس    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    لرغبتها في استمراره في أوربا .. زوجة كوتيسا تعرقل صفقة انضمامه للزمالك    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    «جوتيريش» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    تامر عاشور يلتقي جمهوره في حفل غنائي بدبي 16 مايو    كندا وجرينلاند ضمن قائمة أهدافه.. سر ولع ترامب بتغيير خريطة العالم    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    ماذا قال دونالد ترامب عن إعادة ضبط العلاقات مع الصين؟    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    قمصان: زيزو سيكون إضافة كبيرة للأهلي.. الساعي قصر وهذه حقيقة خلاف كولر وأفشة    بالنسبة لهم أكثر من مجرد أكلة.. 5 أبراج تتمتع بمهارات طبخ ممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اراء علماء الدين فى إثبات النسب أو نفيه بال DNA
نشر في الفجر يوم 31 - 08 - 2014

اذا لجاء احد الازواج للتأكد من نسب اولادة لة عند طريق تحليل ال DNA فما هي آراء علماء الدين في هذه القضية؟

أجاب الدكتور على جمعة: «من المقرر شرعًا أنه إذا صدر الإقرار من الزوج، بنسب الطفل إليه مستوفيًا لشرائطه، فإنه لا يتحمل النفي ولا ينفك بحال، سواء أكان المقر صادقًا في الواقع أو كاذبًا، وبالتالي فإن نفي النسب بعد الإقرار لا يكون معتبرًا، واطلاع الزوج على سوء سلوك زوجته الذي كان خافيًا عليه، لا يمكنه من نفي النسب الثابت من قبل».

وأضاف: «الاعتماد على «تحليل البصمة الوراثية» المعروف باسم «D. N. A» في نفي النسب لا يجوز شرعًا، لأن التحاليل يعتريها الخطأ البشري المحتمل، وحتى لو دلت البصمة الوراثية في نفسها على نفي النسب أو إثباته يقينًا، فإن ذلك اليقين نفسه يقع الظن في طريقة إثباته، مما يجعل تقرير البصمة الوراثية غير قادر على نفي النسب. أما إثبات النسب بهذه البصمة فلا يكون إلا في عقد صحيح لا يتم اللعان فيه بين الزوجين، فإن تم اللعان فإنه أقوى من البصمة الوراثية. وعليه فإن التحليل المنوه عنه في السؤال لا يثبت به نفي الولد ولا زنى المرأة».

وأوضح جمعة أنه يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية:

التنازع على مجهول النسب، بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء، سواء أكان على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة، أو تساويها، أو كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.
الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
ضياع الأطفال واختلاطهم بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لا يمكن التعرف على هوياتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين.
ورداً على السؤال عن المدة التي يجوز للرجل نفي الولد خلالها، قال الدكتور علي جمعة: «إذا ثبت نسب الولد لا يمكن نفيه، وإثبات نسبه يكون بقبول التهنئة بولده، وكذلك السكوت على النفي وقت الولادة، أي الوقت الذي يمكنه فيه النفي ولم ينفه، وكذلك إثبات مولده في شهادات الميلاد والسجلات الحكومية. وقال ابن قدامة في المغني: «وإذا ولدت امرأته ولدًا فسكت عن نفيه؛ مع إمكانه؛ لزمه نسبه، ولم يكن له نفيه بعد ذلك» وبهذا قال الشافعي، في حين قال أبو حنيفة: «له تأخير نفيه يومًا ويومين استحسانًا، لأن النفي عقيب الولادة يشق فقدر باليومين لقلته»، أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، فهو عامٌّ خرج منه ما اتفقنا عليه من أقوال الفقهاء، فما عداه يبقى على عموم الحديث».

استقرار الأسرة

تؤكد الدكتورة فايزة خاطر، رئيسة قسم العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية في الزقازيق جامعة الأزهر، أن الإسلام عمل على استقرار الأسرة عن طريق غرس الثقة بين أفرادها، وخاصة بين الزوجين اللذين جعل الله علاقتهما بالزواج آيةً من آياته، فقال تعالى: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم.
وأشارت إلى أن الشك بين الناس بوجه عام، والشك الزوجي بوجه خاص، من الشيطان الذي يعمل على إثارة كل ما من شأنه نشر العداوة والبغضاء، فقال تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» آية 91 سورة المائدة. ولا شك أن تقوية الشك في نفوس الأزواج، وخاصة فيما يتعلق بالأنساب، من أخطر أسباب العداوة والبغضاء التي يريدها الشيطان بين الأزواج والزوجات.
وأنهت الدكتورة فايزة كلامها بتأييدها ما ذهب إليه مفتي مصر السابق، من أنه لا يجوز شرعاً اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية عند الشك في الزوجة، لأن هذا يفتح باب الجحيم، والقاعدة الشرعية هي «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».

حماية الأعراض

يرى الدكتور أحمد حسين، وكيل كلية الدعوة الإسلامية في جامعة الأزهر، أن المحافظة على الأنساب مقصد رئيسي من مقاصد الشريعة الخمسة، وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وبالتالي فإنه حمى الأنساب من كل شائبة تشوبها من خلال الشك القاتل للمشاعر الزوجية النبيلة، فيحولها إلى نار حارقة قد تصل إلى القتل.
وأوضح أن الإسلام طالب بالتثبت واليقين في كل الأخبار حتى لا نضر بالآخرين، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» آية 6 سورة الحجرات. إذا كان هذا في الأخبار العامة فما بالنا إذا كان الأمر متعلقاً بالأنساب، التي هي من أسمى العلاقات الإنسانية بين البشر.

وأنهى الدكتور أحمد حسين كلامه بضرورة غرس الثقة بين الزوجين، وعدم ترك المجال للشكوك والظنون، وذلك بأن يحسن كل من الزوجين اختيار بعضهما منذ البداية على أساس الدين، حيث قدم الرسول، صلى الله عليه وسلم، النصح لأهل المرأة إذا تقدم إليهم من يريد خطبتها والزواج منها، فقال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». ونفس النصيحة قدمها الرسول، صلى الله عليه وسلم، للمقبلين على الزواج، فقال للرجال: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ، لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».

محاربة الشكوك

حذر الدكتور عبد الحي عزب، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية في بني سويف جامعة الأزهر، من سوء الظن باعتباره من حسن الفطن كما يردد العامة، لأن المنظور الإسلامي أن حسن الظن هو الذي من حسن الفطن، ولا شك أن سوء الظن يؤدي إلى الشك بكل أنواعه، وأخطره الشك في النسب، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» الآية 6 سورة الحجرات.

وأضاف: «لا يجوز شرعاً اللجوء لتحاليل البصمة الوراثية لنفي النسب، لأنه عمل بشري ظني ونسبة صحته لا تصل إلى درجة اليقين التام، الذي ليس فيه أدنى شك، وكذلك عموم قول النبي، صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، وذلك حفاظاً على الأعراض من الطعن وتشويه السمعة، مما قد يؤدي إلى الاقتتال بين العائلات التي تحافظ علي سمعتها، وكذلك الحفاظ على الأولاد من أن يضيع مستقبلهم أو تشوه سمعتهم».
وهاجم مطالبة البعض بالتنازل عن النصوص الدينية من أجل محاكاة الغرب المتقدم علمياً، بإباحة تحاليل البصمة الوراثية لإثبات أو نفي النسب، لأن هذا ما يخالف القاعدة الشرعية التي أرساها الإسلام في قوله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا» آية 36 سورة الأحزاب.

الحل

كشفت الدكتورة عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في القاهرة جامعة الأزهر، أن الوسيلة الشرعية الوحيدة لقطع الشك باليقين عند الشك في الزوجة هو ما يعرف شرعاً ب«اللعان»، وهو كلمات معلومة جعلها الله حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفي ولد، وقد سمي لعاناً لاشتماله على كلمة «اللعن»، ولأن كلاً من الزوجين المتلاعنين يحرم استمرار علاقتهما الزوجية أبداً، وكيفيته حددها الله في قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ» الآيات 6-9 سورة النور. ويلاحظ تكرار كلمات الشهادة لتأكيد الأمر، ولأنها أقيمت من الزوج مقام أربعة شهود من غيره ليقام عليها الحد، وأما الكلمة الخامسة فمؤكدة للأربع، ومما يحلف عليه الزوج أن يقول: «إن هذا الولد من زنى وليس هو مني» لينتفي عنه. أما لعان المرأة أن تقول أربعاً: «أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى»، وتقول في الخامسة بأن عليها غضب الله إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنى، ويجب عدم التسرع في اللجوء إلى اللعان لأنه يعني إنهاء العلاقة الزوجية بلا رجعة.

وعن مشروعية اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية لتحديد أو نفي النسب، قالت الدكتورة عفاف: «مع احترامي لنتائج تلك التحاليل عالية الجودة، إلا أن «ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب»، وخاصةً أنه لا يوجد تحليل علي وجه الأرض إلا وفيه نسبة خطأ، حتى ولو كانت ضعيفة جداً، فضلاً عن إمكان تلاعب القائم بالتحليل في نتائجه بسبب انعدام الضمير أو الرشوة وخلافه، لهذا فإنه لا يجوز شرعاً وعقلاً جعل النسب، سواء في حالة النفي أو الإثبات، مرتبطاً بتلك التحاليل مهما كانت دقتها».

باب للفتنة والفساد

تشير الدكتورة مهجة غالب، عميدة كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، إلى أن النفس البشرية ضعيفة، ووصفها الله بأنها أمَّارة بالسوء، فقال تعالى: «… إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ» آية 53 سورة يوسف. وبالتالي إذا فتحنا الباب لإباحة تحاليل البصمة الوراثية فإنه، من باب الفضول، سيتم اللجوء إلى إجراء تحاليل البصمة الوراثية، فما بالنا إذا كانت هناك خلافات زوجية أو وقوع الطلاق، فإن الزوج سيحاول المكيدة والفضيحة لزوجته أو مطلقته، وفي هذا ضرر كبير للزوجة، وبالتالي أولادها يكونون عرضة لنفي نسبهم ولو بالتزوير والتآمر بين الزوج والقائمين على إجراء التحاليل، مما يجعل الأعراض والأنساب تحت رحمة التحاليل، وهذا ما لا يرتضيه الشرع الذي جعل نسب الأولاد للزوج تلقائياً، طالما كانت العلاقة الزوجية قائمة.
وأوضحت أن الإضرار بأي إنسان بريء أمر مرفوض شرعاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار». فما بالنا إذا كان هذا الإنسان هو الزوجة التي جمع الله بينهما وبين زوجها برابطة وصفها الله بالميثاق الغليظ، فقال تعالى: «… وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثاقا غَلِيظاً» آية 21 سورة النساء.

وأنهت الدكتورة مهجة كلامها بالتحذير من التقليد الأعمى للغرب في تلك القضية، حيث يبيح القانون في الخارج للأزواج اللجوء لتحاليل «البصمة الوراثية» لإثبات أو نفي النسب أو التأكد منه، وإذا فكر أصحاب القرار في مجتمعاتنا العربية والإسلامية في ذلك تقليداً للغرب، فإنهم يكونون قد ارتكبوا إثماً عظيماً لأنهم اعتدوا على الشرع، لهذا نحذرهم بقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ، وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ عَلَيْهَا، غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنِ اسْتَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَمِثْلُ وِزْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَيْهَا، غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا».

جائز للضرورة القصوى

على الجانب الآخر، يشير الدكتور منير جمعة، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى أنه لا يفضل اللجوء إلى تحاليل البصمة الوراثية إلا في الحالات النادرة جداً وبأمر القاضي الذي يريد الفصل في قضية التشكيك في النسب، كأن يكون الزوج عقيماً وفوجئ بأن زوجته تنجب، فمن حقه هنا إقامة دعوى قضائية لنفي النسب. وهنا على القاضي اتخاذ الوسائل التي من خلالها يمكن الحكم في القضية، وذلك باللجوء إلى التحاليل الدقيقة، وهو هنا لم يأت ببدعة وإنما استخدم نصاً شرعياً هو الاستعانة بأهل الاختصاص، حيث أمرنا الشرع بذلك في قوله تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» آية 43 سورة النحل. وإذا فرَّط الطبيب في أمانته أو تآمر مع الزوج فإنهما يكونان آثمين إثماً عظيماً من الناحية الشرعية، لأنهما خانا الأمانة ويجب ردعهما بالقانون الصارم، لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

وأوضح الدكتور منير أنه لا يجوز التوسع في اللجوء لتحاليل البصمة الوراثية بعيداً عن القضاء وفي الحالات الاستثنائية، حتى لا نبيح نشر الفتن والفساد في المجتمع، ونقضي علي الاستقرار الأسري، لأننا خالفنا القاعدة الشرعية التي تنطلق من قوله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة» آية 195 سورة البقرة.
وحذر من اتباع أهواء النفس الأمَّارة بالسوء، من خلال الشكوك أو الظنون التي لو تم فتح الباب لها فإنها ستؤدي للفتنة والفساد بلا حدود، ولهذا يجب أن يثق كل من الزوجين في بعضهما، وليعلم الزوج الشكاك أن الله هو وحده من يعلم السر وما يخفى، لأنه سبحانه وتعالى القائل: «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ» الآية 19 سورة غافر.

وأنهى جمعة كلامه بتحذير الأزواج من الأخذ بالشبهات في التعامل مع زوجاتهم أو ثمرة الزواج من الأولاد، وذلك لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب». وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.