لم يفاجئنى محمد أمين راضى بالمستوى الراقى للحلقات الأولى من مسلسله الجديد الوصايا السبع، فالمؤلف الذى يكون أول أعماله نيران صديقة من السهل أن تراهن عليه فى عمله الثانى، خصوصاً وإن كان من نوعية محمد أمين راضى الذى أحرص على كتابة اسمه ثلاثيا لأنه يغضب من اختصار اسمه، بداية مسلسل السبع وصايا كانت صادمة للجمهور، وبحرفية شديدة ألقى مؤلف العمل قنبلته فى وجه المشاهدين عندما فاجأ الجميع فى حلقة المسلسل الأولى بمشاهد سريعة ودقيقة للأبناء وهم يخططون لقتل والدهم، وأنهى الحلقة باختفاء جثة الوالد، ليضع المشاهدين فى حيرة منذ الحلقة الأولى للمسلسل، ليبدأ بعدها سرد وصاياه خلال الحلقات الجديدة من المسلسل ليتمكن الأبناء من تخليص أنفسهم من لعنة قتل الوالد حتى ولو بصمتهم على ما حدث، راضى من جيل المؤلفين الجدد الذين غزوا الدراما التليفزيونية، واستطاعوا ترك بصمة واضحة بموهبته وأفكاره الجريئة وطرحه لأفكار بعيدة تماماً عن الأفكار النمطية والمكررة للدراما والتى كانت سبباً فى تراجع مستواها لسنوات طويلة، ولكن للحقيقة يبدو محمد أمين راضى مميزاً بين أبناء جيله بالكامل، فهو يحمل تركيبة جديدة لم يتعود عليها السوق الدرامى، وربما من حسن حظه أن يتعاون فى عمله الأول والثانى مع مخرج بإمكانيات خالد مرعى، الذى يتعامل مع كل حلقة من المسلسل باعتبارها فيلماً سينمائياً منفصلاً، بالطبع ورق أمين ساعده على الإبداع سواء فى الكادرات أو خلال عملية المونتاج، ولكن فى النهاية يبقى المخرج هو المسئول الأول عن نجاح أو فشل العمل لأن جميع خيوط المسلسل بين يديه، من ورق للمؤلف وأداء للممثلين ومونتاج وموسيقى تصويرية، وهى العناصر التى تبدو وكأنها وصلت لمرحلة الكمال فى مسلسل السبع وصايا بداية من الاختيار الموفق للممثلين وبالطبع فى مقدمتهم صبرى فواز المبدع ورانيا يوسف المغامرة وهنا شيحا الجريئة وناهد السباعى الموهوبة وهيثم أحمد زكى المتطور ومحمد شاهين النجم الذى ينتظره مستقبل كبير خلال السنوات القادمة، وآيتن عامر المتمردة التى سيضعها العمل فى منطقة تتناسب مع موهبتها الحقيقية التى تقتلها بقبولها لبعض الأدوار الركيكة، وجاءت موسيقى هشام نزيه التى وضعها لأشعار محيى الدين ابن عربى المعروفة باسم الفراديس أكثر من رائعة، وأضافت للعمل بعداً روحانياً يتناسب مع الدراما التى شكلها الثنائى خالد مرعى ومحمد أمين راضى، وفى الحقيقة لولا تحمس المنتج طارق الجنينى لمشروع الوصايا السبع، لما خرج هذا العمل للنور، لأن شركات الإنتاج الحالية من المستحيل أن تتحمس لعمل يحمل مواصفات السبع وصايا ومن قبله نيران صديقة، لأنها أعمال مجهدة إنتاجيا، ولكن طارق الجنينى فنان أكثر من كونه منتجاً. فالسبع وصايا سيكون بالتأكيد الجواد الرابح لدراما رمضان هذا العام، ليضع اسم مؤلفه محمد أمين راضى خلال العام القادم بين كبار كتاب الدراما التليفزيونية، ولكن يبقى العمل الثالث لأمين راضى هو الفيصل الحقيقى، لنعرف هل سيشكل أمين راضى مدرسة درامية جديدة تضاف لمدارس أسامة أنور عكاشة ومحسن زايد، أم سيكتفى بما حققه ويسقط فى خانة الغرور التى ابتلعت أسماء كبيرة قبله، أراهن على ذكائه لعبور هذا الفخ.