الرئيس السيسي يطمئن على أحد الأئمة الحضور بخطبة عيد الأضحى ويوجه بعلاجه | فيديو    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    قرار تاريخي.. فلسطين عضو مراقب في المنظمة الدولية| أبرز حصاد «العمل»    في لفتة إنسانية.. الأوقاف: الرئيس السيسي وجه بعلاج أحد الأئمة تبين إصابته خلال صلاة عيد الأضحى    الزراعة: استمرار جهود الحفاظ على الرقعة الزراعية وإزالة 20 حالة تعد    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في ثاني أيام عيد الأضحى    تعرف على أسعار الحديد مساء ثاني أيام عيد الأضحى    رئيس مياه سوهاج: تكثيف تفقد مواقع العمل وإصلاح الأعطال خلال العيد    وزارة النقل: الأتوبيس الترددى يعمل طوال أيام العيد فى هذه المواعيد.. صور    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة يوم 18 يونيو    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    «منتدى واشنطن»: انفصال ترامب وماسك سببه صراع خفي على «ناسا» والنفوذ    وزير الخارجية: نحرص على تقديم الدعم لنيجيريا في مكافحة الفكر المتطرف    المستوطنات.. مخطط إسرائيلى لإجهاض حلم الدولة الفلسطينية |تل أبيب.. توافق عام على مشروع «الاستيطان الاستراتيجى»    الحوثي: مستعدون لصفقة تبادل تشمل جميع الأسرى    زلزال جديد في اليونان منذ قليل بقوة 5.2    الأونروا: إسرائيل تحظر نقل الحقيقة من غزة    دمياط تحول مراكز الشباب إلى واحات فرح في عيد الأضحى    ريبيرو يكتب نهاية 3 لاعبين مع الأهلي ويعطي الضوء الأخضر لرحيلهم (تفاصيل)    تفاصيل جلسة اتحاد تنس الطاولة مع مدربي الأندية    رونالدو: أشعر بمودة تجاه ميسي.. شاركنا المسرح معا لمدة 15 عاما    تحرير 193 محضر تمويني وضبط لحوم مذبوحة خارج السلخانة بالمنوفية    إقبال كثيف على حدائق القناطر في ثاني أيام عيد الأضحى    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالاسم ورقم الجلوس    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    اندلاع حريق داخل كنيسة العذراء مريم بالأقصر.. والحماية المدنية تتدخل    شيرين تستعد لإحياء حفل في مهرجان موازين بالمغرب نهاية يونيو    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    سفير مصر الأسبق في إسرائيل: الاحتلال يدمر البنية التحتية لغزة    مها الصغير: رفضت فرصة للتمثيل أمام أحمد زكي.. وأستعد لإقامة معرض فني    رسميًا.. غلق المتحف المصري الكبير في هذا الموعد استعدادًا للافتتاح الرسمي    رئيس جامعة المنوفية: معهد الكبد القومي يخدم أهالي المحافظة والدول العربية    وكيل صحة المنوفية: التزام العاملين خلال العيد يعكس المسؤولية تجاه المرضى    متابعة للمستشفيات ضمن خطة التأمين الطبي بعيد الأضحى بشمال سيناء    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    عميد طب كفر الشيخ يتفقد أداء المستشفيات الجامعية خلال إجازة العيد    د.عصام الروبي يوضح معنى" الكوثر ومن هو الشانئ وما معنى الأبتر"    الزمالك يرفض معاقبة نبيل عماد دونجا بعد أحداث نهائي كأس مصر    لليوم الثانى على التوالى.. تواصل عمليات ذبح أضاحى الأوقاف بإشراف بيطرى متخصص    شهباز شريف: باكستان تسعى دائما إلى الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة    الداخلية ترسم البهجة فى العيد.. رعاية شاملة للأيتام فى مشهد إنسانى مؤثر.. احتفالات وعروض وإنقاذ نهرى.. اشترت ملابس العيد وقدمت الهدايا للأطفال.. وتنفذ برامج المسئولية المجتمعية لتعزيز قيم الانتماء الوطنى.. صور    قاوم اللصوص فطعنه أحدهم.. تفاصيل مقتل موظف أمن في 15 مايو    الصين: تقدم كبير في مباحثات السيارات الكهربائية مع الاتحاد الأوروبي    وزير الري يتابع الموقف المائي خلال إجازة عيد الأضحى    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    أعمال فنية ل حلمي التوني ومقتنيات أخرى نادرة.. محمد سلماوي يستعرض كنوزه الفنية    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهي عن هجر القرآن ووجوب الحكم به
نشر في الفجر يوم 10 - 04 - 2012

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من اتقاه وتوكل عليه جعل له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اتخذ القرآن سبيلاً إلى ربه ومنهجا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أعلامِ الهدى ومصابيح الدجى وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فإن هذا القرآن الذي بين أيدينا يسّره الله لنا، هو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، من تمسك به نجا ومن أعرض عنه هلك، فلا ينجو من عذاب الله ولا يفوز برحمة الله إلا من تمسّك بهذا القرآن العظيم الذي بين أيدينا، يسّره الله وسهّله علينا وأمرنا بالعمل به والتمسك به، فيه الهدى والنور، فيه الشفاء، فيه الرحمة، فيه الهداية قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً* وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}... [الإسراء : 9-10]، هذا هو القرآن، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً}... [الإسراء : 82]، إنه حجة الله علينا، قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}... [الأنعام : 19]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والقرآن حجة لك أو عليك"، فلنرجع إلى كتاب ربنا ولنتأمله ولنتدبره، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}... [ص : 29].
هذا هو كتاب الله فيه السلامة من الفتن، فيه النجاة من النار، فيه السعادة الأبدية، فيه الخير كله، بشير ونذير هدى ونور، يشرح الله به الصدور، وينير به البصائر، فهو كتاب الله كلام الله جل وعلا الذي هو خير الكلام وأصدق الكلام، تنزيل من الله، تكلم الله به ونزّله بواسطة جبريل إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وبلّغه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأمته، وأمته تتناقله جيلاً بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإذا حصلت فتنة أو وقع نزاع بين الناس فإن هذا القرآن يُنهي الخصومات ويُنهي الإشكالات، ويقضي على الفتن، ويوضح الطريق للمؤمنين، به السلامة والنجاة من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، فهو نعمة من الله سبحانه وتعالى، أما الذين يعيشون على القوانين الوضعية والأنظمة البشرية فإنهم في ظلام دامس لا يخرجون من الظلام ولا تنتهي مشاكلهم، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}... [إبراهيم : 1-2].
هذا هو كتاب الله، يحفظه الكبير والصغير يحفظه الرجال والنساء ميسّر، قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}... [القمر:17]، عذب اللفظ لذيذ التلاوة، خفيف على اللسان، نورٌ للقلب، طريق إلى الله سبحانه وتعالى، فأيُّ نعمة أكبر من هذه النعمة، يكفي أنه كلام الله جل وعلا: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}... [فصلت:42]، لا يتطرق إليه شك، ولا تدور حوله شبهة، لأنه كلام رب العالمين سبحانه وتعالى.
ولمّا زعم الكفار أن هذا القرآن من كلام محمد وقالوا هذا من قول محمد وليس هو كلامَ الله تحداهم الله عز وجل بأن يأتوا بمثله إن كانوا صادقين، محمد بشر مثلكم فأتوا بكلامٍ مثل هذا القرآن إذا كان من كلام محمد فإنكم لا تعجزون أن تأتوا بمثله لأنه بشر مثلكم، تحدى الله الجن والإنس أن يأتوا بمثل هذا القرآن، قال تعالى:
{قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}... [الإسراء : 88]، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور كما في سورة هود، قال سبحانه وتعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}... [هود:13]،
ادعوا من تُريدون من البشر من الفصحاء من البلغاء من الشعراء من الجن والإنس ادعوهم يساعدونكم، قال تعالى: {فَإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ}... [هود : 14]، لأن كلام الله لا يمكن أن يُضاهى أبداً، ثم إنه سبحانه تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من أقصر السور، قال تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}... [البقرة : 23-24]، فإن لم تفعلوا هذا خطاب لهم ولن تفعلوا في المستقبل إلى أن تقوم الساعة، {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}... [البقرة : 24]، تحداهم أن يأتوا بسورةٍ واحدة من أقصر السور، خذ مثلاُ سورة العصر التي يحفظها كل أحد، يحفظها الصغير والكبير والذكر والأنثى.
وربما يقول قائل أنا ما أحفظ القرآن ولا أحفظ كثيراً من القرآن نقول تحفظ سورة العصر هذي لا يعجز أحدٌ عن أن يحفظها سطر وبعض سطر سورة كاملة في سطر، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم:
{وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}... [العصر : 1-3]
، أقسم الله سبحانه وتعالى في هذه السورة بالعصر الذي هو الليل والنهار والزمان لأن العصر فيه عبر وعضات وآيات، وأيضاً العصر فيه العمل من خيرٍ أو شر، فالإنسان يعمل في هذا العصر في هذا الدهر في هذا العمر، يعمل إما في الخير وإما في الشر، ولذلك أقسم الله بهذا العصر فقال:
{وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}... [العصر : 1-2]، هذا المقسم عليه {إِنَّ الإِنسَانَ}... [العصر : 2]
أي إنسان سواء كان من الملوك أو من الصعاليك أو من العلماء أو من الجهال أو من الأغنياء أو من الفقراء أو من الذكور أو من الإناث أو من العرب أو من العجم كل إنسان، {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}... [العصر : 2]، أي في خسارة، في خسارة ونقص مع هذا العصر الذي عاشه إلا من اتصف بأربع صفات، من اتصف بأربع صفات نجا من هذه الخسارة، ومن فقدها فهو خاسر، ولو كان يملك الأرصدة الفخمة ولو كان يملك القصور العالية والعمارات، ولو كان يملك القوة والجنود، ولو كان يخترع الطائرات والدبابات والمدمرات، ولو كان ما كان فإنه خاسر وعملُه الذي عمله في هذه الدنيا خسار لا ينفعه عند الله سبحانه وتعالى، إلا من اتصف بأربع صفات:
الصفة الأولى:
الإيمان، آمن بالله سبحانه وتعالى، آمن بالله رباً وإلهاً وملكاً آمن به تمام الإيمان فعبده حق عبادته وترك ما نهاه عنه {ِإلإ الَّذِينَ آمَنُوا}... [العصر : 3]، هذه واحدة.
الصفة الثانية:
عملوا الصالحات عملوا مع الإيمان عملوا الأعمال الصالحة، وتركوا الأعمال المحرمة، عملوا بالطاعات وتجنبوا المحرمات، هذا هو العمل الصالح، وهو الذي يتوفر فيه شرطان: الإخلاص لله فيه، والاتباع للسنة، ليس فيه شرك وليس فيه بدع ومحدثات، هذا هو العمل الصالح، أما إذا كان فيه شرك فهو عمل باطل، وإذا كان فيه بدع فهو عمل باطل، لا يقبله الله سبحانه وتعالى، آمنوا وعملوا الصالحات.
الصفة الثالثة:
ما يكفي أن الإنسان يصلح في نفسه ويتعلم في نفسه لا يكفي هذا، بل عليه أن يدعوا إلى الله، عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بدايةً بأهل بيته ومن حوله يدعوا إلى الله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يعلم الناس الخير، يعلم الجهال، يدعوهم إلى الله، فلا يقتصر على نفسه ويقول أنا ما علي من الناس، لا، عليك من الناس عليك واجب نحو الناس بأن تدعوا إلى سبيل الله إلى طاعة الله عز وجل بحسب استطاعتك أن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر ما يكفي إنك تتجنب المنكر وتعمل بالطاعات في نفسك، لا، لابد أن تنشر الخير على من حولك، قال تعالى:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}... [آل عمران : 110].
الصفة الرابعة:
{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}... [العصر : 3]، لأن الذي يعمل الصالحات ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله يتعب فيحتاج إلى صبر، يصبر على التعب، الذي يدعوا إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يُؤذى من قبل الناس ويهددونه ويتناولونه ويُعيّرونه لكن يصبر يحبس نفسه ويستمر، الذي ليس عنده صبر لا يستطيع أن يستمر على العمل، لا يستطيع أن يدعو إلى الله، لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا يستطيع أن يعلم الناس الخير، يحتاج إلى صبر، يصبر يحمل نفسه يحبس نفسه عن الجزع والصبر هو حبس النفس.
وهو ثلاثة أنواع: صبر عن محارم الله، وصبر على طاعة الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، فيصبر الإنسان على هذه الأمور ويستمر في عمله، ويستمر في طاعة ربه، ويستمر في الدعوة والأمر بالمعروف، والجهاد في سبيل الله، والنهي عن المنكر يصبر على هذا إلى أن يلقى ربه، فالذي ليس عنده صبر ليس عنده دين، الصبر هو رأس الدين فدين بلا صبر كجسم بلا رأس، فلا بد من الصبر والإنسان في هذه الحياة مُعرضٌ للأخطار معرض للتعب معرض للآفات، عليه أن يصبر ويتحمل حتى يلقى ربه سبحانه وتعالى، فهذه سورة عظيمة جمعت الخير كله وهي لا تتجاوز السطر الواحد إلا بكلمات يسيرة، كلٌ يحفظها، لكن هل كلٌ يتدبرها؟ هل كلٌ يعمل بها؟ هذا محل السؤال، ليس المراد الحفظ، ليس المراد كثرة التلاوة، بل المراد التدبر، ومعرفة المعاني، والعمل، العمل بكتاب الله عز وجل هذا هو المطلوب.
لذلك تجد كثيراً من الناس في هذا الوقت قد هجر القرآن، قال تعالى:
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}... [الفرقان : 30]
، والهجر هو الترك، أي تركوا القرآن، تركوا القرآن، ما معنى تركوه؟ يعني لا يقرؤونه، نعم، هذا نوع من الترك، لكن ليس الترك هو عدم القراءة فقط، فالهجر أنواع:
النوع الأول من الهجر:
هجر التلاوة وعدم قراءة القرآن، فكثير من الناس تمر عليه قد يمر عليه سنة ولم يقرأ القرآن، دعك من الأيام والشهور، تمر عليه سنة ما قرأ القرآن وإن قرأ شيء منه فإنه لا يكمله هذا هجر ترك التلاوة هذا هجر.
النوع الثاني من الهجر:
هجر التدبر، بعض الناس يقرأ القرآن ربما يختم الختمات الكثيرة في اليوم والليلة وفي الشهر والأيام يردد القرآن لكن لا يتدبره وإنما هي ألفاظ تجري على لسانه فقط بدون أن يتدبرها وأن يراجع تفسيرها وأن يعرف معناها مع أن هذا واجب عليه.
النوع الثالث من الهجر:
هجر العمل، قد يكون الإنسان يتلو القرآن ويحفظه وربما يحفظه بالقراءات العشر وربما أنه يحفظه ويتدبره ويعرف التفسير لكنه لا يعمل به، يهجر العمل بالقرآن، هجر العمل، والعمل هو الغاية وهو المطلوب، تعلم القرآن وتلاوة القرآن والتدبر هذه وسائل، والغاية والمطلوب هو العمل، فعلى حامل القرآن وكل مسلم يحمل القرآن أو يحمل بعضه عليه أن يتدبر القرآن، عليه أن يتلو القرآن، وأن يعمل به عليه أن يحفظ القرآن ويتلو القرآن وعليه أن يتدبره وعليه أن يعمل به، وإلا فإنه سيكون هاجراً للقرآن بأيّ نوع من أنواع الهجر المذكورة.
النوع الرابع من الهجر:
هجر الحكم بالقرآن، كثيرٌ من الدول التي تدّعي الإسلام لا تحكم بالقرآن وإنما تحكم بالقوانين الوضعية وهي مسلمة تدعي الإسلام، أين هو القرآن من الإسلام؟ فالواجب أن يُتخذ القرآن هو الحكم، فالله جل وعلا أنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فيجب تحكيم القرآن، قال تعالى:
{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ}... [المائدة:48]
، فعلى كل مسلم على حسب مسؤوليته في هذه الحياة أن يعمل بالقرآن حاكماً ومحكوماً، ذكراً وأنثى، عالماً، متعلماً، جاهلاً، كلٌ عليه أن يتعامل مع هذا القرآن ليلاً ونهارا لأنه هو الطريق الصحيح إلى الله سبحانه وتعالى فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو صراط الله المستقيم، هو الحجة، حجة لك أو عليك، هذا هو كتاب الله، هذا هو القرآن، علينا أن نعرف قدره، وأن نعمل به، وعلينا أن نُجله، وأن نُعظّمه وأن نعمل به آناء الليل وآناء النهار، أن نُكثر من تلاوته، نُرطب ألسنتنا بتلاوته، نُنير صدورنا وقلوبنا بالقرآن، نُنور بيوتنا بالقرآن وتلاوة القرآن بدلاً من الأغاني، بدلاً من المحطات والفضائيات والغوغاء والكلام السيئ، يكون تلاوة القرآن يصدح في البيوت منا ومن أولادنا ونسائنا ومن المحطات التي تتلو القرآن نفتح عليها ولا نفتح على الأغاني ونفتح على الفتن ونفتح على الهرج والمرج ونفتح على الشرور التي تموج في الناس هذه أمور تشغل الإنسان وتُشوّش فكره وتُبعده عن القرآن ولا حول ولا قوة إلا بالله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.