أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ توليه الحكم، اهتماماً كبيراً بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، وإرساء دعائم حماية حقوقهم وتعزيز بند الإعانات المخصصة للأشخاص المعوقين المسجلين لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، في إحدى صور وملامح مملكة الإنسانية وتعتبر المملكة العربية السعودية، من الدول العربية الرائدة في تطبيق الأساليب التربوية الحديثة لذوي الاحتياجات الخاصة من البنين والبنات في سن المدرسة، حيث تطبق الأساليب والتقنيات الحديثة والتي تركز على مراعاة الفروق الفردية. وقد خطت المملكة خطوات واسعة نحو الانتقال بالأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة من بيئة العزل إلى بيئة المدرسة العادية، والتي أصبحت تستوعب العدد الأكبر من هؤلاء الأفراد ، بعد أن كانت تصد عنهم وتأبى أن تضمهم تحت مظلتها.
واستطاعت ان تهيئ لذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين مراكز لتأهيلهم مهنياً، وتحويلهم من طاقات بشرية معطلة، إلى أفراد منتجين قادرين على التفاعل مع إخوانهم من بقية أفراد المجتمع وذلك بتدريبهم على أي مهنة مناسبة.
وقد أشاد تقرير لهيئة حقوق الإنسان، بجهود المملكة في رعاية المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة بعد صدور نظام رعاية المعوقين بموجب المرسوم الملكي القاضي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء، الخاص بإقرار النظام تتويجاُ لكافة الجهود الرائدة في مجال رعاية المعوقين وتأهيلهم.
وقد تبنت القيادة السياسية عدة مبادرات للمؤسسات التي تعني بشئون ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن أهمها:
اولاً:شبكة "قادرون"
بدأت مسيرة تأسيس شبكة "قادرون"، بجهود حثيثة من عدة شركات كبرى في قطاعات مختلفة بالمملكة العربية السعودية، بهدف لدعم وتوظيف أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير الخدمات التيسيرية المرتبطة بتوظيفهم. وقد قام وزير العمل السعودي، د. عادل فقيه، بتدشين الشبكة، في 9 مارس الماضي، مؤكداً أنها ستكون المرجعية للمنشآت الراغبة في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة. كما شدد على أن وزارة العمل ستستمر خلال المرحلة التأسيسية للشبكة وعلى مدى العام القادم في تقديم الدعم لهذا المشروع الحيوي حتى اكتماله، داعياً جميع الشركات والقطاعات للمساهمة في تقديم الدعم للشبكة لتصبح نموذجاَ يحتذى به لفهم سبل التعاون البنّاء لتوظيف الأشخاص من ذوي الإعاقة.
وثانيا: مبادرة "عمار"
تم تدشين مبادرة "عمار لدعم المبدعين من ذوي القدرات الخاصة"، في 16 يونيو الجاري، تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله- رئيس مجلس إدارة (جمعية الأطفال المعوقين)، بمشاركة عدد من نجوم الفن والثقافة والرياضة وحشد من رجال الإعلام والصحافة السعودية، في مدينة جدة.
ومن المقرر أن تتوّج المبادرة أبرز 10 موهوبين من ذوي الإعاقة على مستوى المملكة وتقديم الدعم الكامل لكل منهم حسب موهبته, وتأتي المبادرة لإعادة رسم ثقافة المجتمع، والتأكيد على أن الإعاقة الحقيقية هي إعاقة فكر لا إعاقة جسد.
وتستهدف مبادرة "عمار" الموهوبين والمبدعين من ذوي الاحتياجات الخاصة في المملكة, حيث تقوم المبادرة بإظهار النماذج المضيئة والمشرقة كعلامة فارقة في المجتمع، وتهدف إلى استخراج المواهب الدفينة والطاقات الكامنة لديهم، حتى تتغير القناعات الاجتماعية الخاطئة، وتُصَحح الصورة السلبية تجاه هذه الفئة من قِبل المجتمع, فالمعاق إنسان طبيعي لا يختلف عن الآخرين سوى في إعاقته العضوية في جسده، وما عدا ذلك فهو قادر على العطاء والتميز والإنتاج في شتى المجالات. وثالثا: مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة
تتمثل رؤية مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة في أن يكون مركزاً متميزاً في مجال أبحاث الإعاقة ذو تأثير عالمياً، ويهدف إلى تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال أبحاث علمية ومتطورة.
ويقوم المركز بدعم وتنسيق وإدارة وتمويل الأنشطة البحثية والأكاديمية التي يراها مفيدة للمجتمع السعودي خاصة ، والإنسانية عامة. فيستهدف المركز أحدث الأبحاث العلمية والعملية ذات التأثير الواسع عن طريق تجميع الموارد العلمية، والتقنية، والبشرية بمنهجية على النطاق المحلي والدولي.
ومن أبرز أنشطة المركز، المؤتمر الدولي للإعاقة والتأهيل، الذي بدأ في عام 2009م، لدعم ومساندة قضية الإعاقة وجهود تطوير منظومة الخدمات المقدمة لفئة المعوقين في المملكة، وأيضاً تأكيداً على أهمية وأولوية النهج العلمي في توجهات الدولة باعتباره رافداً يتناول قضية البحث العلمي في مجال الإعاقة والتأهيل.
ومن المزمع عقد الدورة الرابعة للمؤتمر، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، خلال الفترة من 20 إلى 22 أكتوبر القادم ، بمدينة الرياض، بالتعاون مع العديد من الجهات الرسمية والأكاديمية والبحثية، ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وجمعية الأطفال المعوقين وإشراف كل من وزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم.