ثمن سياسيون مصريون وعلماء دين دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قادة وعلماء الأمة الإسلامية لمواجهة التطرف والإرهاب، مؤكدين أن الأمة العربية والإسلامية محاطة بعدة مخاطر تحتم ضرورة أن تتكاتف دول المنطقة لصياغة استراتيجية فعالة لمقاومة هذه المخاطر، وتفعيل مبادرة إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب. ووجه الملك عبد الله كلمة مسجلة مطلع أغسطس (آب) الحالي، للأمتين الإسلامية والعربية والمجتمع الدولي، دعا فيها «قادة وعلماء الأمة الإسلامية لأداء واجبهم والوقوف في وجه من يحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف والكراهية والإرهاب».
وقال مصطفى الفقي، المفكر السياسي المصري والبرلماني السابق، إن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قادة وعلماء الأمة الإسلامية لمواجهة التطرف والإرهاب، تعد دعوة عظيمة، جاءت في وقت تمر فيه الأمة العربية والإسلامية بمخاطر كبيرة تحيط بها من كل اتجاه، خاصة مع انتشار التنظيمات المبهمة والغامضة مثل تنظيم داعش الإرهابي، والاستخدام السيئ للدين الإسلامي الحنيف.
وأوضح الفقي ل«الشرق الأوسط» أن «كل هذه الأمور دعت الملك عبد الله، وهو شخص عروبي قومي مسلم، من أعظم ملوك العائلة السعودية أجمع، إلى استنفار الأمة لمواجهة الإرهاب»، مؤكدا أن الدعوة في مكانها تماما وتلقى صدى خاصة في مصر، التي تعد من أكثر دول المنطقة معاناة من الإرهاب.
وفي السياق ذاته، شدد السفير السيد أمين شلبي، الرئيس التنفيذي لمجلس الشؤون الخارجية في مصر، على أن «دعوة الملك عبد الله جاءت في توقيت يتعرض فيه العالم العربي إلى أخطر موجة من موجات الإرهاب التي وصلت إلى إمكانية تهديد كيانات الدول ذاتها، ومنها ظاهرة ما يسمى بتنظيم داعش، الذي هو أخطر ما تتعرض له المنطقة في ذلك الوقت، نظرا للتقدم السريع الذي يحققه في العراق، ولعل هذا ينبئ بأن المنطقة بأسرها تتعرض لأكبر موجة إرهاب».
ونوه شلبي في تصريحاته ل«الشرق الأوسط» بأن «هذا الوضع الخطير يحتم على الدول والقوى العربية المسؤولة في المنطقة أن تتكاتف، وأن تصوغ استراتيجية فعالة لمقاومة هذه المخاطر»، مؤكدا أن «هذا هو الوقت الحقيقي لتفعيل والاستجابة لمبادرة الملك عبد الله التي صدرت عنه إدراكا لخطورة تطور هذه الظاهرة».
ووجه شلبي نداء لكل الدول العربية في المنطقة بأن تنظم نفسها لمواجهة هذا الخطر، مشيرا إلى أنه «لا بأس إطلاقا من التعاون مع القوى الدولية التي ليست لها أهداف أخرى، وتجمعها مع الدول العربية مخاوف من الإرهاب». لكنه أضاف أن «المسؤولية الأولى والأساسية تبقى على الدول العربية المحورية في المنطقة ومنها السعودية ومصر.. وضرورة تشكيل جبهة موحدة باعتبار أن العمل المنفرد لا يكفي».
من جانبه، ناشد الدكتور أسامة الأزهري، المشرف العام على مكتب «رسالة الأزهر الشريف»، بتفعيل دعوة خادم الحرمين الشريفين لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، مؤكدا أنها «جاءت في وقت حساس ودقيق، حيث تتصاعد الدعوات التكفيرية بصورة غير مسبوقة، وتجد رواجا وانتشارا في أوساط كثيرة، مع تبنيها لأفكار وتطبيقات في غاية العدوانية، وارتكاب المجازر البشعة، المغرقة في سفك الدماء وقطع الرقاب والتباهي بذلك، خصوصا في ما يسمى ب(داعش)، ثم الأخطر من ذلك كله، وهو أنهم ينسبون هذه المآسي إلى الإسلام والخلافة الإسلامية».
وأشار الأزهري في تصريحات خاصة ل«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا الواقع الخطير يوجب على المؤسسات الإسلامية الكبرى، وعلى العلماء الغيورين على الشرع الشريف في مختلف الدول، أن تتضافر جهودهم لتفكيك هذا الفكر التكفيري، وبيان الخطأ الفادح في ما يستندون إليه من أفكار وشبهات، وقراءات مغلوطة وسقيمة لنصوص الشرع الشريف، تحول دين الله الذي هو علوم وهداية وحضارة وآداب وحضارة، ورحمة وراحة في الدنيا والآخرة، تحوله في أعين الناس إلى شقاء وقبح وسفك دماء».
ونوه الأزهري بأن «الدعوة لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تأتي معبرة عن بادرة عمل مؤسسي رصين، ينهض بتبديد هذه الظلمات المتكاثفة، وأن الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية وغيرهما من المؤسسات الكبرى أصدرت بيانات التبني والدعم لهذا المركز، مما يبشر بأن نرى قريبا بإذن الله جهودا ضخمة على المستوى العلمي والدعوي والإعلامي، لإظهار فساد تلك التيارات التكفيرية».
كما ثمنت الدكتورة مهجة غالب، عميدة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، دعوة الملك عبد الله لاستنفار الدول العربية والإسلامية لمواجهة الجماعات التكفيرية الشاذة، والتي تدعي أنها تتحدث باسم الإسلام، مؤكدة ل«الشرق الأوسط» أن «الدين الإسلامي لا يعرف هذا التقسيم من جماعات وفرق، وأن الإسلام هو دين وسطي ينبذ العنف أو استخدام السلاح أو الاعتداء على أي أحد، فما بالك بمن يستخدمونه ضد شعوب إسلامية منهم؟».
وأشارت غالب إلى أن «هذا التقسيم غرضه تفريق الأمة العربية الإسلامية»، وأنه «لا بد من مواجهته عبر توحيد جهود التوعية الدينية خاصة التربوية والتعليمية لنشر الفكر الوسطي والاعتدال الذي تنص عليه الشريعة الإسلامية».