تميم بن أوس بن خارجة بن سُود بن جَذيمة بن وداع الدَّاري ، أسلم في السنة التاسعة من الهجرة ، وروى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، كانت له ابنة اسمها رقية. إيمانه : كان من علماء الكتابين ( نصرانياً ) ، وكان يختم في ركعة ، وكان كثير التهجّد ، وقام ليلة بآية حتى أصبح وهي قوله تعالى :( أم حَسِبَ الذين اجترحوا السّيئات ) سورة الجاثية. كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقْطَعه بيت حَبْرون عندما سكن في فلسطين ، وهو أول من أسْرَج السِّراج في المسجد ، وأول من قصّ القصص في عهد عمر. حديث تميم الكبير : نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( الصلاة جامعة ).فخرج المسلمون الى المسجد وصلوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلمّا قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال :( ليلْزَمْ كلُ إنسانٍ مصّلاه ).ثم قال :( أتدرون لِمَ جمعتُكم ؟). قالوا :( الله ورسوله أعلم ).قال :( إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا رهبة ، ولكن جمعتكم لأنّ تميماَ الداري كان رجلاً نصرانياً ، فجاء فبايعَ وأسلمَ ، وحدّثني حديثاً وافقَ الذي كنتُ أحدّثكم عن المسيح الدَّجال. حدّثني أنه ركب في سفينة بحرية ، مع ثلاثين رجلاً من لخم وجُذام ، فلعب بهم الموجُ شهراً في البحر ، ثم ارْفَؤوا إلى جزيرةٍ في البحر ، حتى مغرب الشمس ، فجلسوا في أقْرُب السفينة -أي في السفن الصغيرة تكون مع السفينة الكبيرة- فدخلوا الجزيرة ، فلقيتهم دابّةٌ أهلب -أي غليظة الشعر- كثيرة الشعر ، لا يدرون ما قُبُلُه من دُبُره ، من كثرة الشعر ، فقالوا :( ويلك ما أنتِ ؟!).فقالت :( أنا الجسّاسة ).قالوا :( وما الجسّاسة ؟).قالت :( أيها القوم ! انطلقوا إلى هذا الرجل في الدّير ، فإنه إلى خبركم بالأشواق ).قال : لمّا سمّتْ لنا رجلاً فرِقْنا منها -أي خِفنا منها- أن تكون شيطانة. قال : فانطلقنا سْرَاعاً ، حتى دخلنا الدّير ، فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ رأيناه قطّ خَلْقاً ، وأشدُّهُ وِثاقاً ، مجموعةٌ يداه إلى عُنقه ، ما بين رُكبتيه إلى كعبيه بالحديد ، قلنا :( وَيْلَك ! ما أنت ؟).قال :( قد قَدَرْتُم على خبري ! فأخبروني ما أنتم ؟).قالوا :( نحن أناس من العرب ، ركبنا في سفينة بحريّة ، فصادفنا البحر حين اغتَلم -أي هاج- فلعب بنا الموجُ شهراً ، ثم أرفأنا إلى جزيرتِكَ هذه ، فجلسنا في أقرُبها ، فدخلنا الجزيرة ، فلقِيَتْنا دابّة أهلبُ كثير الشعر ، لا يُدرى ما قُبُلُهُ من دُبِرِه من كثرة شعره ، فقلنا :( ويلك ! ما أنتِ ؟).فقالت :( أنا الجسّاسة ).قلنا :( وما الجسّاسة ؟).قالت :( اعمِدُوا إلى هذا الرجل في الدّير فإنّه إلى خبركم بالأشواق ).فأقبلنا إليك سْرَاعاً ، وفزِعْنا منها ، ولم نأمن أن تكون شيطانة ؟). فقال :( أخبروني عن نخل بَيْسَانَ -قرية بالشام-).قلنا :( عن أيِّ شأنها تَسْتَخْبِر ؟).قال :( هل في العين ماءٌ ؟ وهل يزرع أهلها بماء العين ؟).قلنا له :( نعم ، هي كثيرة الماء ، وأهلها يزرعون من مائها ).قال :( أخبروني عن نبيِّ الأمّيّين ما فَعل ؟).قالوا :( قد خرج من مكة ونزل يثرب ).قال :( أقاتله العرب ؟).قلنا :( نعم ).قال :( كيف صنع بهم ؟).فأخبرناه أنّه قد ظهرَ على من يليه من العرب وأطاعوه ).قال لهم :( قد كان ذلك ؟).قلنا :( نعم ).قال :( أما أنّ ذاك خيرٌ لهم أن يطيقوهُ ، وإني مخبركم عني. إني أنا المسيح ، وإني أوشك أن يُؤذن لي في الخروج ، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدعُ قريةً إلاّ هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة وطيبة فهما محرّمتان عليّ كلتاهما ، كلّما أردت أن أدخل واحدةً أو واحداً منها ، استقبلني مَلَكٌ بيده السيفُ صلْتاً ، يصدُّني عنها ، وإنّ على كلِّ نقبٍ منها ملائكةً يحرسونها ). فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطعَنَ بمخْصرتِهِ في المنبر :( هذه طَيْبَةٌ ! هذه طَيْبَةٌ ! هذه طَيْبَةٌ -يعني المدينة- ، ألا هلْ كنتُ حدّثتكم ذلك ؟).فقال الناس :( نعم ).قال :( فإنّه أعجبني حديثُ تميمٍ أنّه وافق الذي كنت أحدّثكم عنه وعن المدينةومكة : ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن ، لا بل من قِبَلِ المشرق ما هو ، من قِبَلِ المشرق ما هو ، من قِبَلِ المشرق ما هو ).وأوْمَأ بيدِهِ إلى المشرق. فضله : قدِمَ معاوية بن حَرْمَل المدينة ، فلبث في المسجد ثلاثاً لا يُطْعِم ، فأتى عمر فقال :( يا أمير المؤمنين تائبٌ من قبل أن يُقْدَرَ عليه ؟).قال :( من أنت ؟).قال :( أنا معاوية بن حَرْمَل ).قال :( اذهب إلى خير المؤمنين فانزل عليه ).وكان تميم الدّاري إذا صلى ضربَ بيده عن يمينه وعن شماله فأخذ رجلين فذهَبَ بهما ، فصلّى معاوية إلى جنبه ، فضرب يده فأخذ بيده فذهب به ، فأتيا الطعام ، فأكل أكلاً شديداً ما شبع من شدة الجوع. وفاته : انتقل الى الشام بعد قتل عثمان -رضي الله عنه- ونزل بيت المقدس ، ووجِدَ على قبره أنه مات سنة (40 للهجرة ).وقبره في بيت جِبْرون ( حَبرون ) في فلسطين.