مدبولي يُتابع مع وزيري التعليم العالي والمالية عددًا من ملفات التعاون المشترك    مصادر تكشف ل"فيتو": توافق بشأن تشكيل هيئات مكاتب لجان الشيوخ بالتزكية    البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    الإحصاء: 2.7% زيادة في إجمالي المساحة المنزرعة عام 2023 /2024    محافظ القاهرة: تنفيذ خطة لإحياء التراث العمرانى وزيادة الرقعة الخضراء    وزير الاتصالات: 15 علامة تجارية تصنع الهواتف المحمولة في مصر    قرار حكومى باعتبار مشروع إنشاء الطريق الدائرى من أعمال المنفعة العامة    أبرزها دعم مالي لمصر وتمويل مشروعات استثمارية، نتائج القمة المصرية الأوروبية    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات على مواقع لحزب الله    ماذا قدم الهلال والاتحاد في الموسم الحالي قبل كلاسيكو الدوري السعودي؟    فحص طبى ل عدى الدباغ بعد مغادرة التدريب مصابا    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص داخل ترعة بقنا    ضبط صانعة محتوى تستغل مواقع التواصل فى تسهيل جرائم منافية للآداب بالإسكندرية    رابط التسجيل فى قرعة الحج على موقع وزارة الداخلية.. اعرف الخطوات    احتفالية اليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية الدولي تجمع 25 فرقة فنية مصرية وعالمية    أحمد هنو: الثقافة بمفهومها الواسع تؤدي دورًا محوريًا في تشكيل الوعى    المتحف المصرى الكبير.. حلم حضارى عالمى يتحقق بشراكة دولية    الصحة والرياضة.. الداعية مصطفى حسنى يقدم نصائح لطلاب جامعة القاهرة    حسان النعماني: مستشفيات سوهاج الجامعية تشهد طفرة كبيرة في الخدمات المقدمة للجمهور    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى نخل لضمان جودة الخدمات الطبية بشمال سيناء    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    اليوم.. الكنيسة القبطية تستضيف اجتماع لجنة الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي    "مخاطر العنف والتنمر" ندوة توعوية ب"فنون تطبيقية بني سويف"    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    وزير الصناعة: توحيد المواصفات المصرية والصينية خطوة استراتيجية لتعزيز تنافسية المنتج المصري    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    أهمية الزراعة التعاقدية فى تحقيق التنمية المستدامة فى ندوة بزراعة أسيوط    مصرع شخص أسفل عجلات القطار في أسوان    مصرع فتاة سقطت من الطابق الثاني عشر ببرج الرواد في أسيوط    29 أكتوبر الحكم على علياء قمرون فى نشر محتوى وفيديوهات خادشة    وزير العمل يوفر وظيفة لإحدى الفتيات من ذوي الهمم بالأقصر    شراكة وطنية جديدة لتوسيع زراعة القمح ضمن مبادرة «ازرع»    أضرار جسيمة في منشآت الكهرباء والمياه بعد هجوم بطائرة مسيرة في السودان    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    استمرار تدفق المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة    من هو الشيخ صالح الفوزان مفتي السعودية الجديد؟    مستشفى الجراحات الجديد بطنطا ينضم لمنظومة التأمين الصحي الشامل    إجراء جراحة نادرة لإنقاذ حياة مريض فلسطيني مصاب من غزة بجامعة الإسكندرية    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    هل التدليك الطبى حرام وما حكم المساج فى الإسلام؟.. دار الإفتاء توضح    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    الاتحاد الأوروبى: تم حظر استيراد الغاز المسال الروسى    ضبط لحوم غير صالحة وسلع غذائية منتهية الصلاحية بأسيوط    فيلم السادة الأفاضل يحصد 2.2 مليون جنيه في أول أيامه بدور العرض السينمائى    عمر عصر يخضع للتحقيق بالفيديو من ألمانيا بعد خناقة البطولة الأفريقية    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    «التعليم» تكشف مواصفات امتحان اللغة العربية الشهري للمرحلة الابتدائية.. نظام تقييم متكامل    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    ميلود حمدي: فضلت الإسماعيلي رغم الصعوبات.. وأعد الجماهير ببذل كل ما أملك    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاذكروني أذكروكم
نشر في الفجر يوم 20 - 03 - 2014

يمر المرء في حياته بأيام عصاب يجد نفسه فيها في أشد الحاجة إلى الرجوع إلى الله، وعلى الرغم أن ذكر الله في كل حين هو طريق الفلاح والنجاح والرباح إلا أن الإنسان دائم النسيان حتى قال الشاعر:

وما سمي الإنسان إلا لنسيه وما أول ناس إلا أول الناس

فهو يشير أن اشتقاق الإنسان اللغوي من النسيان، وأن أصل كلمة الناس هو أيضاً النسيان على ما في هذا من اختلاف بين أهل اللغة، ويشير مرة أخرى إلى قوله تعالى : {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه :115] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وَنَسِىَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ » . [رواه الترمذي].

ونرى طريق الذكر في القرآن والسنة ومنهج الصالحين طريقاً لازماً مؤكداً، فيه ترويح للنفوس وشحن للهمة ودافع للصالحات ومانع للسيئات وحصن عن اليأس ونور في القلب بما يبني الإنسان ويجدد حياته ويجعله كل يوم في ثوب جديد، ويجعله قادراً على أداء مهمته في الأرض من عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس.

1- أما القرآن الكريم فنرى فيه قوله تعالى : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْوَاشْكُرُوا لِيوَلاَتَكْفُرُونِ} [البقرة :152]، وقوله سبحانه : {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب :35]، وقوله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواوَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال :45]، وقوله سبحانه وتعالى : {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت :45].

2- فهذه الآيات تدعونا إلى دوام ذكر الله في كل حركاتنا وفي كل حين وهذا نجده واضحاً في أمرين:

2- الأول في العبادات فبداياتها ذكر وجوهرها ذكر وختامها ذكر قال تعالى : {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى : 15]، وقال صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ » [رواه مسلم]، وفي الصيام قال تعالى : {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة :185]، وقال سبحانه في شأن الحج : {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة :198] وقال تعالى : {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة :203].

3- الثاني في العادات في السنة الشريفة التي جعلت قبل الطعام بسم الله، وفي نهايته الحمد لله ، وفي أول اللقاء السلام عليكم ورحمة الله، وهو ما يقوله المصلي في نهاية صلاته يستقبل بها العالم والحياة، وفي الانصراف من المنزل بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعند الدخول إلى المساجد اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وعند الخروج اللهم افتح لي أبواب فضلك، وجمع كثير من العلماء أذكار الصباح والمساء في كتب مفردة منهم النووي في كتابه « الأذكار » والشوكاني في « تحفة الذاكرين » وابن الجزري في « الحصن الحصين » وابن تيمية في « الكلم الطيب »، وابن القيم في كتابه « الوابل الصيب »، وغيرهم كثير حتى رصدوا كل حركة من حركات الإنسان ذكراً مخصوصاً له فيها.

3- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيحة عامة : « لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ » . [رواه أحمد والترمذي وابن ماجة]، ومن الواقع المحسوس أن اللسان لا يكون رطبا مع كثرة الذكر بل يجف، ولكن هذا الجفاف المحسوس الملحوظ الذي هو عند الله هو الرطوبة المحمودة وهذا مثيل لقوله صلى الله عليه وسلم : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ » . [متفق عليه] وقوله صلى الله عليه وسلم : « لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ - إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَماً اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» . [أخرجه البخاري].

4- فمعلوم من الواقع أن خلوف الفم وهو رائحته الكريهة مما يحرص الإنسان على إخفائها، وقد يكرهها ويمل منها إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يلفت إلى حقيقة أخرى وراء الحس، وهو قيمة هذا الذي تكرهه عند الله {فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء : 19]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في نفس هذا المعنى : « أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ » . قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ » . [أخرجه مسلم]

فإن الإنسان قد يكره الوضوء في البرد، ولكن مع كراهيته له فإن فيه الثواب العظيم، ويسأل كثير من الناس أنهم يفعلون الطاعة وهم لا يحبونها فهل هذه خطيئة ؟ والإجابة أن هذا محض الإيمان فإن الإنسان إنما يفعلها حينئذ لأنه يطيع ربه مع مخالفة هواه.

5- ومن أجل هذا الحديث كان مشايخنا يأمروا أن لا نشرب عبد الذكر حتى يبقى أثر جفاف الريق باقيا عند الذاكر فيشعر بشيء كبير من البركة، ويكون الفم مع جفاف الريق ما زال رطبا ليس باللغاب أو بالماء بل بذكر الله وأثر ذكر الله، وهذا المعنى وإن لم يرد صراحة في الحديث، وليس تكليفا مباشرا من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن الإمام الشافعي قد لاحظه في حديث الخلوف فقال بكراهية إزالة الخلوف بعد صلاة الظهر حتى يبقى المكلف في معية المسك الرباني إن صح التعبير.

5- أما منهج المسلمين في الذكر فقد أعلوا من شأن ما أسموه بالكلمات العشر المباركات وهي « سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله [وهذه الخمسة أسموها الباقيات الصالحات] استغفر الله، ما شاء الله، حسبنا الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون، توكلت على الله » ثم توجت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب :56]

6- ومن هذه الكلمات العشر ما يذكر بها المؤمن بعد صلاته قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَفَلاَ أُعَلِّمُكُمْ شَيْئاً تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ » . قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ مَرَّةً » .. [متفق عليه].

7- وسمت الكلمات الخمسة بالباقيات الصالحات تفسيراً لقوله تعالى : {المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف : 46]، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ » . قِيلَ وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : « التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » [رواه أحمد ].

8- إن ذكر الله بأسمائه الحسنى منهج تربية للإنسان، وسنعود إلى ذلك مرة أخرى لنرى ما استملت عليه هذه الأسماء من الجلال والجمال والكمال وكيف تتجلى على الإنسان في عمله الذي يعمر به الكون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.