أوصت علماء الطاقة النووية في مصر بضرورة الإستفادة من البنية التحتية في المجالات النووية المختلفة والتي استغرق إنشاؤها أكثر من 50 عاما، مشيرين إلى أن ذلك يستلزم إعادة هيكلة الهيئات النووية المختلفة ضمن إطار موحد تحت القيادة السياسية الأعلى بالدولة. وشدد العلماء على أهمية سرعة إتخاذ القرار لتنفيذ المشروع النووي المصري بكامل مكوناته - بما في ذلك توليد الكهرباء نوويا - دعما لخطة التنمية الاجتماعية والتكنولوجية للدولة، واعتباره مشروعا قوميا ذو أولوية قصوى.
جاء ذلك في البيان الذي وزعته اليوم الجمعية المصرية للفيزياء النووية عن ندوتها السنوية بعنوان "الطاقة النووية في عالم متغير" التي نظمتها الأربعاء الماضي بدار الضيافة بجامعة عين شمس بالقاهرة.
كما أوصت الجمعية في بيانها بإيلاء اهتمام خاص لتوطين التكنولوجيا النووية، مشيرة إلى أنه نظرا للطبيعة الخاصة للتكنولوجيا النووية فإنه يلزم تنفيذ المشروع النووي من خلال الاتفاقيات الدولية مع الدول المعنية، مع توسيع القاعدة المعرفية المرتبطة بالمشروع النووي المصري على مستوى المراحل التعليمية المختلفة.. والعمل على التوعية الجماهيرية بمسائل الطاقة النووية وإفراد الحيز الإعلامي اللازم لذلك.
كما أوصت الجمعية في ندوتها بإفراد لجنة متخصصة في مجال الطاقة والتكنولوجيا النووية ضمن لجان المجالس القومية المتخصصة، مع ارسال التوصيات إلى السيد رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى الجهات المعنية الأخرى.. وتشكيل مجموعة عمل لمتابعة ما انتهت إليه الندوة، ولترتيب دراسات وندوات حول ما يستجد في هذا الموضوع.
حضر الندوة 64 مشاركا من كافة التخصصات العلمية المهتمة بموضوع الندوة من الجامعات وهيئات ومراكز البحوث وعلى وجه الخصوص هيئة الطاقة الذرية وهيئة الرقابة النووية والاشعاعية وهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، كما شارك في الندوة مهتمون ومتخصصون من القطاع الخاص ووسائل الإعلام الجماهيري.
وقد اتسمت الندوة بمستوى عال من النقاش يتناسب مع الدراسات المتعمقة والمتنوعة التي قدمها 11 من المتخصصين، وشملت موضوعاتها رؤية مستقبلية للطاقة النووية، وملامح الأمان في المفاعلات النووية المتقدمة، والبرنامج النووي المصري لتوليد الكهرباء، والبرامج النووية العربية، والطاقة النووية.. الآفاق والتحديات ، وأجيال مفاعلات القدرة النووية، ودور الرقابة النووية في مصر، وامكانيات توليد الطاقة، وأهمية التفكير العلمي، والمحطات النووية حاضرا ومستقبلا، ونحو حزمة متوازنة للطاقة في مصر.
وأوضح البيان أن أهمية الندوة ترجع إلى كون الطاقة دافعا رئيسيا للتقدم الاقتصادي والاجتماعي المعاصر، مشيرا إلى أن تواصل النمو السكاني العالمي أدى إلى ازدياد الحاجة إلى مزيد من الطاقة للحفاظ على المستوى الحالي للمعيشة، فضلا عن تحسينه.
ولفت إلى أن الاحتياج العالمي للطاقة ينمو بدخول الدول النامية مراحل النمو الصناعي والخدمي، مشيرا إلى أن تحسن المعايير المعيشية للإنسان وزيادة العمر يرتبطان بمتوسط استهلاك الفرد للطاقة.
وأوضح أن العالم اتجه نحو مزيد من الاعتماد على المصادر البديلة بما فيها الطاقة النووية والتي تعتبر مكونا رئيسيا لتوليد الكهرباء في ضوء الاستنزاف المتزايد لمصادر الوقود الأحفوري والاعتبارات البيئية المصاحبة له، حيث بلغ عدد الوحدات النووية على مستوى العالم 436 وحدة تمثل حوالي 16 في المائة من القدرة الكهربائية المركبة.. وفي مصر - كدولة سريعة النمو السكاني، وفي ضوء نضوب المصادر الأولية للطاقة بها - يزداد الاحساس بوجود فجوة طاقة تنعكس سلبا على المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية للدولة وتؤثر على رؤية متفائلة للمستقبل.
ولفتت الجمعية في بيانها إلى أنها قامت في إطار تخطيطها لهذه الندوة بالاتصال بكوكبة من العلماء والمتخصصين ودعوتهم إلى تقديم رؤاهم حول الموضوع والموضوعات الأخرى ذات العلاقة، خاصة في الوقت الحاضر الذي يسود العالم فيه الكثير من التطورات العلمية والتكنولوجية والجيوسياسية، وأن ليس هناك مجال للتقاعس حيث قد آن الأوان لتبني سياسات طويلة الأمد تضع مصر على طريق الأمن الطاقوي.